خاص بوابة عرار : في ظل تفعيل احكام قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 اجد بأن نصوص الدستور الأردني لسنة 1952 وتعديلاته وكذلك قانون المحكمة الدستورية الأردني لسنة 2012، قد خصّت المحكمة الدستورية بالرقابة على القوانين والأنظمة النافذة ، وبالتالي فان قانون الدفاع الأردني لسنة 1992 هو محلاً للطعن بعدم دستورية نصوصه واوامر الدفاع الصادرة بموجبه ، والتي هي 6 اوامر دفاع التي صدرت لغاية تاريخه، بما فيها النصوص المتعلقة بالقيود الواردة على حقوق الإنسان في هذه المرحلة، لذا فإن فاعلية المحكمة الدستورية من حيث الرقابة على دستورية نصوص قانون الدفاع إنما تتجلى في ايامنا هذه نظراً  للظروف الحالية المتعلقة بالوباء العالمي فايروس كورونا (covid-19) الذي اقتضى تفعيله.

      وعليه وحيث تم تفعيل ذلك القانون فتكون مهمة المحكمة الدستورية صعبةً للغاية من حيث التوفيق بين مقتضيات تفعيل نصوصه واوامر الدفاع الصادرة بموجبه وبين طبيعة النصوص المقيدة لحقوق الإنسان،  بحيث يقتصر عمل المحكمة الدستورية عندئذ للبحث فيما إذا كانت ثمة نصوص واوامر في ظل قانون الدفاع لا تقتضيها حالة الطوارئ المعلن عنها في المملكة، أو فيما إذا كانت النصوص الواردة في ظل قانون الدفاع تتعارض مع جوهر تلك الحقوق وأساسيتها، فحقوق وحريات الأفراد مصونة بموجب أحكام الدستور، ولا يسوغ انتهاكها حتى في ظل الظروف الطارئة، حسب ما جاء بنص المادة (128/1) من الدستور الأردني لسنة 1952 وتعديلاته التي تنص على أنه: " لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها".

      ومن المواضيع التي اجد أنها جديرة بالطرح هي مدى دستورية الإجراءات والقرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية في ظل حالة الطوارئ، لاسيّما تلك التي تحمل تأثيراً صارخاً على حقوق الإنسان وحرياته، وهل تندرج أعمال السلطة التنفيذية تلك تحت إطار رقابة المحكمة الدستورية أم لا؟! 

      وبصدد الإجابة على هذه التساؤلات، اجد أن نصوص قانون المحكمة الدستورية قد حَصرت الطعن بعدم الدستورية بمواد القوانين والأنظمة النافذة، وعليه فإن الإجراءات التي تتخذها السلطة التنفيذية في ظل تفعيل قانون الدفاع سواء بموجب تعليمات أو أوامر مباشرة أو غير مباشرة، إنما لا تندرج تحت إطار رقابة المحكمة الدستورية وفقا لصريح النصوص الدستورية، الأمر الذي يضفي المشروعية على أعمال السلطة لتنفيذية ويكُف يد الرقابة القضائية على تلك الإجراءات والتعليمات، مما يتوجب إعادة النظر بالنص الدستوري ونصوص قانون المحكمة الدستورية ابتداءً بإدراج التعليمات على اقل تقدير ضمن منظومة عمل المحكمة الدستورية، لاسيّما وكونها تندرج تحت إطار الهرم التشريعي، وان يتم إعادة صياغة عبارة "التدابير والإجراءات" التي وردت على وجه الإطلاق في ظل قانون الدفاع لسنة 1992، وكذلك مفهوم "الأوامر الخطية" المنوطة برئيس مجلس الوزراء، على نحو يحدد طبيعتها القانونية، وآلية إصدارها على وجه التعيين، بما هو كفيل بتفعيل رقابة المحكمة الدستورية على مدى مشروعية تلك التدابير والإجراءات ودستوريتها، وذلك من خلال اقتضاء اتخاذ تلك الإجراءات بموجب تعليمات أو أنظمة، وإدراج التعليمات ضمن المواد القابلة للطعن، بما يحقق الغاية من تفعيل قانون الدفاع، وبما يحقق حماية ناجعة لحقوق الإنسان في ظله.

      ومن المسائل التي تثير الجدل حول رقابة المحكمة الدستورية في ظل حالة الطوارئ التي يقتضيها تفعيل قانون الدفاع الصادر في العام 1992، هي أن من ضمن الصلاحيات الممنوحة للسلطة التنفيذية بموجب ذلك القانون تعطيل القوانين، لاسيّما والذي قد يكون واحداً منها قانون المحكمة الدستورية!!! الأمر الذي يتيح للسلطة التنفيذية تعطيل أعمال المحكمة الدستورية في ظل حالة الدفاع وسلبها اختصاصاتها، واجد أن أعمال المحكمة الدستورية لاسيّما منها المتعلقة بنظر الطعونات المتعلقة بعدم دستورية القوانين، إنما لا يجدر أن يتم تعطيلها في ظل حالة الدفاع لأي سبب كان، وبالتالي فانه يتوجب تعديل النص الدستوري وقانون الدفاع الصادر بالعام 1992 على هديه، بما يكفل استمرارية عمل المحكمة الدستورية في أي ظرف تمر به الدولة، وبالتالي تفعيل أهم الضمانات الواردة على حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ. 

حمى الله الاردن وطناً مستقراً ترعاه عناية الرحمن، وحمى الله قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية وكوادرنا الصحية بكافة تخصصاتها في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم.

والله ولي التوفيق،،

المحامي ماجد ابراهيم الدباس