يتساءل كثيرون ما الذي ستقدمه صفقة انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي والتي تصل تكلفتها لأكثر من 200 مليون دولار سنويا، وأيًا كانت التكهنات والتقديرات فإن هذه الخطوة تعتبر بلا شك حركة جريئة لم يسبق لها مثيل في عالم الرياضة بمنطقة الشرق الأوسط خصوصاً وأن كريستيانو رونالدو واحد من أهم لاعبي كرة القدم عبر التاريخ، وأكثر من سجل الأهداف في تاريخ اللاعبين الدوليين برصيد 118 هدفا، والهّداف التاريخي لبطولة دوري أبطال أوروبا برصيد 140 هدفاً، كما حصل على خمس جوائز كرة ذهبية، وهو أحد اللاعبين القلائل الذين شاركوا في أكثر من 1100 مباراة احترافية.
وسط ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة لهذه الخطوة، اعتقد أن فكرة ضم كريستيانو رونالدو ليس لهدف رياضي بحت أو حتى لتحسين مستوى اللعب في نادي النصر فقط، ولا اعتقد أن السعودية تكتفي بالنظر لما تحت قدميها خصوصاً وأن أي ناد رياضي لا يمكن أن يعتمد على لاعب واحد بغض النظر عن قدراته، فالفوز يحتاج إلى منظومة متكاملة من لاعبين ومدربين وامكانيات ومتابعة، ولكن إذا اتسعت الرؤية قليلا يمكن أن نستشعر أهمية ما ستحدثه هذه الصفقة للسعودية إذا تم استغلالها بشكل صحيح سواء من النواحي الاستثمارية والسياحية والاقتصادية ناهيك عن الدور الأكبر الذي ستلعبه في الدعاية للسعودية إذا ما تم وتحقق مشروعها المنتظر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2030.
إن انشغال وسائل الإعلام العربية والدولية ومنصات التواصل الاجتماعي بوصول رونالدو للسعودية قبل ساعات من وصوله، وتجاوز عدد طلبات التذاكر لحضور الحفل الجماهيري لاستقباله باستاد مرسول بارك التي تجاوزت الـ 140 ألف شخص رغم أن السعة الاستيعابية للمدرجات لا تزيد على 25 ألف شخص، بالإضافة إلى ارتفاع القيمة السوقية لنادي النصر السعودي بنسبة 34 % بعد تعاقده مع رونالد حيث وصلت القيمة السوقية للنصر إلى 79.10 مليون يورو وذلك حسب موقع «ترانسفير ماركت» الشهير والمختص في قيمة وأسعار اللاعبين والأندية، والتقارير التي تفيد بأنه تم جني ما يقارب الـ 200 مليون ريال من مبيعات قميص رونالدو، ما هي إلا مؤشرات مبدأيه تدعم فرضية أن هذه الصفقة عبارة عن مشروع استثماري عملاق سيجعل من المملكة العربية السعودية قوة مؤثرة وذات حضور عالمي مهم.
إن بلدا مثل السعودية وقبل أن يقدم على هذه الخطوة، لا بد أنه أدرك أهمية وجود شخصيات بحجم رونالدو في محيطها ويعلم جيداً بأنها صفقة العمر، خصوصاً وأن كثيرا من متابعي هذا اللاعب حول العالم ستنفتح شهيتهم للاطلاع والبحث أكثر عن هذا البلد الذي استقطب لاعبهم المفضل سواء بزيارة السعودية أو البحث عن طبيعة الحياة فيها، ما يؤهلها لتقديم نفسها للعالم والتسويق لجودة الحياة فيها وقدرتها على استيعاب الآخرين وجذب اهتمام الإعلام والمستثمرين بالمحصلة، وعلى المدى البعيد سيترسخ حضور هذه الدولة في ذهنية العالم ما ينعكس إيجابياً عليها وعلى تطورها ونموها بالإضافة إلى إمكانية وجودها ضمن مصاف الوجهات العالمية السياحية.
ناهيك عما أحدثه حضور عارضة الأزياء الأرجنتينية الإسبانية جورجينا رودريغيز شريكة رونالدو إلى السعودية ومحاولتها تعّلم إلقاء التحية باللغة العربية، في غرفة تغيير ملابس النصر، مع مذيعة عبر مقطع فيديو، قالت فيه: «هلا مرحبا». بالإضافة الى حضورها إلى الملعب وهي ترتدي «العباية» وفق العادات والتقاليد، الأمر الذي يعتبر شيئاً إيجابياً وتمهيداً صريحا لاحترام وتقبل العادات والتقاليد العربية لهذا البلد، بالإضافة إلى ما تحدثه التغطية الإعلامية العالمية لتفاصيل حياتها اليومية في السعودية مما يساهم بالتسويق ولو بشكل غير مباشر لطبيعة الحياة في السعودية.
إن انتقال البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى السعودية صفقة تاريخية جعلت المملكة السعودية محط أنظار العالم، طريقة أخرى للتفكير خارج الصندوق، وسواء نالت التأييد أو المعارضة فالأيام القادمة ستثبت نجاحها من عدمه.