لدينا صور للاسف لا نحاول حتى تغييرها أو المساس بما تحتويه من مفارقات كبيرة “دعوها فإنها منتنة” حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، والذي يردده الكثيرون للأسف ويعملون خلاف ما يقول. والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن إلا خير العرب، وقال إنه من قريش، وأنه ينتمي إلى خير من مشى على ظهر الأرض من الأنبياء. هذا لو نظر إليه الناس نسبًا عليه الصلاة والسلام، لكنه كان يقول انا ابن امرأة تاكل القديد، ولم يرَ في خلقه أي صورة من صور التعالي.
كل الناس بهم خير ولكن للأسف طغت العنصريو والقبلية علينا، حتى عدنا إلى أن ننتمي لبعضنا عن طريق أصولنا والقبلية. أنا أعلم أنه شيء في النفس، ولا يستطيع الانسان أن يخل به سواء شريف أو وضيع، ولكن لنحاول أن نتجاوز المستوى الاجتماعي والثقافي الذي أسرف به العديد من المثقفين للأسف.
أنا لست ضد بل لكل منا أصل وعرق ينتمي له، وأنا كذلك لكنني أقف بحذر شديد ليس لأن هذا الأمر يعتبر فيه إخلال بوضوح الانتماء لقبيلتي أو لأصلي وعائلتي، ولكن لأن هذا الأمر يدفع إلى انحدار لمستوى المبالغة في التعالي، والنَاس كلهم بهم خير، وهم إلى خير
ونخاف أن نسقط في ذنب لا نقصده أو مهاترة لا يرتقي فكرنا إليها.
أنا معك أخي وأختي في كون الإنسان يحب أن يرجع لمن ينتمي لهم أصلًا، ولمن يعرف بهم فصلًا، ولكن لا يتعدى المستوى العام ولا يذكر مفاخر قبيلته وأصله لأن هذا مدعاة لأن يفتخر المقابل بذلك، ونبقى في عصبية قبليه تأتي بأحقاد ورغبة في التعالي لكل منا، ونتجاوز محبتنا لإخواننا على أن نذكر له مفخرة وهذا شرعًا لا يجوز.
نحن لا نعيش في كوكب آخر، ونعلم تركيبة مجتمعنا إلى أي مدى يصل رجالًا كانوا أو نساء، لنعبر هذا الخلل في سبل التعالي لكل قبيلة. نحن نعم نعتد بقلبيلتنا. نحن نعم نفكر بهويتنا. نحن نعم ننتمي أيضًا لدولتنا. لكن لدينا قدوه ولدينا اعتدال في عقيدتنا الوسطية التي لا تتجاوز الأخذ بالصحيح والواضح والجلي.
إذا كان محمد عليه الصلاة والسلام يقول إنه من قريش، ومع هذا وهو يعلم نسبه يقول: “لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح”، النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وهو الذي لا ينطق عن الهوى يقول هذا في وقتٍ كان الناس أشد تمسكًا بنهج القبيله والعصبية، بصورة تكاد تفني أقوامًا بسبب تعاليهم بنسب، ومع هذا يخبرنا أن ندعها لأنها منتنة.
ثم تعال يا أخي ويا أختي، التمسك بمنهج القدوة جميل، ونهج الآباء والأجداد أجمل، ولكن في ماذا؟! بالقيم بالأخلاق بالصدق بكلمة صحيحة بينة لا تراجع عنها إن كنت على حق. أيضًا خذ نهج القبيله بخلقك الكريم، ليقول الناس هو ابن ذاك، ولا تنتظر من خلال خلقك أن يحرك الناس رؤوسهم، وهم يقولون والله إن أباه وجده كانا على خير في الصلاح، والحق ولعله جنوح في النسب.
نعم النسب والقبيلة تعني النخوة والشهامة، وعرقك الطيب لا تفخر به بل هو من يفخر بك. ابن فلان هو هذا الشبل من ذاك الأسد، وعرقك يعني خلقك وما تحليت به وما أخذته من منهاج أبيك وجدك، وليس كما نرى عقليات سخيفة وفكر تافه، وكل ما لديه فخر بالنسب الذي لم يصنعه هو. فأنت أتيت إلى الدنيا، وقد ميزك الله به، ما ذنب الآخرين إن كانوا غير مميزين أو فضلهم الله بمميزات غير هذه؟ أرنا ماذا أعددت لتكون ابنًا مميزًا لفلان ابن فلان أو لجدك وأبيك.
لا تقل لي كان جدي وكان أبي قل أنت ما هو منهاجك. نعم ليس من شأني ربما! فقط اسال نفسك هل استحق أن أكون ابنًا لذاك أو لتلك القبيلة، إن كنت تستحق وسيرتك ونهجك كما تريد أن تذكر وتنسب فإذًا بيض الله وجهك، واستمر فأنت حقًا يحق لابنك وليس لك ان يفتخر بنهجك ويسير بخطاك الصحيحة طبعًا.
من خلال طرحي هذا قد يظن البعض أن هذا الطرح يشمل أناسًا بعينهم. لا يا اخي بل ربما يخصني أنا وهذه قناعات لفكر صحيح انتهجه، كيف نخلص المجتمع من قناعة هو مؤمن بها. الصغير قبل الكبير، لا نقول له لا تعتد بل نقول له كن أنت من يتأسى أهلك بك وأبنائك بنهجك.