|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
البنى الحكائية بين حركة الزمن وكمونه قصة (أمل في حضن السراب) نموذجا للقاصة نجوى العريبي..تونس
عاشقة
الصحراء :
البنى الحكائية بين حركة الزمن وكمونه ا===== قصة (أمل في حضن السراب) نموذجا==== للقاصة نجوى العريبي..تونس... ا========== تصدير ا========= "إن الاقصوصة ليست جنسا أدبيا صغيرا،بل هى فن ينزع الى ان يكون أكثر الأشكال السردية رقيا فنيا." (جورج لوكاش) ا========= مقدمة. ا========= القص فن يعمد الى مباغتة المتلقى ويدخله الى دهاليز المعنى معتمدا الايجاز والتركيز حين اختياره لعيّنة من السرد منتقاة.. تصديقا للقائل (القصة القصيرة جنس قائم بذاته،مستقل بمكوناته،قادرا على تصوير ما لا تقدر على تصويره أجناس اخرى .. فنا منفتحا على مجالات الانشاء والتخييل والتجديد)1 فن القصة هو حفر بايقاع الكتابة مسكون بأسئلة الهامش لكنه فن يظل تحت طائلة التأويل والتفكيك (interprétation) بما هو سياق تأويل وفحص لقضايا المعنى والقيمة اي بما هو لفظ مستوحى من الهرمينوطيقا (herméneutique) على اعتبارها نظرية فى فهم وتحليل النصوص اى بمعنى ما :(ما يجعل من أثر ما ؛اثرا أدبيا ). فالاقصوصة تحت محك فن التاويل ما هى الا فن قراءة العلامة بمختلف ضروبها النصية من أجل القفز على المعنى المحتجب وايضاحه وتقويم مدلوله . ماذا لو طبقنا هرمونيطقا النقد وموتيفاته على المتن النصى؟؟ ا=================== اولا قضوية المرجع القصصي (بالبنية والخطاب والايقاع والدلالة ومعالم السردية والسرد) ا=================== إن اهم ظاهرة بالقص ترجع بالأساس الى مانعبر عنه بقضوية المرجع القصصي، ونقصد به الرجوع بالقول السردى الى تناصته ،وما وراء لغويته ،للوصول للخطاب السردى ،او هو لجوء السرد الى تحطيم الزمن بالعودة به الى الوراء (فلاش باك )وظيفيا،او القفز بالزمن الى الامام عبر الباراسيكولوجى اذ تصبح اللغة علائمية اشارية سواء فى جمل تتكئ على الوصف او سردية ترفد الصورة الذهنية او المرئية . ا=================== أ-.البنية والحكاية والسرد والسردية . ا=================== بادىء الامر نلفت الانتباه الى أن الحديث عن رباعية (البنى الحكائية والسرد والسردية والايقاع السردي ) يتطلب إلماما بما كتب من دراسات نقدية ،بدءا من مقولات جيرار جنييت فى كتابه خطاب الحكاية، او فى دراسات تودوروف (مقولات السرد الادبى )او ايضا كتابات عربية ليمنى العيد (تقنيات السرد الروائى ). فإن مفهوم البينة والحكاية والسردية تختلف مصطلحا وتوظيفا ،فما مفاهيمها ؟ جاء فى لسان العرب ان: البنية ما بنيته ،وهو (البنى والبنى والبينة )اى الهيئة التى بنى عليها ويقال بنية مفردة ،وبنى جمعا، وبنية ،وبنن،. ومنه بينة الكلمة او صيغتها اما اصطلاحا .فالبنية هى شبكة العلاقات التى تتولد من العناصر المختلفة للكل بالاضافة الى علاقة كل عنصر بالكل. فإذا عرفنا ان السرد مثلا يتألف من القصة والخطاب ،فإن البنية القصصية هى تلك الشبكة من العلاقات الحاصلة بين القصة والخطاب، والقصة والسرد ،والخطاب والسرد ،على قول الجاحظ (البنية ان يعرف المتكلم أقدار المعانى ويوازن بينها وبين أقدار المستمعين وبين أقدار الحالات، فيجعل لكل طبقة من ذلك كلاما ،ولكل حالة من ذلك مقاما ؛حتى يقسم اقدار الكلام على اقدار المعانى ،ويقسم أقدار المعانى أقدار المقامات، واقدار المستمعين على أقدار الحالات )2 ا============= ب-.