وهذه الموسوعة هي في الأساس ثمانية أجزاء في تسعة مجلدات، وقد ارتأى المركز العربي للأبحاث أن يرفدها بمجلدٍ عاشر كتبه دالمان عن القدس، فأصبح مجموع المجلدات عشرة.
استغرق تأليف هذا الكتاب نحو أربع عشرة سنة، فيما صرف المؤلف غوستاف دالمان نحو عشرين سنة في جمع المعلومات وتدوينها ومطابقتها على الواقع الجغرافي حتى تمكّن من تأليف كتابه القدس ومحيطها الطبيعي.
وكان المجلد الأول من هذا الكتاب قد صدر في سنة 1928، ثم صدر الجزء الثامن الأخير في سنة 1942، أي بعد وفاة دالمان بسنة واحدة.
وتكمن أهمية هذا العمل في أن المؤلف الذي عاش في فلسطين بين عامي 1899 و1917 لم يكن على غرار المستشرقين والرحالة واللاهوتيين والمستكشفين الآثاريين الذي كانوا يترددون على فلسطين لفترات محدودة، ثم يعودون إلى بلادهم لإلقاء محاضرات أو لكتابة مقالات وصفية عن رحلاتهم، أو لتقديم تقارير إلى المؤسسات العسكرية أو الاستخبارية. فدالمان شُغف، أيما شغف، بالقرى الفلسطينية وحياة البدو وطرائق العيش التي أتقنها الفلسطينيون في مدائنهم وقراهم وبواديهم، فكان يجول في الأمكنة، وينام في بيوت الفلاحين وخيام البدو. وتمكن من جمع معلومات ثرية جدًا عن الحياة في فلسطين، واستطاع أن يعقد صلة متينة بين الماضي والحاضر، وبين الجغرافيا والآثار والإثنولوجيا والحياة اليومية للسكان.
ويتضمن الكتاب كل ما تلحظه عين الباحث المراقب في فلسطين في تلك الفترة، بدءًا من فصول السنة وما يرافق ذلك من رياح وأمطار وحرث وغرس وزراعة وحصاد، علاوة على التقاويم والمواسم والأعياد والاحتفالات والترفيه والأغاني والموسيقى وطقوس العبادة والموت والأعراس.
وتزدحم في هذا السفر بمجلداته العشرة مئات الصور التي تُعد اليوم وثائق بصرية تكاد تنطق بأحوال الزمان الماضي القريب. وقد تنكب مهمة هذه الترجمة مجموعة من المترجمين الذين أتقنوا الألمانية واعتنوا بمراجعتها وتدقيقها، وهم: محمد أبو زيد (المترجم الرئيس) وعمر الغول وفيوليت الراهب ومتري الراهب وجوزف حرب. وتولى عملية التحرير وضبط المصطلحات وتدقيق أسماء الأماكن والمواقع واللهجات المحلية صقر أبو فخر، فيما أنجز قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث الفهارس العامة (الأماكن والأعلام والجماعات)، فضلًا عن التوثيق.