في الزمن العجيب

يأتي الموت كل بني آدم إن طال عمره أو قصر، فلم لا يدرك هذا الإنسان أن لوجوده بالحياة أجل معلوم عند رب خالق؟
وأنّ لا مناص للمثول بين يدي الله خالق الخلق ومسترجع أمانته بعد حين من العمر؟
فلِم يتجاهل هذا الإنسان نظام الخلق بالحياة رغم وضوحها ومثولها أمام عينيه بشكل دائم؟
فالمرضى يموتون، والأصحاء كذلك يتربصهم الموت كل حين، يغترفون ما يقدر الله لهم من عيش ثم يغادرون الحياة بلا عودة.. فلم اغترارك بنفسك يا إنسان؟
لٍم استغراقك بالإنحطاط وارتكابك خطيئة ممارساتك النصب والكذب والاحتيال ونهب الأموال بغير حق؟
وقهر الشرفاء الذين يقدمون لك يد العون وفي ظنهم أنهم إنما يقدموه لمن يستحق قبل أن تتكشف لهم حقيقة كونك النصاب الناكر الغادر؟
تمارس أدنى درجات النكران والخديعة النكراء كأنك باق ما بقي الخلق .. فبأي عقل تفقد به إحساسك وتتبلد فيك حواسك لترتدي جلد الغدر مفتونا بأفعالك النكراء وذنوبك المتعاظمة في الخطيئة بكل ما اعتراها من بأساء؟
فمن ذا يهرب من الموت قدر الإنسان الطبيعي الذي لا مهرب منه ولا خلاص؟
من ذا يعطل عقله وقلبه وضميره ليظل في ترد وانحطاط مستمر حتى يحمل صفة النصاب المخادع ويموت على ما عاش عليه ذليلا محملا بالخطايا والذنوب، يقابل وجه الكريم وهو يداري وجهه خجلا وندما؟..
نعم يأتي الموت كل إنسان على وجه الخليقة، وحين يأتي ستحملك الأيادي إلى لحدك الأخير وليس معك من يدافع عنك ولا حتى شركاؤك المنتفعين من وراء عمليات النصب التي تقوم فيها، ولن تملك ما تدافع به عن نفسك لأنك بحقيقة الأمر فاقد هذه النفس التي لوثتها بسيرة لا تليق لإنسانيتك، والله أكرمك بخلقه ومنحك الذكاء لا لتستثمره في الخديعة والكذب والنصب والسرقة الوقحة دون خوف من الخالق ومن الإنسان الذي آذيته بعمليات النصب، فهذا الزمن الذي حمل إلى العالم فئة دولية تقلب موازين العقل والعقلاء حتى أصبح الفكر الممسوخ قانونا إنسانيا يتقبل كل التصرفات الشاذة، ويسوق مواد تخدير العقل كأنما هم يسوقون المواد الغذائية الضرورية للعيش لتقلب واقع العقول من واقع الحكمة والصلاح إلى واقع الضياع والفساد والجريمة وتخريب المجتمعات..
ففي هذا العالم العجيب نشط النصابون وزينوا أنفسهم بمواد الخديعة من خلال الشكل الموهم واللسان الطلق في عرض الأكاذيب المخادعة والمزينة بالحكاوي التي لا أصل لها وتنافر الحقيقة، فيعمد الواحد منهم إلى القفز إلى مواقع فئة النخب المجتمعية يتدارى بظلالهم للتخفي بينهم كأنه واحد منهم، وهو بالحقيقة لا يمت إلى مستواهم، لكنه يختفي بجلد المخادع الكذاب، ويحفظ ما عليه من دور حتى يستكمل صورة خداعه ومخادعاته، فهو بأساليب خداعه يستخدم ذكاءا عاليا بغير موقعه، وبغير ما ينفعه مع الله خالقه.
فسبحان الله بالإنسان حين يكون غافلا مستغرقا بالضياع وربه منحه عقلا ذكيا وشكلا مقبولا فيستخدمهما في غير المباح دينيا واجتماعيا وأخلاقيا..
سبحان الله بعبد أكرمه الله فتنكر لكرم الله عليه وسار على درب المنافقين الكذابين النصابين لهدف التنفع المادي دون رهق ودون وجه حق.. صدق رب العزة حين وصف هؤلاء المنافقين بأنهم ظالمي أنفسهم وبأنهم على غفلتهم لا يهتدون.

بقلم #هيام-فؤاد-ضمرة
رئيسة #جمعية-سماء-الثقافة