لا ينمو العقل إلا بثلاث: إدامة التفكير، و مطالعة كتب المفكرين، و اليقظة لتجارب الحياة.

(مصطفى السباعي)

أيها الأحبه:
للعاطفه أثرها الكبير على كل شيء حتى الكتابه,فالكتابه هي مزج من العاطفه والفكره ,واتحاد شيئين يشكلان روح النص الأدبي,وهنا تتشكل شخصية الكاتب بكل ابعادها وحتى انقساماتها,ولعاطفة الكاتب أثرها الكبير على سيموطيقيا النص ودلالته اللغويه,ومن هنا أتت قراءتي أو محاولتي لقراءة نصوص الكاتبه ربى زياد,هذه الكاتبه التي تبشر بموهبه قادمه الى فضاءات الابداع الأدبي في ساحتنا التي تكاد أن تكون ممحله للأسف.
ان الكاتبه ربى زياد كاتبه تجيد الرسم بالكلمه ,فهي أحيانا تأخذنا لمعنى ظاهر ولكنها تقصد معنى باطن تريد أن نتحسسه بكل ذكاء,فالدلالة اللغويه عندها شيء مذهل ويدعو للفخر بهكذا موهبه.
تقول ربى زياد في أحد نصوصها:( لابد للقلب أن يتفادى قطار الرحيل فالسكك فينا مهترئة ...و الإحتمال على آخره لم يعد يقوى على ثقافة الخذلان فيهم

ليس الرحيل ذنبنا ولا خطيئتهم ......بل جبنهم ....و موتنا).
وكأن الكاتبه لاتريد أن تلقي اللوم على أحد بكل تجرد ,بل بطريقتها الخاصه واسلوبها الذكي,ولعل انسكاب لغة الألم في النص ,مرده الى معاناه تريد الكاتبه أن تظهرها بشكل لا يؤثر على مسيرة النص وجماليته.
وتقول ايضا: (مرحبا هذا ماكنت أنا فمن تكون؟
بقايا من كنت في زمن لم يعد لك
لا حيز لأنايا في هامش الحياة ،و لا في قلب الموت،فدمجتني بي لأصبح كلهم،جميعهم ،بعضهم واستثنيت الفردية في مفرداتي.وقتلت الأنا في الأ نانية لكن بقيت نية الوجود . فكيف تقتل النحن فيك وكيف تعيد إحياء الأنا.
تتفقد نفسك في كل يوم لتعرف أي عضو بتر اليأس من شخصيتك،وأين أضعت بصمتك ؟ وكيف أجهضت غرورك وتبنيت التواضع كيف كنت انت في لحظة لك لكن تخلت عنك اللغة وسحبت منك جميع ضمائر الحاضر والغائب والملكية فلست انا ولست انت وليس لك ولا له ولا لهم فأنت الان مفعول به فقط وربما تلعب دور المنسي الى المجهول. فكيف تعيد اعراب نفسك لتصبح الفاعل ولتصبح المبتدا؟!!.
ان روعة هذا المونولوج الداخلي الذي ترسمه الكاتبه بكل اتقان لشيء جميل ,ويدعو الى الفرح والأمل بهذه الموهبه, أما استخدام الدلالات اللغويه كال ضمائر الحاضر والغائب والملكية,الفاعل واللمبتدأ وخلاف ذلك من أدوات اللغه ,فهو دلاله على الثقافه اللغويه العاليه التي تتمتع بها الكاتبه ربى زياد.
وتقول ربى زياد في أحد نصوصها (على كتف سور تركت قبلة ...فلا دفأ بين أحضان الحجر و لا نبض في شحوب لونه حتى و إن أزهر التوليب من أضلاعه ...

تركت قبلة و دمعتين ليعيثوا فيه ما شاءوا من الندم ...وصدى صمت طاحن ....و بالأنامل نفضت عنه بعض غبار أحزانه .....

هي إمرأة طاعنة في الوداع و هو طاعن بالوقوف ....رحلت ...تركت لعري ظهرها الوداع الأخير و أحتضنت بقايا المغيب ....فخر الجدار ...إذ لم تدرك في غياهب صمته ...أنه أحبها حد التفتت ...)
صور متتاليه,تراكيب لغويه قويه جدا,انسكاب عاطفي ولغوي في ثنايا النص,الترحال من فكره الى فكره اخرى بكل سلاسه بدون لفت انتباه القارىء,عمق البنيويه في التركيب اللغوي للنص بحيث يصبح عند اعادة تفكيكه دلالة على شيء ما.
لربى زياد طريقتها الخاصه في رسم النص بكل أوجهه ,فنصها دائما مفتوح للتأويل ,واعتقد ان السيموطيقيا التأويليه عند ربى زياد تتفوق على غيرها من الكاتبات الأخريات,وهذا وان دل فانما يدل على موهبة الكاتبه وثقافتها العاليه,والتي أتمنى ان تستمر فيها وتحاول تطويرها .

وتقول الكاتبه ايضا: (عندما لا تكون انت وعندما نفسك لا تتعرف عليك وتصبح ثنائيا في داخلك ،تشاهدك تسقط تفشل وتبكي وأنت لست انت،تجلس إلى جانبك بلا حراك.وعندما يصاب اسمك بإنفصام ويتصدع القدر مابينك وبينك تدمن الإزدواجية لكي تتناسى كيف كنت في أحاديتك.كيف لم أعد نفسي وأين أضعت هويتي ،من انا في تعددي وكيف هي ملامحي فأنا لم أعد أعرفني وانا لم أعد أعجبني وأنا لم أعد أشبهني فأنا استيقظ كل يوم أغسل بقايا الحلم من بين جفني أنظر في المرآة أتعرف الشخص الجديد..!
مرحبا هذا ماكنت أنا فمن تكون؟.
ولعلي اجد هنا رغم بحثي عن السيمولوجيا مزاوجه جميله للكاتبه بين المذاهب النقديه ,فتارة نجد الكاتبه تذهب لللرمزيه واحيانا للرومانسيه وأحيانا البرناسيه,ولهذا الشيء وقعه الجميل علي أنا شخصيا ,لانني من محبين هذا الأسلوب ومشجعيه.
ان الكاتبه ربى زياد رغم حداثة سنها ,استطاعت الذهاب بنا الى كل عوالم نصوصها وبكل جماليةٍ وروعه ,واستطاعت ان تجد لها حيزا في فناء الأدب والابداع.
تقول ربى زياد: (ليس الرحيل ذنبنا ولا خطيئتهم ......بل جبنهم ....و موتنا)
الكاتبه المبدعه والموهوبه ربى زياد
كل الشكر لابداعك اختي
اخوك
صالح الهقيش