الحكائية ا============= تحقق الحكائية فى الكلام - اى كلام - من خلال تحقق العناصر التالية: *فعل او حدث قابل للحكي *فاعل او عامل يطلع بدور ما فى الفعل *زمان الفعل . *مكانه او قضاؤه . ا================= ج-.السردية ( Narratology ) ا==================== وعلم السرد :هو فرع من اصل كبير هو الشعرية (poetics ) والسردية تبحث فى مكونات البنية السردية للخطاب من راوٍ، ومروٍ له، او عليه. ولما كانت بنية الخطاب السردي نسيجا قوامه تفاعل تلك المكونات أمكن التأكيد ان السردية: هى ذلك العلم الذى يعنى بمظاهر الخطاب السردى اسلوبا ودلالة وبناء. ا================= د-.السرد .Narrative ا================= يعرف السرد بأنه فعل يقوم به الرواى الذى ينتج قصة وهو بذلك عرض لحدث او متوالية من الاحداث حقيقية كانت او خيالية لكنها تبسط باللغة وفى اللغة . هكذا يكون السرد فعلا حقيقيا او خياليا وتكون ثمرته الخطاب الذى يأتى كعملية انتاج يمثل فيه الرواى دور المنتج والمروى له دور المستهلك والخطاب دور السلعة المنتجة كما قال :الناقد المغربى(القصة لا تحدد فقط بمضمونها ولكن بالشكل او الطريقة التى يقدم بها ذلك المضمون )3 ا========= ه.ايقاع السرد . ا========== إن الحديث عن علاقة الزمن القصصى والمقاطع النصية التى تغطى هذه الفترة تجعلنا ندرك السرد والسردية والحكاية والحكايئة والبنية على أنها :تمثل سرعة النص وتتالى مقاطعه وهو ما وسمناه ب: بقضوية المرجع او ماعبر عنه جيرار جنيت( بسرعة النص اذ يصنفها تحت اربع حركات .)4. سنطبقها على هذه القصة . ا====================== ثانيا سرعة النص وحركاته السردية . ا====================== اولا الحركة السردية الاولى . ا================== ونعنى بها تقنية الحذف الزمنى والتى يستخدمها الراوى والقاص حين يغفل ذكر فترة من زمن الحكاية ويلجأ الى عملية الحذف لتلك الأحداث التى تعد غير ضرورية لسيرورة وسير القص او فهمه )5. وهذه التقنية اذ تستعملها القاصة بنصها تشترك مع تقنية الخلاصة فى هدف محدد هو تسريع وتيرة السرد. لجأت القاصة حين تعرضت لصعوبة سرد احداث الايام وفواعلها بشكل متسلسل دقيق ارتأت؛ ان تقفز عليها وان تختار من الاحداث والفواعل مايستحق ان يروى. انظر قولها ( إن أسعفني الحظ سأدفع للصيدلي تسبقةلعلبة دواء والدي،ولن آخذها نسيئة ".) لقد عمدت القاصة على حذف احداث المرض ترى من مرض؟ ومتى ..وكيف؟! لتمر مباشرة لما يستحق ان يروى فأملت الجمل متتالية بالقول :(ابتسم باسم ابتسامة عريضة،عندما رفرفت في ذهنه تلك الأفكار ) كما انه من غاية الحذف، فهم التحولات الزمنية والفترات التى تتطرأ على سير الاحداث والحكائية )6
وقد لجأت القاصة الى الحذف كثيرا فى قصتها ومن الشواهد نذكر أنه اثناء الحديث عن المحاولات الكثيرة التى بذلها الطفل من أجل تغيير حالته المادية والعائلية ؛أرتأت القاصة ان تحذف أحداثا غير ضرورية وفواعل متكررة لتظهر الحدث الاهم والفاعل الاساس .انظر مثلا قول الكاتبة (…فهو لا يريد مزيدا من التغيب عن الدرس والتحجج بمختلف التعلاّت خجلا من أن يتفطن أصحابه إلى عوزه وما يتجرعه من مرارة في سبيل التوفيق بين دراسته وإعانة عائلته..)فجملة ( فهو لا يريد التغيب... والتحجج )تدل على ان الراوى حذف احداثا غير ضرورية بغاية تسريع السرد بقصته .ذلك ان من مهام الحذف تطوير الأحداث وتسريع فعل الفواعل ..
