عمان- وقع القاص والروائي تيسير نظمي روايته "وقائع ليلة السحر في وادي رم" أول من أمس،  في مقر رابطة الكتّاب الأردنيين، وشارك في الحفل كل من د. زياد أبو لبن، ود. محمد القواسمة، وأداره محمد خضير.

ووجه الروائي نظمي تحية للحضور الذين غمروه بمحبته ومشاركته حفل توقع كتابه السابع، قائلا "كنت أتمنى أن اضع إلى جانبي كرسيا لناجي العلي، وعليه حنظلة"، مشيرا إلى العلاقة التي ربطته مع مجموعة من الكتاب والمثقفين، وهم "ناجي العلي، محمد الأسعد، وعوني صادق"، قائلا إن هؤلاء هم الأصدقاء ورفاق الدرب.
ورأى المشاركون في حفل التوقيع أن رواية "وقائع ليلة السحر في وادي رم"، تعد عملا غير تقليدي، كونها تتضمن معمارا فنيا، فالعنوان هو بنية خطابية كلية تتكون من بنيات خطابات متعددة، تقدم وجهة نظر الراوي الغائب أو الذاتي القريب.
الناقد د. زياد أبو لبن رأى أن "وقائع ليلة السحر في وادي رم"، هي رواية غير تقليدية في معمارها الفني، وعلى المتلقي ان يعيد تفكك الأحداث من الداخل لتعيد بناءها من جديد، وذلك أثناء حركة المكان "وادي رم"، الذي يمتد عبر قرون مضت من التاريخ بوقائع معاصرة، أو بأحداث معاصرة، وكأننا منذ بداية الرواية نتحرك مع كاميرا سينمائية لالتقاط تفاصيل المكان، وحركة الشخوص، وسير الأحداث، وهي حركة بطيئة، تأخذ وتيرة متصاعدة، وتبرز أسماء لأمكنة ومرجعيات تاريخية ورموز ثقافية، وهي غير نمطية البناء.
وأشار أبو لبن إلى أن عنوان الرواية، هو مفتاح النص فهو ليس بواقعة واحدة، وإنما وقائع متعددة، تتنقل بحركة الكاميرا السينمائية، لتكوّن مشهدا على فضاء متسع لكل احتماليات الدال والمدلول، مبينا أن هناك أجناسا أخرى تتداخل في الرواية مثل: سيرة، نص، قصة قصيرة، قصيدة، كل هذا التداخل يخلق حالة جديدة من فهم الرواية دون فصلها عن شخصية كاتبها تيسير نظمي نفسه، خاصة أن أحداثها تقوم على سيرة ذاتية.
وأوضح أبو لبن أن الرواية تمتد عبر سنوات العمر منذ ولادة الراوي/ كاتبها، حتى العام 2004، وتتوزع الأمكنة بين سيلة الظهر- فلسطين المكان الأول للكاتب، والأردن والكويت، وبقية الأمكنة التي ترد في العمل هي أمكنة تتفاعل معها أحداث الرواية ضمن مرجعياتها الثقافية، من خلال الرموز والأسماء والإشارات التاريخية.
وبين أن مفتتح الرواية جاء على مشهد يوغل في القدم، وهو مشهد وادي رم، وعلى حقيقة علمية في كشف حركة النجوم في الكون، ما بين نجوم سابحة ونجوم مولودة ونجوم ميته، حسب النظريات العلمية، هذا المفتتح جاء ليؤكد حقيقة علمية، كما أن وادي رم حقيقة تاريخية، كي يربط الكاتب بين الحقيقة العلمية والتاريخية وبين الوقائع التي تسيّر أحداث الرواية باعتبارها حقيقة واقعة في حياة الكاتب نفسه.
