الأديب علي القيسي

هذا عنوان كتاب خواطر للكاتبة سلّامة الجماعيني، لا شك فالعنوان مختلف، ولافت ومستفز أيضا!

لا أعني مستفزا من ناحية سلبية كما يظن البعض، بل بالعكس بالنسبة لي جعلني أقرأ هذا العنوان قراءةً نفسية، وتسللت بين حروفه وكلماته، وتوقفت عند جملة (عايفة حالها).

ربما لم تقصد الكاتبة سلامة ما تقول، وربما تقصد! لكن هذه العفوية نابعة من قلب عامر بالمحبة والهموم، والسعادة والشقاء.

ومن منا لا يعيش الحياة كما كُتبت له في لوح القضاء والقدر، فالأنام مسيرون وليس مخيرين.

من هنا لا شك أن الكاتبة إنسانة تعيش الواقع كما هو وليس كما تحلم وتتخيل، بالرغم أن في صفحات الكتاب روح صوفية تعكسها كلماتها ومنشوراتها في الكثير منها.

ثمة روح ذهبية نقية في داخل هذه المرأة الكاتبة، ونفس كبيرة عظيمة وكريمة، خواطرها قبس من نور ونار، وماء وياسمين، متدفقة لكنها متأنية،، سلامة الجمالي كاتبة عميقة متيقنة من كلماتها وألفاظها، فالبنية اللغوية تقوم على معانٍ قوية، والأسلوب هندسي مغلف بفوضى الحواس لديها،، تتردد في وضع الكلمة المناسبة في المكان المناسب أحيانا، وهذا حال المبدعين، تقول: (في كل مرة أقرر أن أفرد أجنحتي يصادفني حكم مجتمعي عادات وتقاليد فقط لأنني أنثى) معظم النساء يتظلمنّ من الحكم المجتمعي وهذا ليس بجديد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فالمرأة تعاني منذ عصور بالتهميش والتقليل من أهميتها خاصة المرأة العربية، فالمجتمع ذكوري بامتياز رغم التطور العصري والحضاري والعلمي الذي يعيشه العالم في القرن الحادي والعشرين، بالرغم أن النظرة قد تغيرت عما كانت قبل عقود بالنسبة للمرأة العربية والأردنية بشكل خاص.

لعل فنّ الكتابة موهبة تُخلق مع الكاتب، وتتطور بالعلم والثقافة والتجربة والإرادة، وهنا يأتي دور المواظبة والمتابعة، فكم من الناس كانت لديهم مواهب كثيرة، ولم يتم اكتشافها ولم يعرفوا عنها وانتهت مع غيابهم ورحيلهم!، وذلك نتيجة الأمية والجهل في ظل مجتمعات كانت لا تهتم بالعلم بالنسبة للمرأة.

فالكاتبة الأديبة سلّامة تكتب الخاطرة القريبة من القصة القصيرة، وتكتب القصة القصيرة القريبة من الشعر النثري، وأحيانا تكتب الشعر والخاطرة والقصة ولكن بأسلوب مختلف وغير مألوف! وهذا لون جديد في الأدب الحديث.

تحت عنوان في (بيتنا عروس) خاطرة تستذكر فيها زوجها الأديب بدر عبد الحق الذي رحل عن عائلته بعد صراع مع المرض، وجاء طيفه في ذاكرة سلامة وهي تجهز ابنتها إلى (ميسو) للزواج، وكان الفرح يمتزج مع الحزن وهي تودع ابنتها العروس.

تقول (وتبقى ساعة الوداع هي الأكثر وجعا على القلب، لكننا نحتملها لأنها تجدد فينا الفرح وتزرع فرحا آخر في بيت آخر).

وفي الختام: «مدونات امرأة عايفة حالها» مدونات وكتابات جميلة جدا، لغتها سهلة ورشيقة وبلاغية، وأسلوبها عذب وشفاف، وأفكارها انبثقت نتيجة ظروف شخصية ونفسية ومحيطة، فكانت صادقة ومؤثرة من خلال التعبير في اللغة وانسجام المشاعر والأحاسيس مع الألفاظ والمعاني.