عمان- حول قضايا المرأة وما تعانيه من عقبات ومعيقات أمام تقدمها أقام منتدى الرواد الكبار الأسبوع الماضي، ندوة للباحث والكاتب حسني عايش بعنوان "قضايا المرأة"، أدارتها القاصة سحر ملص.
وأكد أن وضع المرأة في المجتمعات العربية، صعب للغاية، فالنساء فيها وان كن يشكلن نصف المجتمع احصائيا إلا انهن لا يحصلن سوى على ثلث الحقوق شكليا لا فعليا، على الرغم من أن عمل المرأة في الأسرة والريف والبادية والمدينة المزدوج- أي عندما تعمل خارج البيت- هو ضعف عمل الرجل فيها. اما حصة النساء في المشاركة السياسية فيها صفر تقريبا.
كما أشار عايش إلى الفيلسوف الاغريقي سقراط الذي حذر من المساواة بين المرأة والرجل كي لا تتفوق عليه، كما أن تشويه صورة المرأة عبر التاريخ لم يقتصر على رجال الدين فحسب، بل تعداهم إلى الفلاسفة والعلماء عندما قرر بعضهم أن المرأة ليست سوى رجل مشوه وان دماغها أصغر من دماغ الرجل.
وأشار عايش إلى سيادة الرجل المطلقة التي اهتزت بعد قيام الثورة الصناعية التي نقلت الإنسان من الموجة الزراعية إلى آفاق الموجة الصناعية، ثم تطور وضع المرأة في اتجاه نيل الاعتراف الكامل بقدراتها وبالمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق مع قدوم موجة التكنولوجيا المعلومات التي تمهد إلى مرحلة المساواة التام والتكامل.
واعتبر عايش أن الموجة "الزراعية والصناعية والتكنولوجية"، وضعت حدا أو نهاية للأسرة كوحدة انتاج، كما كانت عليه ابان فترة الزراعة، قبل الثورة الصناعية، حيث كانت الأسرة تنتج غذاءها وتبني بيتها وتصنع ملابسها ومع قيام الثورة الصناعية صارت المصانع تقوم بكثير من ذلك والأسرة تعتمد على النقود لتأمين حاجاتها.
ويعتقد عايش أن ظهور المال هو الذي افقد المرأة مصدر قوتها في الأسرة عندما احتكر الرجل في بداية الثورة الصناعية العمل المأجور وصار دخله النقدي مصدر بقاء الأسرة وبسببه لم يفكر الاقتصاديون الكلاسيكيون باعتبار عمل المرأة في الأسرة والمزرعة والمرعى له قيمة اقتصادية لأنه غير نقدي بعدما اصبحت النقود هي المصدر الرئيس للقوة في المجتمع والأسرة مجرد حدة استهلاك والأطفال من موجودات اقتصادية إلى اعباء اقتصادية جعلت المرأة في النهاية تترك البيت لتعمل خارجه كالرجال وبمرور الوقت زادت مشاركة المرأة في العمل في بقية نشاطات المجتمع وقطاعاته في البلدان المتقدمة صناعيا فتكنولوجيا. وأخذت المرأة تفك قيودها التاريخية بحريتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
 وحول مشاركة المرأة في الاحزاب السياسية قال عايش إن انخراط المرأة في الاحزاب السياسية، أو اتاحة الفرصة لها لتنخرط فيها على المستويات المطلوبة من الطرفين لاكساب المرأة المؤهلات والخبرات اللازمة لتتحمل المسؤولية ولتتمكن من المشاركة السياسية الفاعلة في الحياة العامة.
وخلص إلى أن مقولات الرجال للمرأة ومقولاتهم عنها تشكل موقفا انانيا قويا مهما تغلف بعبارات الكياسة واللطف والحنان، لان ما يصدر عن أصحابه من أفعال وممارسات ينفيها، لو أن ما يقولونه يعكس –بصدق- ما يؤمنون به فلماذا يلومون المرأة على الاعتداء  الذي يقع من الرجل عليها ولا يلومون الرجل عليه؟
رئيسة المنتدى هيفاء البشير كانت استهلت الندوة بالإشارة إلى أن شهر آذار (مارس) يحمل الكثير من الأعياد للمرأة مثل اليوم العالمي للمرأة، عيد الأم، وهذا الشهر يتعطّر بنفحات أنثوية، لذلك استضاف المنتدى باحثا للحديث عن قضايا المرأة المختلفة، تسليط الضوء أهم الإشكاليات التي تحيط بالمرأة من اجل تقدمها بإيجابية في المجتمع، إذ فأن المرأة تعد القاعدة ترتكز عليها الأسرة المجتمع.
ورأت البشير أن مشاركة المرأة في الحياة العامة ونيلها لحقوقها هو إثراء الحياة بفكر المرأة في الحياة، وعملها المثمر، وتمتعها بحرية تقرير مصيرها ومسارها في الحياة، لافتة إلى أن المرأة في كل المجتمعات ليست على قدر المساواة مع الرجل خاصة فيما يتعلق بالدخل والملكية والتعليم والمعلومات والنفوذ والفرص، ومَرَدُ ذلك إلى الذكورية التي تسود المجتمعات العربية.
وأضافت البشير أن الأمم المتحدة أعلنت منذ العام 1974 عاما سُمي عام المرأة الدولي لتدفع بدورها على صعيد العالم وللمشاركة في تنمية المجتمعات والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مشيرة إلى أن الأردن تَحَفَّزَ وتَحَضَّرَ منذ ذلك العام لتشكيل لجنة وطنية للاعداد لذلك وحتى على الصعيد الأهلي فشارك وفد رسمي في المكسيك عقد العام 1975 وشارك وفد شعبي عقد في برلين الشرقية وكان لي شرف المشاركة في مؤتمر برلين الشرقية حيث قدمت حينئذ ورقة أردنية بحثت في التربية والتعليم.
وتحدثت البشير عن مشاركتها في مؤتمر كوبنهاجن الذي عقد في العام 1980، ومشاركة وفدين من الأردن رسمي وشعبي، وكان مؤتمراً حاراً سياسياً بسبب اتفاقية "كامب ديفيد"، وانعكس شقاقاً مع الوفد المصري، أما المؤتمر الثالث فقد عُقدَ في نيروبي العام 1985، عندما كانت البشير رئيسة الاتحاد النسائي الأردني العام، دعت فيه إلى مؤتمر وطني باسم المرأة الأردنية واقع وتطلعات أشركتُ به ممثلات وممثلين لبحث قضايا المرأة من كافة دوائر الوطن الرسمية والشعبية ساهمت في إعداد أوراق حول كل ما له علاقة بوضع المرأة علميا وثقافيا ودينيا واجتماعيا بعدد سبعة عشر بحثا.