«سعيا إلى طرد الضجر وليس الجوع، اهتدى خميس أورويل إلى حيلة حاول من خلالها كسر الروتين القاتل...» بهذه العبارة بدأ محمود الرحبي قصة «من يوميات خميس أرويل» التي هي إحدى قصص مجموعته الجديدة «ثلاث قصص جبلية»، الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن بالتعاون مع الجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء، وجاءت في سبع وسبعين صفحة من القطع المتوسط. هذه المجموعة التي تنوعت رؤاها وأساليبها، قصدت إلى أن تدفع بدورها الضجر عن قراء القصة المعاصرة، فحافظت على القالب، لكنها أمتعت القارئ، وتحركت به، عابرة حواجز الزمان والجغرافيا في آن معاً. في الجزء الأول الذي حمل اسم المجموعة نفسه «ثلاث قصص جبلية» سرد محمود الرحبي قصصاً تنتمي إلى التراث الإنساني (قصة المارد الذي خرج من القمقم ثم عاد إليه بسبب غبائه، وقصة العابد الذي باع سنوات عبادته من أجل شربة ماء منحها إياه الشيطان، وقصة الرجل الكريم الذي أراد الانتحار يأسا من الحياة) غير أنه صاغها في قالب لغوي رشيق، وتصرف في تفاصيلها مانحا إياها روحا تليق بالعصر الذي تنتمي إليه مجموعته القصصية. ثم شرعت القصص تتنوع، بدءاً من «يوميات خميس أورويل»، و»سفنكس الخفي»، و»سر رسالة الضحك»، و»قهوة نورمال»، و»من تجليات جاري»، و»أطفال وطيور»، وصولا إلى «المحارب في غرفة الطبيب». ولعل ما ميزها بالإضافة إلى اللغة الرشيقة والأسلوب السهل الممتنع، هو قدرة الرحبي على السخرية في المواضع التي تتطلب ذلك، وربط هذه السخرية بالواقع الاجتماعي والسياسي، في إسقاط بارع تجلّى على سبيل المثال في «يوميات خميس أورويل»، أو تجسيد عدد من المواقف المضحكة المستمدة من أحداث حقيقيّة بأسلوب قصصي بديع كما في «سر رسالة الضحك»، ثم طرق قضايا إنسانية يومية يتحول فيها العادي إلى استثنائي، بحسب الاقتباس الذي أخذه الرحبي عن تشارلز ماي في بداية الكتاب، والذي نجح فيه الرحبي خلال هذه المجموعة نجاحا لافتا. يذكر أن محمود الرحبي كاتب عماني من مواليد 1969، حاصل على شهادة الماجستير في الأدب من جامعة محمد الخامس في الرباط، والماجستير في الإعلام من تونس. صدر له في القصة: اللون البني (1998)، بركة النسيان (2006)، لماذا لا تمزح معي؟ (2008)، أرجوحة فوق زمنين (2011)، ساعة زوال (2012)، مرعى النجوم (2015)، لم يكن ضحكا فحسب (2017)، حديقة السهو (2018)، صرخة مونش (2019). «عندما تورق الكلمات»، هي المجموعة القصصية الثانية من ورشة في أساسيات الكتابة القصصية التي أشرف عليها فريق ورشة الكتابة بدعم المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار العمانية. صدرت المجموعة التي تشتمل على 13 قصة، وتقع في 108 صفحات من القطع الوسط عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان، وأشرف على إعداد الكتاب القاصان: نصر سامي وإشراق النهدي. استُهل الكتاب بكلمة لفريق الورشة ثمّنوا فيها الدعم والتشجيع للوصول بأعمالهم للتحقق، لافتين أن هذا العمل هو ثمرة من ثمرات العمل الدؤوب والمستمر الذي يتحقق في جميع المجالات الثقافية في سلطنة عُمان. كما اشتمل الكتاب على كلمة لمعدّي الكتاب على الغلاف الأخير أشارا فيها إلى أن «الورشة» سيصدر عنها الكتاب الثالث بعنوان «أبجدية أولى»، فضلا عن كتابين ضمن كتب الناشئة، وأخرى منفردة لأعضائها. وأكدا أن هذه التجربة جديدة وجدية وغير مسبوقة، يقترن فيها التدريب بالتطبيق والعمل، ملمحين إلى ما تمتاز به التجارب من قلق الكتابة التي تبحث عن آفاق، وما يحيط التجربة من فرح الاجتماع وتبادل الخبرات والتواصل بين الكتّاب من الأعمار والاهتمامات والجنسيات المتنوعة. المجموعة في جزئها الثاني شاركت فيها إشراق النهدي، ثمنة الجندل، دلندة قاسم الزغيدي، علا العمري وسلمى سهيل المعشني. شاركت النهدي في ثلاث قصص، هي: «عمى الطين»، «حلم مستكشف» و»أمواج ريسوت»، وشاركت الجندل في مثلها عددا بـ»نهاية الشعر الأبيض»، «نزيف إشارة المرور» و»المروءة لم تمت». ومثلهما شاركت الزغيدي ب»خيوط متناثرة»، «ما ينقب عين الغراب كان أخوه» و»هيلينا».وشاركت العمري بثلاث قصص، وهي: «قرية الضحك»، «التين والزيتون» و»والنازعات غرقا»، بينما شاركت المعشني بقصة واحدة بعنوان»بيد الخير». الجامع بين غالبية النصوص القصصية في الكتاب أنها كتبت في مناخات الورشة، وضمن مواسمها، وذهبت في غالبيتها للاتكاء على الموروث بالإفادة من تقنياته الحكائية وموضوعاته الأسطورية. وتميزت الأساليب السردية بالتنوع الذي عززه غرائبيىة النصوص التي أفادت من الحكايات الشعبية المحلية، فضلا عن احتشادها بالمقولات والأمثال والنصوص الشعرية والمفردات المحلية التي تغني النص بمستويات حكائية مختلفة تنضاف للنص، ولتعدد المشاركات من جنسيات متعددة، العمري من الأردن، والزغيدي من تونس، فقد تنوعت المناخات السردية بأجواء منقولة من جغرافيات حكائية وسرود جديدة استطاعت الكاتبات تقديمها بطريقة مدهشة.