صدور كتاب “مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر”
عرار:
عزيزة علي
عمان- صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، كتاب بعنوان “مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر: منيف الرزاز، وقسطنطين زريق، وزكي الأرسوزي أنموذجًا”، للدكتور محمد عبدالقادر ربابعة. وهذا الكتاب هو الفائز بجائزة أمير دولة الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لأفضل بحث علمي في العام 2014. يقدم ربابعة في هذا الكتاب مقاربة تحليلية نقدية لمفهومَي شرعية السلطة ومشروعيتها، وما يتصل بهما من قضايا وإشكاليات، كما برزت في أعمال ثلاثة من مفكري نخبة القومية العربية: زكي الأرسوزي، وقسطنطين زريق، ومنيف الرزاز، في إعادة تذكير واحتفاء بما قدمه هؤلاء المفكرون من إسهامات جليلة في خدمة الفكر القومي، وتعميق الوعي بما تواجهه الأمة من تحديات مصيرية. يقول المؤلف في مقدمته للكتاب: “لقد عالج هذا الكتاب قضايا المشروعية لدى كل من: الرزاز والأرسوزي وزريق، من خلال الرجوع إلى كتاباتهم الفكرية الخاصة بهم والاستناد إليها، مع الاستفادة مما كتب عنهم أيضا، وذلك حسب مقتضى البحث، مع العلم بأن ما كتب عنهم في الأدبيات الفكرية الفلسفية المعاصرة نادر”. ويشير المؤلف في هذا الخصوص إلى أن كتاباتهم ما تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسة والبحث، لأنها زاخرة بالأفكار والرؤى الفكرية والفلسفية على حد سواء، ولم تنل حقها من البحث والتحليل بصورة كافية. وبالتالي بقيت أعمالهم غريبة عن كل الأجيال العربية التي وجدت في سبعينيات القرن العشرين وما بعدها، إذ حاول المفكرون الثلاثة تقديم رؤية فكرية، ومشاريع نظرية كبيرة، تساهم في حل المشكلات العربية المعاصرة منذ تلك الأيام. إلا أن الحال هذه الأيام ليست بأفضل من أحوالهم تلك. والجهد الكبير الذي قدموه لنا في حاجة إلى من يتذكره، ومن يعمل على إخراجه بصورة تليق بالفكر أولًا وبأصحابه ثانيًا. الكتاب جاء في أربعة فصول يجيب من خلالها عن الأسئلة المتعلقة بمشروعية السلطة في الفكر القومي، من خلال العرض والتحليل المستفيض والبحث في أسس هذه المشروعية ومقوماتها، كما برزت في فكر هؤلاء المفكرين القوميين الثلاثة. جاء الفصل الأول بعنوان: “السلطة في الفكر الفلسفي الغربي المعاصر”. وفيه تم البحث في مفهوم السلطة: طبيعتها وحدودها، ومشروعية السلطة من خلال الأسس والمصادر والمقومات، وأخيرًا الإشكاليات المتعلقة بمصادر البحث في مشروعية السلطة. أما الفصل الثاني، وهو بعنوان: “الدولة والسلطة في الفكر العربي المعاصر”، فاحتوى على جزأين، تم البحث في الجزء الأول في إشكالية الدولة العربية الحديثة من خلال المشكلات الفكرية الرئيسة، كمسألة الأصالة والمعاصرة، وملامح الدولة العربية المعاصرة. وتناول الجزء الثاني الدولة والسلطة وأزمة المشروعية في الفكر العربي المعاصر، من خلال بحث الدولة العربية بين الفرد والمجتمع، والدولة العربية بين ضعف الشرعية وغياب المشروعية. فيما جاء الفصل الثالث تطبيقا نظريا لقضايا مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر، من خلال بحثها وفق قضايا مشروعية السلطة. فتم بحث الحكم الديمقراطي ومعالم الحياة العربية الجديدة. والحقوق والحريات في مطالب المستقبل العربي. والمجتمع المدني ومؤسساته في الدولة العربية المنشودة. فيما جاء الفصل الرابع بعنوان: “مقاربة نقدية لمشروعية السلطة في الفكر العربي القومي المعاصر”، وتم بحثه وفق المحاور الآتية: رؤية لمشروعية السلطة في الفكر العربي المعاصر وفق طروحات كل من: الرزاز والأرسوزي وزريق، والمشروعية وفاعلية السلطة، والمشروعية ومأزق التطبيق الديمقراطي، والمشروعية: الضرورات والتحديات. طرح المؤلف في كتابه جملة من الأسئلة المحورية المهمة حول طبيعة الدولة العربية المعاصرة وهويتها وعلاقاتها وآليات عملها، ومدى شرعيتها ومشروعيتها من خلال المحَددات والمرجعيات التي تستند إليها هذه الشرعية وتلك المشروعية، ليخلص إلى أن هذه الدولة ما تزال تعاني، منذ ولادتها، أزمتي الشرعية والمشروعية، بدليل غياب دور الفرد “المواطن”، وهو الطرف الأساسي في معادلة العقد الاجتماعي، وضعف جوهر الممارسات الدستورية والقانونية، وتهميش حضور المجتمع المدني وقواه وهيئاته، ما أدى إلى انحسار الرضا الشعبي، وغياب التأييد العام للسلطة العربية وممارساتها. في خاتمة الكتاب يبن المؤلف أنه خرج بمجموعة من الاستنتاجات منها أن مسألة الشرعية والمشروعية وعلاقتهما بالسلطة أو الحكم تحتل أهمية بالغة في الفكر الفلسفي عامة، والفلسفة السياسية منه خاصة، ولا سيما في الدراسات والأبحاث المعاصرة التي درست فكرة الدولة المدنية الحديثة. وكان الفكر الغربي وما يزال، في الواقع، سباقًا في هذا المجال. ويوضح أن الفكر العربي المعاصر بعمومه يولي موضوع الشرعية جانبا مهما من كتابات الكثير من المفكرين العرب المعاصرين الذين تناولوا في بحوثهم مشكلة الدولة العربية المعاصرة، وعلاقة السلطة فيها مع الفرد والمواطن والمجتمع ومؤسسات الدولة، وقدموا أفكارهم التي تركزت في جلها على بحث أسس هذه الشرعية ومصادرها وضروراتها بالنسبة للسلطة الحاكمة. فإننا نجد أن موضوع المشروعية لم يلق اهتمامًا يذكر من لدن هؤلاء المفكرين كما هو الحال بالنسبة لموضوع الشرعية، وبالتالي فقد غاب هذا الموضوع أو كاد يغيب في كتاباتهم. ويشير ربابعة إلى أن السبب الرئيسي يرجع إلى أن المفكرين العرب كانوا يولون أهمية نسبية لفكرتي السلطة والدولة، من حيث أن تفكيرهم كان منصبا على الجهود التي تتصل بالتأسيس للدولة المعاصرة، أما ما يتعلق بالمفكرين القوميين، فبدا واضحًا أن مسؤوليتهم الفكرية انحصرت حول حدود التبشير أو التنظير لدولة الوحدة، الدولة العربية القومية، فكان المهم بالنسبة لهؤلاء هو قيام الدولة/ دولة الوحدة. يذكر أن مؤلف الكتاب د. محمد عبد القادر ربابعة باحث أكاديمي أردني متخصص في الفلسفة السياسية والفكر العربي، ومحاضر غير متفرغ في الجامعة الأردنية وجامعات أردنية خاصة، ومهتم بعدد من المجالات البحثية مثل: بيئة صنع القرار، والتحولات في النظام الإقليمي العربي، والمعضلة الأمنية عربيا وإقليميا. وشغل مناصب تنفيذية عدة منها: المدير المؤسس لمركز البشر للدراسات والتطوير الإداري، والمدير التنفيذي للجمعية الهاشمية لذوي الاحتياجات الخاصة من العسكريين، إضافة إلى مجموعة من المسؤوليات الإدارية والتعليمية والإعلامية والإنسانية في هيئات عربية وإقليمية. وله أبحاث أكاديمية عدة منشورة باللغتين العربية والإنجليزية.