ا=================
..الحركة السردية الثانية .
ا=================
تعتبر تقنية المجمل أساسية ذلك أن الراوى يسرد فى بضع فقرات ما وقع فى عدة ايام او سنوات من الوجود دون تفاصيل او( اعمال ينظر هنا جيرار جينيت بكتابه (خطاب الحكاية )ص١٠٩.
هكذا مرت القاصة على فترات زمنية بشكل سريع، ولم تلتفت لتلك الفترات الا بما يخدم القصة ؛فى الايجاز والتلخيص والإجمال.(انظر مثلا هذا المقطع {فأنا نحتّ في الصخر وكابدت المشقة وكرعت كأس الفقر وأسرتي حتى الثمالة}..)فيه اجمال وتلخيص وايجاز..
فالخلاصة عند القاصة سرد موجز يكون فيه زمن الخطاب أصغر بكثير من زمن الحكاية، ومن أمثلته :ان القاصة اوجدت ببناها السردية تلخيصات لاحداث ووقائع، لم تكن لتجريها الا بالخوض بالتفاصيل فنجد مقاطع سردية ،واشارات تركز على الاحداث المهمة. نذكر قولها بالمجمل والايجاز فى زمن طويل ما كان مسرودا فى جملة او جملتين فقط فلم يقع التطرق مثلا الى كيفية طبخ الخبز وفترات انجازه ،فلقد استخدمت القاصة تقنية المجمل للتعبير عن أفكار وأحداث وفواعل فى أمكنة وأزمنة كثيرة من خلال كلمات موجزة واختصرت أعمالا فرعية ؛لتسلط الضوء على حدث واحد تكثفه تعبيريا وتسرده تخيييليلا ذاكرة انفعلات، وعواطف تخلقها اللغة بذاكرة القارىء تأويلا وتحليلا .وقد راعت القاصة ان يكون الحذف بقصتها وظيفيا فكل مافقد القص مساحة تعوضه (بأفضية) مكثفة موحية .
هكذا يبدو التسريع عبارة عن مفاصل مشحونة ومتتاليات عميقة بذاكرة التخييل قائمة على توفيق عرى التلاحم بينها.)7.
من هذا المنطلق لاحظنا ان الحذف اتى صريحا حينا وافتراضيا حينا اخر وضمنيا تارة اخرى.
فالصريح جاء على شكل اشارة الكاتبة الى مدد زمنية محذوفة كقولها (كانت بداية خطوط سوداء .. اي انه مضى عليه زمن ،ومرت ساعات )
اما مايكون من الحذف الضمنى فنكتشفه فى تلك الثغرات من التسلسل الزمنى او ايضا انحلال مبدأ الاستمرارية السردية ويفهم ضمنا حذف الزمن كقول الراوي(حرك أصابعه داخل جيبه فسمع رنين دنانيره تحدث موسيقى سمفونية صاخبة أبرق في روحه وميض من قارب الانتصار.) ويفهم منه انه باع وقبض وهذا الحذف كان ضمنيا لتلك الاحداث للبيع والشراء والتنقد ..
