عمان : د. مهند غازي الزامل

تعدّ مجموعة الرِّفاق أو « الثُلة « قنطرة عبور بين الأسرة والمجتمع الكبير. ويتحمَّس المراهق عادة ًإلى هذه الصُّحبة، وينتقد بشدِّة من هم خارج هذه الثلة...

إنه يتحمّس للفريق، والنادي، ويُستحب لتأثير الصحبة والقرناء أكثر تأثره بالكبار، فقد يتعلّم منهم المعايير السلوكية، والحياة العملية، فيما لم توفره له المدرسة والأسرة من معلومات وخبرات.

والمراهق في هذه المرحلة، يميل مَيْلًا عارمًا للتحرر من قيود الأسرة، ويجنح نحو الاعتداد بنفسه.. ويتوق إلى الاستقلال المُفرط.

يُريد أن يُقرر أموره بنفسه دون تدخل والديه، وأن يختار أصدقاءه وملابسه ومطالعاته بنفسه. وتشتدُ حاجته إلى الانتماء إلى جماعة رياضية، أو اجتماعية، أو ثلة من الشباب تجمع بين أفرادها هواية ًمعينة، أو حيٍّ واحد، وذلك لشعوره أنّ الجماعة تُرضي ما لديه من حاجات نفسية كثيرة، لا يُرضيها البيت والمدرسة.

لذلك فهو يسعى إلى الاندماج في واحدة منها، يَفرُغ عليها ولاءه واحترامه لقوانينها، حتى قيل : إنّ المراهق مرحلة فطام، من السُّلطان الفردي للأب والمدرسة إلى سُلطان الجماعة.

والحقيقة : تعتبر الرفقة مطلبًا نفسيًّا، لا يستغني عنه الإنسان وخاصة في مرحلة المراهقة... والمراهق يستوحش كثيرًا من العُزلة، ويمقتُ الإنزواء والإنطوائية، ما لم تلجؤه إليه ضرورة، أو ُيفرض عليه فرضًا، فهو يحسّ بحاجة داخلية مُلِّحة للالتقاء بأصحابه وأبناء مرحلته، ويشعر أنهم يمدونه بزادٍ نفسيٍّ لا يُقدِّمه له الكبار، أو الأطفال..

والرِّفقة وسيلة من وسائل التنافس وإثبات الذات، والمنافسة تعتبر مظهرًا من مظاهر العلاقات الاجتماعية في مرحلة المراهقة.

إن المنافسة الصحية تُثري حياة المراهق، وتُبرز ذاته وقيمته في نظر الجماعة، أمّا المنافسة غير الصحية فإنّها تؤدي إلى المُعاناة والتوتر والضياع.

إنّ أخطر ما يُهدد حياة المراهق أن يُدفعَ دَفعًا إلى أن يُصبح صورة طبق الأصل من نماذج مُحددة جامدة، وأن يُحدَّدَ له ماذا يقول، وماذا يلبس، ماذا يحب وماذا يكره، ومن يُصادق... إنّ هذا يُعتبر موتًا اجتماعيّا، ومحوًا لذات المراهق..

..... احذروا المراهق