|
عرار:
صدر مؤخراً للكاتب والشاعر رامي أبو شهاب مجموعته الشعرية الجديدة بعنوان «أما فلسـتـ (من) طين» عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. وكما يبدو من عنوانها فإنها تحمل شكلا من أشكال الإفادة من اسم فلسطين، في بيان العلاقة الجدلية والمتوترة للإنسان الفلسطيني الذي يقيم في الشتات، وهو بذلك يعبر عن قطاعات كاملة من الشعوب التي تعرضت للتهجير والنفي والاقتلاع. المجموعة جاءت في قصيدة واحد طويلة ضمن (94) صفحة في بناء درامي متعدد المستويات حيث يتتبع الشاعر في لغة شعرية بغية تصوير خلق الفلسطيني بوصفه قضية، كما يمضي معه في مراحل ومحطات متعددة من وجوده. تتسم المجموعة بمفردات وصور كامنة في المتخيل الذهني للاغتراب، والتنازع، وتشظي الهوية، والحب، ومسيرة الإنسان الفلسطيني في دول الاغتراب، مع محاولة التودد للأمكنة بغية الاعتراف بالوجود، فضلاً عن محاولة ترميم الهوية، وعكس مفهوم الفلسطيني في عالم بدا متحولاً مما يحمل أسئلة وجودية فيما يتعلق بوجوده في هذا العالم، والنظر له بوصفه كائنا إشكالياً يُواجه بالرفض في بعض الأحيان، أو التشكك، وفي بعض الأحيان يبدو مؤسطراً مما يفقده الصيغة الإنسانية، والخروج به من المدى الطيني الذي تكون منه، إلى تشكيل حائر وبيني …. فالفلسطيني بات كائناً ربما لا ينتمي إلى الكائنات الإنسانية حيث تحول إلى حالة بحد ذاتها، لقد تحول إلى فلسطيني فقط . يشار إلى أن رامي أبو شهاب شاعر، وناقد، أصدر مجموعته الشعرية الأولى عام 2008 بعنوان «عدت يا سادتي بعد موت قصير» عن دار فضاءات للنشر، كما أصدر العديد من الكتب التي نالت تقديرا واهتماما كبيرين ومنها « كتابه الرسيس والمخاتلة خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي » الحاصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب 2014، وكتاب في الممر الأخير سردية الشتات الفلسطيني 2017 . من أجواء المجموعة نقرأ: سمعتُ صوتاً من خلف الظّلال آنَ الأوانُ كي تُغادرَ … ولتتركْ للنادل- إن أحببت – شَيْئاً مِنْ المَال يحقّ لك أن تصحب معك بَقِيّة روحك إن شئتَ ولكن احذرْ إذا ما خرجتَ للشّارع أنْ تَقْطفَ وَرْدَةً مِنْ الحَدِيْقَة العامة كي لا تَخْدش حَياءَ المَدِيْنة يحقّ لك أن تعبَّ شيئاً من الهواء وبعد … ذلك … يمكنك أن تستقلَ الحافلة الأخيرة وتمضي….. كلُّ ذلك كانَ قبلَ السّقوط * يحقُّ لك أن تجيبَ غير أنّ الإجَابَةَ… لا تَعْني أنْ تَكونَ خَائِناً لَكَ، أَو لَهُ إنّمَا لِلأرْضِ الّتِي أنْجَبتْك أَوْ للفَرَاغِ … * هذا الوطنُ لا يَسعكَ للحُب عُيونُ الجميلةِ… تَمشي إليكَ فوقَ الدّبابيس أو على الحُروف لا صوتَ تَراهُ في العَتْمةِ تكسركَ كحبة جَوزٍ تضعكَ على فَخْذيها تَغمِسكَ بمرْودِ كُحلها ومَع رَعْشةِ الصّباح الأولى تحلّ شَعرَها إذْ تُصْبحُ عَرُوْساً هي قُرْبَان الرّقصِ الأَزَلي… في أوْرشليم سَمراءُ جميلة تَركوها نَاطورةً للجُثث لوّحتها الشّموسُ وهل هنالكَ أجمل من الّذين تلفّحوا بِبياضِ الغَمام الهَشّ! أشهى من دفءِ القُبلة على الشّفتين ذاك الأثرُ الذي يستعادُ بعد أنْ تنَقضيَ الخطيئة قالتْ لهُ: أهواكَ يا موتُ فادنُ قبلَ أن تَصْمتَ في وَجْهِ ظنّي لأنهُ يُصْغِي إِليْكَ ويتعلم الحَياةَ؟ الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 06-01-2019 09:19 مساء
الزوار: 1084 التعليقات: 0
|