قلتُ لصديقي..جريءٌ هو..على قبر العشق وبين أنقاض المحار تذكي النيرانُ الهوى الذي مات...مسّ أجفاني بدمع الجرح في السرى..يشتفُّ القفرُ ركودَ أوهامي...ما كان مضى..أذوي مع الليل في تنهيدِ التلويح الأخير...بالأمس قلت غداً ألقاه...يذوب صوتي مع خطاه...فجسّ خيبتي وسالت مع الغروب في غفلة الموج عن الشطآن...على قبر الهوى دسّ النسيم تلابيب الأحلام النائمة كي يعيد إليّ الصوت الغائب..إن النضارَ لسيد قلبي الذي هوى...كيف هوى؟...من تلاوين الجنون وأحداقٍ مثبّتة في سهاد الجمر.. جريءٌ هو.. في اعتصار الغسق في حتفه وتمزيق قلبي في نعشه...على قبر الهوى فاض الكأس في موائد الهجر فغمغم اليأس:

سأنامُ ولن يوقظني الصوتُ الآتي من حزني...
أو حتى الضوءُ المسكوب على صدري.
كانوا بالأمسِ هسيسَ سطورٍ ..مالتْ وأنا لا أدري..
بتُّ أبيعُ الدمعَ ...رفيفُ العينِ بيادرُ جفني...
...........
ويقولُ صديقي...أنتِ تموتينَ تموتينْ...
حتفَ همومكِ كلَّ دقيقةْ...
عند الدوحِ قصيدةُ جدولها...
تخبو تلكَ النظرةُ قد كانت...
مثلَ نبيذِ الليلِ حُنُوّاً...سمراءَ رقيقةْ...
وتهاجرُ من جفنيكِ قواريرُ اللبلابْ..
توصدُ دونكِ أبوابْ...
يشحبُ وجهُ الشمسِ على مشجبِ آهٍ..
تفتقُ عن عينيكِ بدمعكِ مُسْمِلَتينْ... 
تتردّينَ بحزنكِ وحدكِ...أينْ؟...
في دِمنةِ روحٍ غرستْ بخواءِ سرابْ...
ثَمَّ نحيبٌ بجوارِ السدِّ الأعلى...
تنزيلَ سماءٍ ورديّةْ...سالتْ من عوسجِ بستانْ...
و..جريءٌ هوَ كيفَ هوى؟...
لستِ ظنوناً..فإذن...أنتِ حقيقةْ...
..................................
لا تجزعْ عنّي..
بلقيسُ غفتْ..سجدتْ للشمسِ ترى جهلاً..
وَصَحَتْ بكتابٍ من هدهدِ بشرى..
قالتْ آمنتُ بكونِ سليمانَ نبيّا..
يا قارئَ حزني انفضْ ذرَّ الأنهارْ...
تتمايلُ حفنةَ شوقٍ..وتُساقِطُ لي الحبَّ عصيّا..
فأعبُّ حفيفَ النخلِ جراحاتْ...
هيهاتَ يعودُ شبابي..هيهاتْ..
ورتاجُ الغيبِ يعيدُهُ حيّا...
و..جريءٌ.. هو..كيفَ هوى؟...