الصورة الشعرية في القصيدة الشعبية هي تركيبة أو مفردة فنية ذات تأثير صوتي وبصري ووجداني ....
تحقق هدفها ذاتيا كجزئية مستقلة أو في سياقها الجزئي أو الكلي الذي يتضمنها ...و قد تكون الصورة الشعرية في القصيدة الشعبية مقتبسة من نصوصٍ تراثية
أو موروثات شعبية أو من المحكيات الكلامية الآنية ,و أيضا قد تأخذ الشكل الواقعي المباشر وأحيانا تولد من رحم الخيال .أما الصورة الشعرية المقتبسة فشأنها شأن المقتبـَسات الشائعة في كثير من الفنون الأدبية المختلفة وسواها من الفنون و التي لا أرى فيها أي ضير,لكن ذلك يجب أن يتم وفق ضوابط الاقتباس التي تبعد الشاعر عن دوائر الاتهام وتسهم أيضا في شيء من الإضافة النوعية لنصه الشعري مبنىً ومعنى .
وبالنسبة للصورة الشعرية الواقعية فنجدها في كثير من النصوص الشعرية الشعبية مباشرة جدا و قد لا تستهوي المتلقي المتذوق و لا تضيف لمخزونه الفكري رصيدا ذا بال لأنه لا يجد في ذلك شيء من التجديد و ما ذاك إلا أنه يستطيع و غيره التعبير عنها بكلام محكيٍ لا يحتاج معه الجميع للتكلف بطرحها شعرا ,و لكن ما يهمنا هو الصورة الشعرية الشعبية الواقعية الإبداعية و التي يجد فيها المتذوق و صاحب الفطرة القرائية السوية ضالته تذوقا و استمتاعا وإضافة معرفية,و تلك الصورة الشعرية تستمد قوتها وجاذبيتها من حيث رصد ونقل الصورة الواقعية المعاشة
والمشاهدة بأسلوب نمطي من قـِبل الجميع سابقا بأسلوب غير معهود تصبغه الإبداعية من خلال زاوية رؤية الشاعر المتمكن لتلك الصورة مجتازا بذلك أسوار النمطية الضيقة .أما الصورة الشعرية الخيالية فليس لها معيارية محددة لسماتها لأن مواطن نشأتها غير محددة المعالم حيث أفاق الخيال الواسعة ,وإن كانت تأتي كقبسات وليدة اللحظة و الخط الدقيق الفاصل بين الإبداع و الجنون إلا أنها أحيانا مخرج لتجارب تراكمية أثراه الخيال الواسع للشاعر وإن لا إراديا,وهذا النوع عندما يسهم في إيصال رسالة الشاعر و تقريبه من المتلقي يأخذ بمجامع الفكر و يأسر الألباب لأنه محقق أساس للبلاغة اللغوية و الفنية و لفتحه مسارات حديثة تساعد في الوصول إلى مساحات بل و فضاءات أدبية إبداعية و بعيدا عن الروتينية المستهلكة ,وكذلك يمنح أصحابه الأسبقية .
والصورة الشعرية الخيالية مؤشر على تطور الأدب الشعبي ودليل على نضج الموهبة الشعرية لدى الشاعر إذ يجعل الخيال واقعا ذاتيا و كذلك في مجتمعه .
والصورة الشعرية في القصيدة الشعبية ـ بكل أشكالها ـ من أهم العناصر التي تعمل على ديناميكيتها و تقريبها من المتلقين مع الإشارة لتمكن شاعرها , و تعدد الصور الشعرية التكاملية في النص يحقق المعنى و يجمّل المبنى و يبدد الرتابة و الجمود الذَين تتسم بهما كثير من النصوص الشعرية الشعبية ..و لكن علي الشعراء أن لا ينتقوا مسبقا للصور الشعرية و لكن لينتقوا من الصور التي تتكاثف تلقائيا لأنني أرى أن الشاعر هو من تكتبه القصيدة لا من يكتبها !
والصورة الشعرية ركيزة أساسية من ركائز البناء الشعري للقصيدة و إن أهملها البعض أو عدها مجرد مكمّلة لها ...دمتم بكل خير(نشرت في جريدة الشرق القطرية صقحة واحة
الشعر يوم الثلاثاء 28/12/2010م)
الشاعر الناقدمبارك الودعاني السعودية ــ الأحساءwadanym@hotmail.com