اما الحذف الافتراضي فتتكىء القاصة على الاسترجاعات التى تفسر بعض حواداث الحاضر بممكنات الماضىي كقول الراوي(وكم كانت لذتنا عظيمة يوم نشبع سغبنا من نعمة طعام تعبنا في تحصيله ، فنلتف حول المائدة).. وقع الحذف من خلال الاسترجاع لماض اجتمعت به العائلة سعيدة وما اقصرها من مدد بالفرح..
ا=================
الحركة السردية الثالثة .
ا=================
استعملت القاصة هذه الحركة المسماة المشهد فى حالة يكون زمن الخطاب مساويا لزمن القصة اذ يتم الحصول على مشهد تتكافأ فيه اجزاء السرد مع معانى المسرود الذى يمثله .
فبعد ان سردت القاصة كيف كانت حالة الطفل البائع للخبز ،حولت الكاميرا الى مشهد الرجل الغنى الذى اشترى كل قطع الخبز .فقدمت حوارا مباشرا واحتجب الرواى بالقصة واخذت مكانة شخصيات تولت الكلام فقل الوصف وازداد الميل للتواصل .)8
وشبيهه ما نقلته القاصة على لسان الطفلحين استغرب ان يدفع له مالا كثيرا لارغفة ثمنها يقل عما اخذه .
(.-عفوا سيدي،ليس لي...
ولم يكد باسم ينطق حتى انطلقت السيارة تشق عباب الطريق. )
كما نلاحظ ايضا ان القاصة قدمت الشخصية الثانية فى مشهد تتساوى فيه سرعة الحكائية وسرعة القراءة ،ذلك ان السرد ينقل كل ماقيل فى حوار بلا زيادة ولا نقصان .
ا=================
الحركة السردية الرابعة .
ا=================
لجأت القاصة الى الوقفة الوصفية كى تقطع سير الزمن لتفسح المجال لخاصية الوصف ومن أمثلة ذلك منظر حادث السير (وصف السيارة المسرعة ..وصف الطفل حين قصفته السيارة…فرح الطفل ببيع كل الخبز ..).
هكذا يعد الوقف ابطأ لحركة السرد فهو لايصور حدثا بقدر ما يقدم خطابا لا يشغل أى جزء من زمن الحكاية ..كما يقول الناقد جيرار جانييت او الزيتونى )9
وهذا ما نجده بهذا المقطع الحواري ( فجأة توقفت سيارة فخمة،بريقها أعشى عيني باسم.خاطبه صاحبها:
-ماذا تحمل في سلتك يا فتى؟
-خبزات ناضجة من صنع يدي أمي الحبيبة.إنها غاية في اللذة ونظيفة سيدي.
-هات كل ما لديك فأناومن برفقتي دغدغتنا رائحتها .)
في هذا المقطع لجات القاصة الى تقنية الوقف كما لو سكنت عدسة المصور عند منظر محدد تزامن مع لحظة تأمل.،فالرواى لم يتوقف عن السرد تماما كما يظهر الا بغية ان يتناول جانبا من ملامح الشخصية او لنقل ليتأمل القارىء الوصف المندمج بالسرد وهكذا يشارك القارىء فى الحكاية ويتخيل الاحداث ويدخل للقصة من باب التخيييل لتأليف إطارها الزمانى والمكانى .
ا=========
الخاتمة.
ا=========
هكذا وضعت القاصة اقصوصتها فى سياقها الاجناسي .فكانت البداية السريعة والنهاية المفاجئة المتوترة، مما اوجد وحدة الزمان والمكان والشخصية وأعطى للاقصوصة وحدة الانطباع والاثر ؛حين الاقتصاد بالكلام، والتركيز والايحاء ولعل خاصية القص المجمل والسرد المؤلف هو الذى انضج القصة، ورفع التأليف والتلخيص والتسريع والابطاء من سرعة سردها ،وإحداث ايقاع نثر شعرى مخصوص .
