صدر عن وزارة الثقافة الأردنية مجلة "الفنون الشعبية"، العدد "23"، وهي مجلة فصلية تعنى بالتراث الثقافي غير المادي. يتناول العدد موضوعات ذات صلة بالحرف اليدوية والصناعات التقليدية، من حيث تاريخها في الأردن وبلاد الشام، وأهم ما يمثلها من منتجات، وأهميتها في التنمية الاقتصادية وإدرار الدخل، وخاصة في حقل السياحة، ودور المرأة في الإنتاج الحرفي، ونقل مهارات الصناعات التقليدية، وخاصة النسيج، علاوة على مساهمات اخرى نحو صناعة "الشباري"، وحوار مع أهم صانعيها في الأردن. كما يشتمل العدد على مقالة حول صناعة العسل في وادي دون بحضرموت في اليمن، واخرى حول مهارات العمارة التقليدية في مصر، ومساهمتين باللغة الانجليزية حول سوق البدو في مدينة معان بجنوب الأردن، واخرى حول دور مكتب اليونسكو في الأردن في دعم وتعزيز الحرف اليدوية في غور الأردن. ويتناول العدد ايضا عناصر اخرى من التراث الثقافي غير المادي، نحو تقاليد الاعراس، والاغنية الشعبية كنمس أدبي تراثي، كما يتضمن العدد نصوصا شعرية ونثرية من التراث الأردني. رئيس تحرير المجلة هاني فيصل هياجنة قال في افتتاحيته للعدد إن مجلة "الفنون الحرفية التقليدية"، تمثل المظهر المادي الأوضح للتراث الثقافي غير المادي الذي سبق تعريفه في اعداد سابقة من هذه المجلة، إذ تهتم اتفاقية اليونسكو 2003، بشأن صون التراث الثقافي غير المادي بالمهارات والمعارف المتصلة بهذه الفنون، وتشجيع الحرفيين للاستمرار على إنتاج مصنوعاتهم، ونقل ما لديهم من مهارات ومعارف إلى الآخرين، وخصوصا فئتي الشباب واليافعة. وأوضح هياجنة أن هناك العديد من اشكال التعبير عن مهارات الفنون الحرفية التقليدية، مثل الأدوات والملابس أو الحلي، والأزياء والأثاث الخاص بالاحتفالات وفنون الأداء والقطع المستخدمة في التخزين، والنقل وتأمين المأوى، وفنون الزينة والقطع الخاصة بالطقوس، والآلات الموسيقية والأدوات المنزلية، والألعاب، سواء ما كان منها للتسلية أو التعليم. ويعد الكثير من هذه المنتجات تستخدم على المدى القصير، وتصنع لأغراض الطقوس الاحتفالية لدى بعض الثقافات، بحسب رئيس التحرير، في حين أن غيرها يبقى جزءا من المتاع الموروث من جيل إلى جيل، كما تتنوع المهارات المتبعة بتنوع الأشياء والقطع الحرفية المراد إنتاجها. ورأى هياجنة هناك اشكال من التراث الثقافي غير المادي يتعرض لتحديات كبيرة بسبب العولمة، فالإنتاج الجماعي والضخم، على مستوى الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات بالمقارنة مع الصناعات اليدوية المحلية أو المنزلية المحدودة الإنتاج، يوفر البضائع الضرورية للحياة اليومية بتكلفة أقل، من حيث المال والوقت، مبينا أن الحرفيين يكافحون من اجل التعامل مع هذه المنافسة، كما تؤثر الضغوط البيئية والمناخية على توافر الموارد الطبيعية الأساسية اللازمة للصناعات اليدوية، وحتى في الحالات التي تتطور فيها المهارات الحرفية التقليدية لتصبح صناعة منزلية، فان زيادة حجم الإنتاج يمكن ان يتسبب في الاضرار بالبيئة. تفرض الأحوال الاجتماعية والأذواق الثقافية تحديا في سبيل ديمومة الحرف التقليدية، كما رأى هياجنة فمثلا الاحتفالات والمناسبات التي كانت تتطلب في الماضي إنتاجا حرفيا وتفاصيل دقيقة، تحولت إلى صناعات متقشفة، تقلل من الفرص المتاحة للحرفيين للتعبير عن أنفسهم، وذوقهم واحاسيسهم، كما يجد الشباب التدريب الطويل أحيانا واللازم لتعلم الكثير من اشكال الحرف التقليدية، فيفضلون التماس العمل في المصانع أو مجال الخدمات، حيث العمل أقل قساوة والأجر أفضل في كثير من الاحيان. تتضمن بعض الحرف التقليدية "اسرارا للصنعة"، يتعين عدم تلقينها للغرباء، إلا أن مثل هذه المعارف، وفق هياجنة، يمكن أن تزول إذا ما يتوفر من أفراد الأسرة أو المجموعة من لديه الاهتمام، بتعلمها، ذلك أن تشاطرها مع الغرباء من خارج الجماعة أو المجتمع الحامل للمهارة يشكل انتهاكا للتقاليد. ورأى رئيس التحرير أن صدور مثل هذه المجلة يهدف إلى صون التراث الثقافي غير المادي، في نقل المعارف والمهارات المرتبطة بالحرف التقليدية إلى الأجيال المقبلة بحيث تستمر ممارسة الحرفة في المجتمعات نفسها، سواء كمصدر للرزق أو كتعبير عن الروح الخلاقة والهوية الثقافية، فالكثير من التقاليد الحرفية نظم قديمة للتدريب والتتلمذ ينبغي تدعيمها، وتعزيزها، نحو تقديم حوافز مالية للمتدربين والمعلمين، مما يجعل عملية نقل المعارف أكثر اجتذابا. دعم الأسواق المحلية التقليدية للمنتجات الحرفية، حسب هياجنة، هو أبرز اهدافنا، من اجل خلق أسواق جديدة تتماشى مع موجة العولمة والتصنيع، فهناك اناس في مختلف العالم يستمتعون بالمنتجات المصنوعة يدويا، لمعرفتهم بأهمية الصناعات الحرفية المتراكمة وقيمتها الثقافية، وضرورة الحفاظ على التنمية المستدامة كأحد اهم الأهداف بعيدة المدى لاتفاقية اليونسكو "2003"، بشأن الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، وتوفير الموارد البيئية وسيادة مبدأ التعويض. ودعا هياجنة إلى إعادة غرس الغابات كمحاولة للتعويض عن الأضرار التي نزلت بالحرف التقليدية التي تعتمد على توفر الاخشاب كمادة أولية، وفي بعض الحالات تكون ثمة حاجة إلى اتخاذ تدابير قانونية لضمان حقوق المجتمعات في استخدام مواردها، مع التكفل بحماية البيئة في الوقت نفسه، ويمكن لتدابير قانونية اخرى، من قبيل حماية الملكية الفكرية وتسجيل البراءات أو حقوق النشر، ان تساعد المجموعة المعنية على الاستفادة من رموزها وحرفها التقليدية وتشجع
الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 23-02-2018 08:53 مساء
الزوار: 812 التعليقات: 0