عما- صدر في دمشق عن منشورات فايز رشيد، كتاب بعنوان "سوريا بعيون كاتب عربي فلسطيني" للكاتب السياسي والروائي والقاص والشاعر فايز رشيد. يمزج الكتاب بين الجانبين: الوجداني، حين يتحدث بلغة وجدانية عن مدينة دمشق التي عرفها لأول مرّة في العام 1964، عن ذكرياته فيها عندما سكنها وعائلته منذ العام 1982 – 1992، ومن ثم غادرها وعائلته إلى عمّان واستقرّ فيها. الجانب الثاني، الذي يتطرق إليه الكاتب، هو السياسي. مستعرضا أحداث "الربيع العربي"، الذي شكّل خلفية لبدء الصراع في سورية، والبدء الفعلي لتنفيذ مخطط برنارد لويس الذي رسمه في العام 1974، وقد نال موافقة الكونجرس الأميركي آنذاك، لتفتيت الدول العربية إلى 42 دويلة طائفية مذهبية وإثنية متنازعة ومتقاتلة فيما بينها. ويستعرض الكتاب الدور الأميركي – الصهيوني – التركي - في مساعدة المنظمات الإرهابية الأصولية المتطرفة، وتزويدها بالمال والسلاح، تحت غطاء "الإسلام" الذي هو براء منها، براءة الذئب من دم يوسف، متسائلا، إذا كانت هذه المنظمات حقيقة إسلامية فلماذا تضرب في العراق وسورية ومصر والقاهرة وعمّان وبيروت وغيرها؟، وتنسى العدو الصهيوني المتوجب أن يكون الصراع التناحري والرئيسي معه؟ كما يتطرق الكاتب إلى المعارضة الخارجية المؤتمرة بأوامر العواصم الغربية والإقليمية في تخريب البلدان العربية، على طريق تفتيتيها، وتخريب النسيج الاجتماعي فيها، وصولا إلى تقسيمها إرضاءً للعدو الصهيوني وأمنه، وقد توفر الاستعداد لدى بعض أطراف هذه المعارضة لـ "إهداء" هضبة الجولان العربية السورية له، مقابل تأييده لأطرافها، هذا مع العلم أن هذه المعارضة تداوي جرحاها في مستشفيات إسرائيل، وتبعث بمندوبيها لحضور المؤتمرات الاستراتيجية الإسرائيلية، مثل مؤتمرات هرتسيليا وغيرها. في الوقت الذي يؤكد فيه الكاتب على حق المواطن العربي بما في ذلك في سورية، في الديمقراطية وحرية القول، وحرية المحاكمة العادلة وينبذ سياسة إخفاء المعتقلين وتعذيبهم، وإعطاء المواطنين كافة حقوقهم الأخرى التي كفلتها الشرائع والمواثيق الدولية حول حقوق الإنسان، فإنه يشيد بالمعارضة الداخلية، التي حاورت النظام السوري، وقد أقر بكل أخطائه السابقة، وأصدر القوانين الإصلاحية التي تتجاوز هذه السلبيات. يتطرق الكاتب إلى مواقف الفصائل الفلسطينية من الصراع في سورية، المتمثل بالنأي بالنفس عن هذا الصراع، وإلى موقفين آخرين: أحدهما تمثل في القتال إلى جانب سورية، والآخر، الذي قاتل إلى جانب المنظمات الإرهابية الأصولية المتطرفة، تنفيذا لقرار المركز العام للإخوان المسلمين، ناسيا أو متناسيا خصوصيته الفلسطينية، وما قدّمته له سورية من تسهيلات لعمله التنظيمي! يشيد الكاتب بالموقف الوطني الفلسطيني الأسلم وهو "النأي بالنفس عن التدخل في سورية". كما ويستعرض المؤلف معاناة مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى في سورية، التي فتك الجوع بأهل بعضها، وحوصر بعضها الآخر حصارا طويلا من قبل المنظمات الإرهابية المتطرفة، وما يزال، وقتل الآلاف ممن يسكنونها، وهجّر معظمهم إلى خارجها، يتطرق فايز رشيد في مؤلفه، إلى خلفيات وأبعاد الدخول الروسي إلى سورية في 30 أيلول (سبتمبر) 2015، من زاوية الاعتقاد الروسي بأن سورية تشكل خط الدفاع الأول عن الجمهوريات الآسيوية التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي، والتي تعتبرها روسيا حليفتها الرئيسية، كما يتطرق إلى وقوف إيران وحزب الله إلى جانب حليفهما السوري، محللا الأسباب التي حدت بالطرفين إلى هذا الاصطفاف إلى جانب سورية. ويورد المؤلف الاعتراف الصهيوني بالدور الذي تقوم به إسرائيل في سورية، سواء من حيث إمداد المنظمات الإرهابية بالمساعدات اللوجستية والعسكرية، أو توجيه الضربات العسكرية إلى القواعد السورية. كاشفا استغلال الولايات المتحدة لأسطوانة الأسلحة الكيماوية (التي هي من صنع حلفائها) لتوجيه ضربات هجومية إلى المطارات العسكرية السورية، كما حصل في قاعدة "الشعيرات" الجويّة"، ومثلما تهدد إدارة ترامب بالمزيد من شنّ هذه الضربات. يتطرق الكاتب إلى مؤتمرات آستانا، وجنيف وسوتشي وإلى حقيقة دور دي ميستورا كمبعوث دولي في سورية، والهادف أيضاً إلى تقسيم سورية، ذلك عندما دعا إلى قيام منطقة حكم ذاتي للمنظمات الإرهابية في شمالي حلب. كما يتطرق الكاتب إلى تشكيل منطقة "روج أفا" كمنطقة حكم ذاتي للأكراد، وإلى الدور التركي وأطماع أردوغان العثمانية التاريخية التوسعية في شمالي سورية والعراق. كما يؤكد المؤلف، أنه رغم انتصار الجيش العربي السوري في السنة الأخيرة (ولم يكن الانتصار في الغوطة الشرقية قد تحقق حين جهوزية الكتاب)، فإن الحلّ الحقيقي والوحيد للصراع في سورية، لن يتحقق إلّا بالحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات. والكتاب عن سورية هو الكتاب الخامس والعشرين لفايز رشيد، وتتراوح مؤلفاته بين الكتب السياسية، الفكرية، الروايات، المجموعات القصصية، ودواوين الشعر.