عرار الإخبارية.. الزيارات(891 ):

تونس – «القدس العربي»: «مدن الفنون»، هو مشروع ثقافي أطلقته وزارة الثقافة التونسية بالمشاركة مع منظمات وجمعيات المجتمع المدني، التي تعنى بالثقافة وتطوير قدرات الشباب، ويهدف الى جعل الفن والابداع قريبا من الشارع التونسي في اطار تفعيل التشاركية واللامركزية الثقافية ومن أجل تحرير المبادرات وتصورات المبدعين والانتقال مباشرة للنهل من ينابيع الابداع التي تحفل بها البلاد.
على مدى ثلاث سنوات تقريبا حطت قافلة «مدن الفنون» في مختلف ولايات الجمهورية من بنزرت الى أقصى الجنوب التونسي، ولئن كان موضوعها الأساسي هو تعزيز الحراك الثقافي في الجهات التي لطالما عانت من الاهمال إلا أنها ساهمت أيضا في ايصال صوت المبدعين الشباب في كل الجهات الى المركز والعاصمة التي لطالما احتكرت جل التظاهرات الفنية والثقافية الكبرى.
تضمن برنامج «مدن الفنون» لقاءات حوارية بين المسؤولين في وزارة الثقافة والشباب مباشرة وكذلك المسؤولين عن عديد الجمعيات الثقافية والشبابية، وكان الهدف هو دراسة كيفية ابعاد هذه الشريحة الفتية عن خطر التطرف والارهاب فكان العنوان الاساسي «بالثقافة والفن نحارب التطرف والإرهاب».
ازدانت الساحات العامة في المدن بالألوان المبهجة وتحولت الى منابر للقاءات الثرية والعروض الفنية المنوعة في هذا السياق تقول الصحفية والمستشارة في وزارة الشؤون الثقافة سيماء المزوغي في حديثها لـ «القدس العرب» إن الوزارة تعمل من خلال برامج الحكومة الثقافية على جعل الثقافة محرّكا أساسيا لتقدم المجتمع وتطوره لأنه من البديهي أن الثقافة والإبداع يلعبان دورا أساسيا في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، دون أن ننسى العمل على دمج الثقافة في الدورة الاقتصادية والاجتماعية بشكل حقيقي وإنشاء منظومة من آليّات التكامل مع مختلف الوزارات المعنية، وخاصة تلك المكلفة بالتنمية الاقتصادية والاستثمار والتجارة والسياحة وتكنولوجيات الاتصال والتجهيز وغيرها بهدف تطوير الصناعات الثقافية والاقتصاد الثقافي الرقمي ووضع الموارد التراثيّة في خدمة التنمية».
وأضافت: «هذا البرنامج في الحقيقة مستمد من مبادئ الدستور، الذي يضمن الحق في الثقافة للجميع، ويجعله واقعا يوميا عاما وشاملا، ما يدفع لبناء ثقافة مواطنية من خلال الديمقراطية التشاركية، وما يكرس اللامركزية الثقافية والحوكمة المحلية في الشأن الثقافي، وفي ذلك اعتمدت الوزارة على العديد من البرامج الوطنية على غرار، البرنامج الوطني تونس مدن الفنون، والبرنامج الوطني تونس مدن الحضارات، والبرنامج الوطني تونس مدن الآداب والكتاب، والبرنامج الوطني للمبادرة الثقافية والصناعات الإبداعية والتجديد التكنولوجي والاقتصاد الثقافي الاجتماعي والتضامني، والبرنامج الوطني لجيل شاب من المستثمرين والمبدعين».
وحسب المزوغي فان الأرقام خير دليل على هذه المعطيات، فإلى حدود السنة الماضية وحسب، تم تنظيم أكثر من 24 ألف تظاهرة و106 آلاف نشاط، استفادت من هذا المهرجانات بكامل تراب الجمهورية والمؤسسات والفضاءات الثقافية العمومية، إضافة إلى الفضاءات الثقافية الخاصة، والمبادرات الجمعياتية والمبادرات الفردية، لأنّ الهدف من وراء وضع البرنامج الوطني «تونس مدن الفنون». وفي هذا الإطار وجد الفاعل الثقافي وخاصة الشباب، فضاء لترجمة إبداعاتهم وتحقيق مشاريعهم الثقافية، من ذلك نرى ولادة العديد والعديد من الفضاءات الثقافية الخاصة في كل ولايات الجمهورية، ونرى إقبالا كبيرا من الجمعيات الثقافية لإسناد مشاريعها وبرامجها. فالثقافة ينتجها الفاعل الثقافي والمجتمع المدني وتسندها الدولة. ولا ننسى كذلك في إطار مدن الفنون تمّت برمجة ليالي الجهات في مدينة الثقافة وهي مناسبة تريد أن تعرّف بالمخزون الثقافي والحضاري لكل ولاية من ولايات تونس للعموم.
ولم تقتصر على هذه البرامج فحسب إنما أرست العديد من المواسم الثقافية على غرار موسم الثقافة الجزرية، وموسم الثقافة العمالية، وموسم الثقافة بين الحدود، وموسم ثقافة الجنوب والصحراء، كما أنها راهنت على الثقافة المندمجة والتضامنية أي الأنشطة الموجهة إلى ذوي الاحتياجات الخصوصية والمساجين وكبار السن والمرأة الريفية والأحياء ذات الكثافة السكانية.
ويشتمل البرنامج الوطني «مدن الفنون» على إحداث وتنشيط ساحات الفنون كل جهة من جهات الجمهورية دون استثناء ويرتكز أساسا على إحداث البرامج السنوية لمدن الفنون بكل جهة وتنشيط الساحات ودعم روح المبادرة في مختلف المشارب الثقافية، بالإضافة إلى تمويل الجمعيات لبعث مشاريع ثقافية ذات قدرة تشغيلية عالية في قطاعات الثقافة والفنون والتراث بالاستناد إلى مبدأ التمييز الاجتماعي للجهات الداخلية وللإحياء ذات الكثافة السكانية العالية ودعم الاستثمار الثقافي.