ا=========
المراجع
ا=========
1..بوراوى عجينة ،مساءلات نقدية ، ط١، 2001ص 10
2..الجاحظ ،ابوعثمان عمربن بحر ..البيان والتبين ،تحقيق عبدالسلام هارون ،مكتبة الخانجى ،ط5،ج1 ص138,139.
3..الاحمدانى ، بينة النص السردى ، الدار البيضاء المغرب ،ص45,46.
4.جيرارجانييت ،خطاب الحكاية ،ص102 (حيث ذكر الوقفة والحذف والمجمل والمشهد ).
5..زيتونى ،معجم مصطلحات نقد الرواية , ص 74 ,
6..حسن الفقراوى ،الزمن فى الرواية العربية ،اامؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ط١، ،2004,ص232.
7..عبدالوهاب الرقيق ،فى السرد ، دراسات تطبيقية ، دار محمد الحامي ،صفاقص تونس ،ط1، ١٩٩٨، 54.
8..زيتونى ،معجم مصطلحات, نقد الرواية ص 54.
9-. جيرارجانييت ،خطاب الحكاية ،ص102 (حيث ذكر الوقفة والحذف والمجمل والمشهد ).،
10- زيتونى ،معجم مصطلحات نقد الرواية ص 74 .
ا===========
النص النموذج
ا============
قصّة قصيرة
♣️أمل في حضن السراب♣️
رذاذ مطر وجو مشبع بالرطوبة والبرد.ثياب باسم الخفيفة،المهلهلة مبللة تلتصق بجسمه النحيف.أسنانه تصطك؛ غير أنّ قلبه مفعم دفءا وأملا في أن يبيع الأرغفة المتبقية في سلته.إنَ حملها خفّ وهذا يعني أنّ خبزاته المتبقية قليلة.ولكن هذا البرد الشديد يؤثر في سخونتها.عاد من جديد يلفها ويحكم تدثيرها حفاظا عليها أكثر من حرصه على جسمه المرتعش ينخره البرد، كعود نخره السوس .غير أنه لن يفتر له عزم . سيزهر حظه وسيبيعها قبل حلول الظلام .
وإن كانت بداية خطوط سوداء في الأفق،تخالط رمادي السماء وتنذر تلك السحب الحبلى بوابل من الأمطار.لن يعير للأمر أهمية،ليظل على قيد الأمل .
حرك أصابعه داخل جيبه فسمع رنين دنانيره تحدث موسيقى سمفونية صاخبة أبرق في روحه وميض من قارب الانتصار.
يبيع أرغفته فيضمن التحاقه بالمعهد غدا وحضوره في القسم إلى جانب أقرانه،واستمتاعه بالدرس ومتابعته للمعلومة من كتابه،وتسجيلهاعلى كراسه....تملكته نشوة جارفة
"نعم كتابي ملكي وكراسي من حر مالي"
...إن أسعفني الحظ سأدفع للصيدلي تسبقةلعلبة دواء والدي،ولن آخذها نسيئة ".
ابتسم باسم ابتسامة عريضة،عندما رفرفت في ذهنه تلك الأفكار،كأنها فراشات الربيع تطرد صقيع الشتاء،وتمزق غلاف البرد السميك.حث باسم خطاه يدثره أمله.
وعاد
يحملق في الطريق الممتدة أمامه والخالية من أثر سيارة،أو عابر سبيل.دعا ربه ألا يُخيِّب رجاءه.فهو لا يريد مزيدا من التغيب عن الدرس والتحجج بمختلف التعلاّت خجلا من أن يتفطن أصحابه إلى عوزه وما يتجرعه من مرارة في سبيل التوفيق بين دراسته وإعانة عائلته.لقد جاهد حتى لاينحني أو تخبو همته متسامقا نحو الشمس.
"أي شمس!وأبي ماانفكت حالته الصحية تتدهور وثقل المسؤولية يحاصرني.
لا،لا لن أجعل التشاؤم يفترسني"هكذا خاطب باسم نفسه.
وعاد
يتطلع إلى السماءالرمادية،والظلام الزاحف كغول مقيت.