ورأى أبو لبن أن إحدى شخصيات الرواية شخصية عجائبية، تشارك باقي الشخصيات في أحداث الرواية، وهي شخصية الكائن الفضائي الغريب العجيب، ومن خلال الكشف عن هذه الشخصية في فصول الرواية نتبين أنها هي شخصية الكاتب نفسه، فهي شخصية غير متصالحة مع نفسها، كما أنها غير متصالحة مع الآخرين، باعتبارها شخصية تعيش خارج حدود الزمان والمكان، وإن كان تحديد الفضاء الزمني في الرواية بالعام 2004 ضمن احتفاليات مهرجان جرش الثالث والعشرين، إلى أن هذا التاريخ يكشف عن أحداث جرت في فضاء الرواية المكاني ألا وهو وادي رم.
هناك شخصيات متعددة في الرواية، منها شخصيات تشارك في صنع الأحداث، وشخصيات على هامش الأحداث، وشخصيات مستدعاة من التاريخ أو عبر أزمنة مختلفة، لتضي جوانب خفية من أحداث الرواية.
من جانبه رأى د. محمد القواسمة أن "وقائع ليلة السحر في وادي رم"، تتعدد فيها الخطابات، فالعنوان هو بنية خطابية كلية تتكون من بنيات خطابات متعددة، تقدم من وجهة نظر الراوي الغائب أو الذاتي القريب من نظمي، من خلال استدعاءات زمكانية توالت على شكل موجات وقفزات فكرية وتخييلية دون اهتمام بالتجانس والتلاحم بينها، ودون اهتمام باللغة وسلامتها حتى إن بعض العتبات النصية جاءت بأرقام لاتينية، فهو التمرد التام على كل شيء، ولكنه حقا تمرد مثير يشير إلى الحس المتوثب لصاحبنا المؤلف، وينبئ بثقافته الواسعة.
وأوضح القواسمة أن الخطابات السردية تبدأ بحدث مهم، يتمثل في هبوط كائن فضائي في وادي رم حيث كانت الاستعدادات تجري لبدء احتفالات مهرجان جرش للعام 2004، ويختفي هذا الكائن من دون أن يحدد العمل مكان اختفائه؛ أكان بين شقوق مرتفعات رم أم في الرمل الذي تكوّن في الوادي من المحيطات والبحار القديمة.
وبين أن الخطابات السردية نجدها ضمن نصوص تقترب من القصة القصيرة، مثل "الشمس لها قاطفا"، فإذا كان النص يقترب من القصة القصيرة ذات الفكرة المتمردة على الواقع، فإنه يرد بضمير المتكلم الذي يتبناه نظمي نفسه، مشيرا إلى الحوارات التي في الرواية فبعضها يتم على شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية بين أعضاء الرحلة السياحية (ص40-41) وبعضها يجرى في رسائل أو في كلام عادي بين الشخصية الساردة وبعض الشخصيات الحقيقية. ومن أهم هذه الحوارات ما كان مع رجال الأمن حول فقدانه بطاقة الأحوال المدنية، والذي انتهى بتوقيفه في المركز الأمني.
وأشار القواسمة إلى ان نظمي  يشير في هذه الرواية إلى علاقته بناجي العلي في أثناء وجودهما في الكويت، فيتحدث عن لقائهما وناجي متوجه إلى جريدة القبس ومعه محمد الأسعد. يسأله عن أسباب صمته؛ فكان أشدَّ ما يزعج ناجي الصمت، ويتولى الأسعد الإجابة عنه. ويفجر هذا اللقاء مونولوجا طويلا تتداخل فيه الأمكنة والأزمنة، وتمتزج فيه الذكريات عن تلك الحياة التي عايشها تيسير منذ مجيئه إلى الحياة. يقول: "إذا صحت النظريات العلمية عن التكوين فإنني بدأت أتشكل في أجواء جنائزية جعلتني فيما بعد قريب القلب واللسان من جنوب شرق تركيا ومن الموسيقى والتراتيل الحزينة أكثر مني قريبا من الفرح، توالت الخسارات ومتتاليات الفقدان في كل شيء وصولا للنصف قرن الذي عشته".