|
عرار:
عمَّان يُعدّ «ديوان الصبابة» لشهاب الدّين أحمد بن أبي حَجَلة التّلمسانيّ المغربيّ، للمحقِّقين: خالد الجبر، وأحمد الشّيخ، من أهمّ مصادر الأدب العربيّ في موضوع العِشق، وهو تتويج لتآليف سبقَتْه منذ خصّص ابن قتيبة الدّينوريّ (276هـ) الجزء الرّابع من (عيون الأخبار) للنّساء، وحشدَ فيه أشعارًا طريفةً في العشق والغرام، وأخبارًا تتعلّق بهذا الباب. والكتابُ يجمع بين دفتيه أشعارًا في العشق، وقصصًا للعشّاق، مستشهدًا بفيضٍ من الأشعار، ومواقف من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والصحابة والتابعين، ومشاهير الشعراء عبر العصور، ويحشد من الأمثال والحكم ومواقف الفلاسفة والمفكرين والحكماء عبر العصور قبله كمًّا هائلًا. هذا إضافة إلى مقدّمة في العشق وأسمائه وأحواله وأطواره، ومنافعه ومضارِّه، وما قِيل في نشأته ونَمائه واستحكامه، ووسائل الخُلوص منه، ونهاياته الماتعة أو المُحزنة. ويأتي الكتاب الصّادر حديثًا عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردنّ في 644 صفحة، ويزخر بأشعارٍ في الحب والغزل والعشق، والحكايات اللطيفة المرويّة عن بعض الشعراء والأدباء، وأهل السّياسة والفقه، ممّن ذاع له صِيتٌ في هذا المجال، وتناقلت المصادر حكايته، خاصّة أولئك الذين استحكم العشقُ في عقولهم وتمكّن من قلوبهم، فآل بهم الأمرُ أحيانًا إلى الجنون، وأُخرى إلى الموت. يقول المحققان في مقدمتهما: «وهذا الكتاب المُعنَون (ديوان الصّبابة) من المصادر المتأخّرة المصنَّفة في هذا الباب من المعرفة؛ الحبّ والعشق والغرام والصّبابة وما تعلّق بها. وقد يتبيّن للقارئ فيه أنّ الرّجل لم يأتِ بجديدٍ إلّا في القليل النّادر، وإلّا فالإحالاتُ على مصادر مادّته في هوامش الصّفحات كثيرة تدلّ على أنّه جمع وصنَّف، وكان له فضلُ التّبويبِ والجمع والتّصنيف أكثر ممّا له في الإضافة. غير أنّه من هذا الجانب قد حفظَ كثيرًا من النّصوص الّتي لم نجِد لها مصدرًا مطبوعًا، بل لعلّ المصادر المخطوطةَ الّتي عادَ إليها ضاعَ بعضُها، وهو أمرٌ متوقَّع من مُؤلَّفٍ في العصر المملوكيّ الذي شهدت بداياتُه غزو المغول واقتحامَهم بغداد سنة 656هـ وإتلافهم مكتباتِها، واستمرارًا لغزو الصّليبيّين الممتدّ منذ سنة 490هـ حتّى خروجهم من عكّا سنة 692هـ وقد نهبوا كثيرًا من المخطوطات في المكتبات والقلاع والمدن الّتي احتلّوها. ولهذا فإنّ مثل (ديوان الصّبابة) يمثّل تأليفًا موسوعيًّا في بابِه، مع أنّه لا يتّسمُ بضخامة الحجم مثل (نهاية الأرب) للنّويري، أو (صبح الأعشى) للقلقشنديّ، أو (مسالك الأبصار) لابن فضل الله العمريّ». ويقول ابن أبي حجلة التلمساني في مقدمة الكتاب: «وَسَمَّيْتُهُ (دِيوَان الصَّبَابَة)؛ لِيُصْبِحَ الوَاقِفُ عَلَيْهِ مُدَلَّهًا، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَنَا لِلصَّبَابَةِ، مَنْ لَهَا؟ مَا يَعْلَمُ الشَّوْقَ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ ... وَلَا الصَّبَابَةَ إِلَّا مَنْ يُعَانِيهَا إِي، وَاللهِ: قَلَّمَا يَبْرَحُ المُطِيعُ هَوَاهُ ... كَلِفًا، ذَا صَبَابَةٍ وَجُنُونِ وَرَتَّبْتُهُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا وَخَاتِمَةً». والأستاذ أحمد الشّيخ هُو الإعلاميّ المعروف، صاحب القدم الرّاسخة في الإعلام والتّرجمة. وُلد في قرية جمّاعيل من أعمال نابلس سنة 1949م، وهي الموطن الأصيل لآل قُدامة الذين عُرفوا بمناوأتهم للاحتلال الصّليبيّ. خرّيج قسم اللغة الإنجليزيّة وآدابها في الجامعة الأردنيّة سنة 1972م، عمل في تدريس اللغة الإنجليزيّة في الأردنّ والكويت بين 1973- 1980، ثمّ بدأ رحلة العمل في الصّحافة والإعلام، وقد عمل مقدِّمًا ومترجمًا ومعدًّا للبرامج في إذاعة (BBC) بالعربيّة ردحًا من الزّمن، ورأَسَ التّحرير في قناة الجزيرة الفضائيّة (قطر) حقبةً، وقدّم فيها برامج مشهودة، وله كتابات وافرة. وأطرفُ ما لديه أنّه مع دَرْسِه الإنجليزيّة وآدابها، وإتقانها فضلًا عن التّرجمة منها وإليها، يعشق العربيّة ويفضُلُ فيها كثيرًا من المتخصِّصينَ في علومها. والدّكتور خالد الجبر باحث وأكاديمي ومحقِّق أردنيّ. ولد في فلسطين 1964، حاصل على شهادة الدكتوراة في النقد والبلاغة من الجامعة الأردنية. عمل أستاذًا جامعيًّا في العديد من الجامعات، ومعدًّا ومقدِّمًا لبرمج تلفزيونيّة وإذاعيّة، وشارك في العديد من المجلات المحكّمة عضوًا ورئيس تحرير، وفي العديد من اللجان الاستشارية والتحكيم في المجال الثقافي. يعمل حاليًّا خبيرًا لغويا في معجم الدّوحة التّاريخيّ للّغة العربيّة في قطر. وله عدد كبير من الكُتُب والأبحاث العلميّة المحكّمة والأكاديميّة والتَّحقيقات في التّراث، والدّراسات النّقديّة، والأعمال الإبداعيّة المنشورة. والكتاب الّذي يقدِّمه المحقّقان غايةٌ في الإمتاع والمؤانسة، وهو مُفيد للباحثين والقرّاء على حدّ السّواء. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 01-07-2024 08:45 مساء
الزوار: 141 التعليقات: 0
|