"لن يتخلى إلاهي عني، فأنا نحتّ في الصخر وكابدت المشقة وكرعت كأس الفقر وأسرتي حتى الثمالة .وكم كانت لذتنا عظيمة يوم نشبع سغبنا من نعمة طعام تعبنا في تحصيله ، فنلتف حول المائدةوقد فاحت رائحة الشكشوشة والبصل ، تزينها أمي ببيضتين متى استطاعت إلى ذلك سبيلا وأكرمتها دجاجتها الحميراء بها ، فنلتهمها وليمة بنعمة ربنا نتحدث وتعلو ضحكاتنا مجلجلة،تطرد شعورنا بالحرمان والنقص ولو لحين..."
• "آآآه يا باسم ،حظك وإخوتك في هذه الدنياعاثر،كخفق ضوء يبرق ثم يختفي"...
فجأة توقفت سيارة فخمة،بريقها أعشى عيني باسم.خاطبه صاحبها:
-ماذا تحمل في سلتك يا فتى؟
-خبزات ناضجة من صنع يدي أمي الحبيبة.إنها غاية في اللذة ونظيفة سيدي.
-هات كل ما لديك فأناومن برفقتي دغدغتنا رائحتها .
ثم غمز باسم َونقده ورقة نقدية لم يسبق لهذا الأخير أن أمسك مثيلتها سوى لما كان يتعلم العد في المدرسة بتلك النقود المزيفة.أما هذه فحقيقية،لخشخشة ورقتها الجديدة رجع صدى لذيذ.
-عفوا سيدي،ليس لي...
ولم يكد باسم ينطق حتى انطلقت السيارة تشق عباب الطريق.
ظل باسم مشدوها.أكيد أن أبواب السماء انفتحت له في تلك اللحظة.إنه لم يطلب عطية،بل ساقها إليه القدر.
يا لسعادته!!.
"غدا يكون عالمي أفضل!!"
كان ذاك آخر ما تمتم به باسم وهو يطبق جفنيه على أمله المتلاشي في حضن السراب بينماجسمه النحيل يرتطم بالزجاج الأمامي لسيارة مجنونة نسي صاحبها أن يشغل أضواءها إذ كان منهمكا بمغازلة غانيته عبر هاتفه الجوال .
بقلم نجوى العريبي
تونس
الدكتور الناقدحمد الحاجي اعد الدراسة النقدية
الكاتب:
إدارة النشر والتحرير بتاريخ: الأربعاء 20-05-2020 11:50 مساء الزوار: 1025
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
التشكيل اللوني والبوح الذاتي في قصص «قد ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 03-05-2024 |
الخطاب المزدوج في «قطة شرودنجر» لسامية ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 01-09-2023 |
البنية التجريبية في مجموعة «غيمة يتدلى ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 02-04-2022 |
قراءة نقدية تطبيقية في «سقيا حرف» للقاصة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 01-04-2022 |
صورة المرأة بـ«خنجر في البراءة» للقاصة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 02-07-2021 |
قراءة نقدية في «كما لا يحب أبي أن يراني» ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 13-03-2021 |
ميسون الدبوبي: لم تخْلُ حقبة في تاريخنا ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 16-10-2020 |
المدينة الفاضلة،في رواية الزمن المستحيل ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 04-02-2020 |
«ألف باء تاء ..حياة» لعائشة الإدريسي.. ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 19-01-2020 |
الرّوايةُ الأردنيّةُ المظلومة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 05-01-2020 |
الروائية السيايدة تجسد معاناة المرأة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 31-03-2019 |
«على إيقاع إمضاء المطر» للشاعرة أبوطير.. ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 12-09-2018 |
ناقدتان تعاينان "سمّه المفتاح إن ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 07-02-2018 |
النقد البنيوي للسرد العربي في الربع ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 06-10-2017 |
ترانيم الوجع في محراب البوح مقاربة نقدية ... | النقد والتحليل الادبي | اسرة التحرير | 0 | الإثنين 30-11-2015 |