الذي استند على خبر قرأته في الصحافة المحلية عن تعويضات وزارة الخارجية الأردنية لمتضرري ليبيا في فقدهم ممتلكات وأموالاً أثناء حكم معمر القذافي.
وقالت عيسى في الحفل الذي أداره الإعلامي هشام الدباغ وشارك فيه الشاعر الناقد محمد سمحان في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، إنّها بعد 33 سنة من اليأس في الحصول على حقوقها التي كادت تموت، استطاعت أن تجمع وثائق تثبت ممتلكاتها في ليبيا، في مصنع دهان، وفيلا، ومدارس كانت أسمتها مدارس براعم الأقصى.
سردت عيسى في الكتاب معجزة الوثيقة التي بقي يحتفظ بها حارس المصنع سداداً لعطف الكاتبة التي ساعدته في السبعينات من القرن الماضي، مبينةً أنّ الله الذي ألهمها ومهّد الطريق أمامها لم يتركها وحدها، وهيّأ لها الأسباب التي جعلتها تملأ استمارةً غير مستوفية الوثائق؛ فلا تيأس، لتتوفر هذه الوثيقة بعد صراع مع الحياة والأمل والخوف والقنوط.
تناول الكتاب، الذي قالت عيسى إنّها كتبته بلغة بسيطة وأسلوب هادئ مهتمةً فيه بإيصال رسالتها وشكرها الله وتقديرها أن الأمانة لن تضيع عند من يحفظونها، وهي رسالة كانت تناولتها في ثنايا كتبها السابقة: صراع مع القدر (قصتي مع الحياة)، و(المعجزة).
اشتمل الكتاب على حياة نزيهة عيسى في ليبيا عشر سنين في الخارجية الليبية مترجمةً ومرافقةً لصفية بركاش زوجة معمر القذافي، وهو الكتاب الذي قدّمت لنا فيه قصصاً تسلسلت إلى قصص، كما قال الناقد سمحان، الذي وقف على كثير من هذه القصص: سارداً وشارحاً بحكم معرفته الكبيرة بطباع الناس في ليبيا ومخالطته كثيراً من أصدقاء العمل هناك.
(صراع مع القدر) الذي نشرته عام 1994، كان سبباً في عدم دخول نزيهة عيسى ليبيا، لانها ذكرت فيه أنها كانت تعمل في إدارة المراسم في التشريفات النسائية في ليبيا مرافقةً لزوجة القذافي في رحلاتها داخل ليبيا وخارجها، في منتصف سبعينات القرن الماضي. وأظهر الكتاب تفرغ نزيهة للأعمال الحرة، في ذلك الوقت، وصبرها الشديد طيلة هذه المدة على حقوقها وأموالها تضيع باسم اللجان الشعبية آنذاك.
شريط من الذكريات المرة ونزيهة عيسى في الطريق بين أمريكا والإمارات، تعود إلى عمان لتقدم طلباً بالتظلم، واسترداد الحقوق، وتعود إليها الذكريات في خطاب القذافي: (كل من يعمل في مصنع أو في ورشة هو صاحب المصنع، وليس صاحب المال).
تتحدث نزيهة عيسى عن صبرها وتأسييسها مدارس الرابية عقب ضياع حقوقها، بتعبها وبيعها مصاغها، وتسرد لنا أحلامها التي تتكسر حين يُطلب منها أن تقدم إثباتاً أو مستنداً أصيلاً يثبت الملكية في العقار أو المصنع أو ما شابه.
الجنية الليبي كان يساوي 3 دولارات، تقول نزيهة وهي تقدر خسارتها في ليبيا، حين أسست مدارس براعم الأقصى.. المدارس التي نهبت من قبل اللجان الشعبية: (المال مالكم، وأنتم صنعتموه بأيديكم وبجهدكم وبمعرفتكم، وليس بجهد أصحابه). وحين أسست مصنع دهان باسم مصنع بن عيسى، بإشراف خبراء ألمان،..نهب، أيضاً، من اللجان الشعبية، وتواصل أنها حين سجّلت فيلا، كانت اشترتها بوساطة مصرف الوحدة، وكانت مطلة على البحر لصاحبتها الطليانية، التي سافرت مع زوجها الليبي إلى روما... ضاعت بسبب قصور القذافي وفلل أولاده. كانت نزيهة أجرتها لمدير الخطوط الألمانية للطيران بمبلغ 1500 جنية شهرياً، فاستولى القذافي عليها بدعوى أنّ بيتاً واحداً يكفيك والزائد لغيرك.
سمحان تناول اهتمام الكاتبة بالفكرة، وإيصالها المضمون والقضية قيد الطرح، جعلها تسير وفق مزاجها الكتابي الإنجليزي، مثلما قالت: (كما أتكلم أكتب)، كما بيّن أنّ أسلوب الكاتبة اليسير جعلها تورد كلاماً قريباً جداً للعاميّة، كما أنها وُفّقت في استدعاء القصص المتفرعة، سواءً بالاستذكار، أو بالحديث.