|
عرار:
نضال برقان نظمت اللجنة المشرفة على ديوان «سلامٌ على الشُّهداءِ» الصادر حديثا عن دار الخليج للنشر والتوزيع بعمّان حفل إشهار للديوان في المكتبة الوطنية، بحضور لافت لشعراء وأدباء ونقاد وأساتذة جامعيين وإعلاميين ومثقفين ومهتمين، وقد أدار مفردات الحفل الدكتور رياض ياسين والدكتورة ليندا عبيد العياصرة من جامعة اليرموك، وذلك بحضور ضيف الشرف الشاعر الكبير حيدر محمود، الذي بدأ الحديث في أولى فقرات الحفل، الذي سبقته من الحضور قراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين والأمّة العربية. وقال الشاعر حيدر محمود إن الشهداء حريُّون بالتمجيد والتخليد، فهم أكرم منا جميعا، فسلام على الشهداء، وسلام على الشعراء الذين احتفوا بهم وأثنوا عليهم ثناء عاطرا في قصائد هذا الديوان، الذي أشرف على إعداده وتحريره من نثق بمعرفتهم وثقافتهم وخبرتهم ودرايتهم ورفعة ذوقهم، الشاعرين الأستاذ الدكتور صلاح جرَّار والشاعر سعيد يعقوب، وهو عمل يستحق الإشادة والتنويه وقد جُمِعت فيه قصائد مئة شاعر من أقطار الوطن العربيّ، وقد قرأ الشاعر محمود قصيدته التي تصدَّرت الديوان، بعنوان «أيوب الفلسطينيّ» ومنها نقرأ: «هل تَعْرِفونَ الفَتى «أيّوبَ»؟! كانَ لهُ/ فينا –إذا مرَّ- عُرْسُ للحَساسينِ/ وكانَ أَجْمَلَ مَنْ فينا.. وما حَمَلَتْ/ أُمّي، بِأعْبَقَ مِنْهُ، في الرَّياحينِ/ عَيْناهُ عَيْنا نَبِيّ، والجَبينُ مَدىً/ رَحْبٌ.. وساعِدُهُ صَخرُ البراكينِ/ إذا لَفَى قالت الدُّنيا: الأَبيُّ لَفَى/ وطأْطَأَتْ هامَها كُلُّ الميادينِ/ وللأُباةِ حُضورُ الأَنْبِياءِ، وَمِنْ/ أَصلابِهِمْ.. جاءَ «أَيّوبُ الفلسطيني»!/ وكانَ نَجْمَة صُبْحِ الذّاهبينَ إلى/ نُفوسِهِمْ.. لِيُريحوها مِنَ الطّينِ!/ وَيَمْسَحوا الهُونَ عَنْها، بَعْدَما رَسَفَتْ/ بِهِ زماناً.. وما أَقْساهُ مِنْ هونِ!/ لكنّ « أَيّوبَ» مَطْلوبٌ لإخْوَتِهِ/ فقدْ أغاروا عليهِ كالشياطينِ!» ثم تلاه في الحديث الأستاذ الدكتور فايز عبد النبي القيسي، أستاذ الأدب والنقد في جامعة مؤتة، مقدِّمُ الديوان الذي أكَّد على أهمية الكلمة المقاومة ودورها في تشكيل العقل والوجدان وأشاد بالقيمة الفنية العالية للقصائد، وممَّا جاء في كلمته: «إنَّ الشُّعراءَ نجَحُوا في تقديمِ صُورةٍ رائعةٍ لِلشُّهداءِ في قصائدِهمْ مُتَعَدِّدَةِ الأبْعادِ والمَعاني والدَّلالاتِ، وقد أسْهَمَ مَقْرُوؤهُم الثَّقافيُّ العربيُّ الإسلاميُّ الكامِنُ في أذْهانِهم أو في لا وعْيِهمْ في تشكيلِ قصائدِهِمْ، بآليَّاتِ وطَرَائِقَ فَنِّيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ، تَدْخُلُ ضِمنَ مَفهومِ التَّناصِّ، وهي صُورةٌ لمْ تنشَأْ مِن فراغٍ بلْ جاءتْ ثمرَةً لِلْبِنْيَةِ الوَاقِعيَّة الفلسطينيَّةِ السَّائدةِ والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة والثقافيَّة، على السَّواءِ، كما أنَّها جاءتْ تعبيراً إبداعيَّاً صادراً عن مواقفِ الشُّعراءِ القومِيَّةِ والدِّينيَّةِ والإنسانِيَّةِ، كُلُّ ذلكَ في إطارٍ يجمَعُ بيْنَ مُتَطلَّباتِ المَعاني الرَّفيعةِ التي تُصَوِّرُ حالَ شَعْبٍ أُجْبرَ على أنْ يعيشَ حالةَ الشَّهادةِ أو الموْتِ السَّامي يوْميّاً مِن أجْلِ ألَّا تُهْدرَ معَ الدَّمِ المَسْفوحِ كَرَامَتُهُ وحَقُّهُ في اسْتردادِ هُويّتِهِ الثَّقافيَّةِ وتاريخِهِ البعيدِ وأرْضِهِ المُغْتَصَبةِ مِن جِهَةٍ، وجمالِيَّاتِ التَّعبيرِ الشِّعريِّ الرَّفيعِ الذي يكشِفُ عن تَوْظيفِ الشُّعراءِ مَوَاهِبَهُمْ الإبْداعيَّةَ وخِبراتِهمْ الفَنِّيَّةَ الأصِيلةَ وثقافَتَهُمْ الواسِعَةَ مِن جِهَةٍ ثانِيَةٍ، ولِذلكَ لمْ تَكُنْ قصائدُ شُعراءِ الدِّيوانِ مُفْتَعَلَةً أو مُعَادةً، ولمْ تَكُنْ أقوالاً مَوْزُونَةً، أو تَراكيبَ مُقَفَّاةً، أو عِباراتٍ بَهِيَّةً، أو صُوراً يَعْصرونَها مِن الكَلامِ، بلْ كانتْ قصائِدَ تُقاتِلُ في سَبيلِ فلسطينَ وتَتَغَنَّى بتضحياتِ شُهَدائِها وبُطولاتِهِمْ، وقدْ قرَّ في وعْيِ شُعراءِ الدِّيوانِ أنَّ الكَلمةَ الشِّعريَّةَ تُمثِّلُ الوَجْهَ الآخَرَ لِسِلاحِ المُقاومَةِ، فهي تَقومُ بمهمَّةِ تَنويرِ أبْناءِ الأُمَّةِ وإِثَارَةِ الحَمَاسَةِ في نُفوسِهِمْ لِبذْلِ الأَنْفُسِ والأموالِ مِن أجلِ اسْتعادةِ الحُقوقِ المهضُومةِ والكرامةِ المَفْقودَةِ والأرْضِ المسْروقةِ؛ وقد نجَحَ شُعراءُ هذا الدِّيوانِ - في إبداعاتِهِمْ التي اتَّخذتْ فِيها القَصيدةُ ذاتُ الشَّكلِ التَّقليديِّ لِلشِّعرِ العَربيِّ الأصِيلِ المرتَبِطِ بِالجُذورِ، استجابةً لِمَا أمْلَتْهُ عليهم مُعطيَاتِ الوَقائعِ والأحْداثِ ولَحْظةِ الإبداعِ الشِّعْريِّ، لِلحفاظِ على إطارِ الهُويَّةِ الشِّعْريَّةِ العربيَّةِ الأصِيلَةِ - في التَّعبيرِ عن جمالِيَّاتِ الشَّهادَةِ التي يَعيشُها الفلسطينيونَ في غزَّةَ والضِّفَّةِ الغربيَّةِ يوميَّاً مِن أجْلِ ألَّا تُهْدرَ معَ الدَّمِ المسفوحِ كرامَتُهم وتذهبَ حقُوقُهمْ في اسْتردادِ أرضِهِمْ المُحْتَلَّةِ.» ثم تلاه متحدثا الأستاذ الدكتور صلاح جرَّار الذي شكر الشعراء المشاركين في الديوان على سرعة استجابتهم للمبادرة، وشكر اللجنة الأكاديمية المتخصِّصة التي قامت باختيار مئة قصيدة، من بين مئات المشاركات التي وصلت للجنة، وممَّا جاء في كلمته: «نغْتَنمُ هذهِ الكلمةَ لِتوْجِيهِ الشُّكْرِ الجَزيلِ لِجميعِ الشُّعراءِ الذينَ أرْسلوا لنا مُشاركاتِهم ، ونُقدِّرُ لَهم حِرْصَهُمْ على نَشْرِ مُشاركاتِهم في هذا الدِّيوانِ ، ونعتذرُ لِمَنْ لَمْ تُضَمَّنْ قَصِيدتُهُ في الدِّيوانِ لِعَدَمِ قُدْرةِ الدِّيوانِ على استيعابِ جميعِ القصائدِ التي وصلَتْ إليْنا، مُؤَكِّدينَ على أنَّ عدَمَ اخْتيارِها لا يَعْني رفْضَها أو عَدَمَ صَلَاحِيَّتِها. ولا يَفُوتُنا أنْ نتوجَّهَ بالشُّكرِ الجَزيلِ والتَّقديرِ البالغ ِ لِلأساتذةِ النُّقادِ الأفاضلِ أعْضاءِ الَّلجْنَةِ الفَنِّيَّةِ المُتَخَصِّصةِ لِاخْتيارِ قصائدِ هذا الدِّيوانِ ولُكُلِّ مَنْ أسْهَمَ في إِنْجاحِ هَذهِ المُبادَرَةِ، وإِخْراجِ هذا الدِّيوانِ على هذهِ الصُّورَةِ التي نتمنَّى أنْ ترْقى لِمَقامِ الشُّهداءِ الأبْرارِ، وتليقُ بِمكانَتِهِمْ الرَّفِيعةِ». ثم تحدث الشاعر سعيد يعقوب الذي أكَّد على قدسيّة الكلمة وأهميتها وأن الكلمة موقف وشرف وأن الكتب المقدسة والحديث الشريف والأمثال والحكم وأبيات الشعر وسير الخالدين هي كلمات، فلا يقلِّل أحد من شأن الكلمة وما تتركه من تأثير في عقل ووجدان الناس، وأعرب عن شكره للمكتبة الوطنية ممثلة بعطوفة مديرها العام الأستاذ نضال العياصرة، الذي جعل المكتبة الوطنية منارة علم وأدب وثقافة ،من خلال ما يُنَفَّذُ فيها من فعاليات ثقافية وأدبية، وندوات علمية وفكرية وورش تدريبة ،وحيَّا الشاعر يعقوب الشعب الأردني الأصيل على مواقفه المشرفة، في دعم ومساندة الأهل والأشقاء في فلسطين. وقال إن الدم الأردني والفلسطيني اختلط واتَّحد في الدفاع عن كرامة هذه الأمة ومقدساتها، وشكر جميع القائمين على إنجاح هذا الحفل، لديوان شعر عربي يحتفي بالشهادة والشهداء، ويُعَدُّ وثيقة تاريخية على هذه المرحلة الصعبة من تاريخ القضية الفلسطينية، وأكَّد على ضرورة وأهمية العمل الثقافي الجماعي المشترك، وأشار إلى أن هذا الديوان: سلام على الشهداء حلقة في سلسلة بدأت منذ العدوان الغاشم على غزة العزة بديوان رباعيات جنين، وديوان طوفان الأقصى، وهما ديوانان مشتركان لشعراء عرب، ثم ديوان ضربة القرن مناصفة لجرَّار ويعقوب، ثم ديوان من مسافة صفر، وللحيث بقية اللذان انفرد بهما يعقوب. هذا وقد ختم الحفل بتوزيع نسخ الديوان على الحضور وقام ضيف الشرف معالي الشاعر حيدر محمود ومعالي وزير الثقافة الأسبق الأستاذ الدكتور صلاح جرَّار والشاعر سعيد بتقديم الدروع التكريمية للأستاذ الدكتور فايز القيسي والدكتورة ليندا عبيد العياصرة والدكتور رياض ياسين. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 08-10-2024 08:46 مساء
الزوار: 89 التعليقات: 0
|