|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
صدر في الشارقة «وفرة من العقارب»..صرخة من أجل الحرية
الشارقة: علاء الدين محمود رواية «وفرة من العقارب»، للكاتبة النيجيرية حديزة أسما الرفاعي، عمل سردي يطل بقوة على المجتمع الإفريقي الجديد خاصة نيجيريا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث المتغيرات الجديدة في حقبة تشهد نوعاً ما تطور المجتمع الذي بات له قضاياه الجديدة وشواغله التي تنعكس على الأفراد وخياراته.
صدرت الرواية بطبعتها العربية الأولى عام 2023، عن دار روايات إحدى شركات مجموعة كلمات في الشارقة، بترجمة باسل الخواجة، وتقع في 307 صفحات من الحجم المتوسط. هذا هو الجانب الاجتماعي الذي تتعمق فيه الرواية بشكل كبير، بحيث تبحث في العديد من القضايا عبر سرد يحمل الرؤى والأفكار ويهتم بالتفاصيل الواقعية والمجتمعية الصغيرة والكبيرة التي شكلت وجدان النيجريين وأثرت في سلوكهم وطرق عيشهم وحياتهم خاصة فيما يتعلق بصراع الحداثة والقديم، والعادات والتقاليد، والمعتقدات المختلفة، والهوية وحقوق النساء والتيارات العديدة العاملة في مجال النسوية. والرواية تخالف ما رسخ في أذهان البعض بأن السرد الإفريقي غالباً ما يرتبط بإعادة إنتاج حكايات الغرائب والعجائب والسحر والمعتقدات الشعبية، غير أن أدب القارة السمراء، خاصة في حقبة ما بعد الاستعمار صار يركز بشكل كبير على رصد الواقع والتحولات الاجتماعية وتناول الأفراد والجماعات في دوامة تلك التغيرات والمقارنة بين القديم والجديد. حكايةتتحدث الرواية عن مشاعر الحزن والقوة والتحدي والاستجابة وتناقضات الإنسان المتعددة والفقد ورحلة التعافي، وكل ما يحدث في حياة بطلة الحكاية تامبايا، وتصدر الطبعة العربية مقطعاً يضيء عوالم الرواية جاء فيه: «تتعرّض تامبايا لحادثة سيْر تضطر معها للبحث عن مسكن جديد وعمل تُعيل به نفسها، فتأخذها الدروب المختلفة إلى أخيها وزوجته في غانا لتعيش فصلاً متوتّراً آخر من حياتها، ثم تعود إلى نيجيريا للعمل في دار أيتام مع أمل أن تحقق الاستقرار وتجد السعادة مجددًا. تتعرّف من خلال أطفال الميتم، والحالات الإنسانية التي مرّوا بها، والأُسر التي تتقدّم بطلبات التبنّي لأحدهم دون الآخر، على المجتمع النيجيري بمختلف أطيافه الدينية والثقافية، وكيف للسياسة في نيجيريا أن تؤثر في مفاصل الحياة حتى داخل الميتم. ورواية «وفرة من العقارب» مستوحاة من تجربة الكاتبة الشخصية بعد عملها التطوعي في دارِ أيتام في أبوجا، ورغبتها في الكتابة عنهم»، وهذا المقطع يحمل الكثير من قصة تلك المرأة القوية التي اختارت حياة التحدي رغم الألم وحزن البطلة الشديد على وفاة زوجها وطفلها، خاصة أنها قد استغرقت وقتاً طويلاً حتى حملت، وتركز الرواية على جوانب إنسانية متعلقة بفقد تامبايا لأحبتها، وعزمها على العمل على تسديد ديون زوجها الراحل. وسعياً لتحقيق ذلك، بحثت عن فرص عمل في كل مكان حتى حصلت أخيراً على عرض لتكون مديرة دار أيتام، ولعل اللافت في هذا المنحنى من السرد المتعلق بـ«دار الأيتام»، هو تركيز الرواية بصورة كبيرة على هذه القضية المهمة في نيجيريا والمتمثلة في تبنّي الأطفال من دور الأيتام، وتناول الطريقة التي يتم بها تسجيل الصغار من فاقدي السند عبر تحديد دياناتهم وتغير أسمائهم ليتناسب مع العقيدة التي ينسب إليها الطفل. قضاياتقدم الرواية صوراً نابضة بالحياة عن مدن شمال نيجريا خاصة «كانو»، و«أبوجا»، وبعض القرى الصغيرة والكبيرة، لتضع القارئ أمام الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي هناك، حيث تتناول البيئة والمناخ والعمران والأنشطة المتعددة الاقتصادية والاجتماعية، إذ لم تترك الكاتبة شاردة أو واردة حول شمال نيجيريا إلا وضمنتها في تفاصيل هذه الرحلة السردية الممتعة والمشوّقة، كما يبحر السرد في مسألة التنوع الديني والثقافي والعرقي، حيث تتضمن الرواية شخصيات من خلفيات متباينة وتتحدث بلغات مختلفة جاؤوا من مختلف أنحاء نيجيريا للعمل، وعلى الرغم من تلك التباينات الاجتماعية، لكن، يحدث التزاوج بين هذه العرقيات والديانات المتباينة في السر، فهذا التنوع صنع حالة من العيش المشترك بين منتسبي الديانات الأساسية في نيجريا وعلى رأسها الإسلام والمسيحية، كما تمنح الرواية صورة عن تلك الحقبة الأثيرة في نيجيريا من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي قبيل الثورة التكنولوجية وظهور الهواتف النقالة، حيث يبث السرد نوعاً من الحنين تجاه تلك الأيام، حيث كان التواصل يتم عبر الهواتف التقليدية والبريد، ولا تخلو الرواية من حمولة سياسية؛ إذ توجه نقداً للأنظمة الشمولية العسكرية التي توالت على حكم نيجيريا عبر الانقلابات العسكرية، حيث تبرز الرواية الكثير من المشاهد المأساوية. أملوإلى جانب مواضيع تناولتها الرواية مثل «النظام الأبوي»، فهي تبحث كذلك في قضايا اجتماعية كثيرة مثل الفساد والأطفال الذين تخلّى عنهم أباؤهم وأمهاتهم، وكذلك قضايا الاغتصاب خاصة تجاه النساء المشردات، ويتناول السرد جوانب أخرى مثل اكتئاب ما بعد الولادة، ويقدم قصة ببناء محكم عن امرأة مثابرة، لم يجعلها الوجع تركن إلى الحقد، بل السعي نحو الحب والسعادة والسلام والبحث عن الحرية. أساليبوظفت الكاتبة العديد من الأساليب السردية، وعملت على تمرير العوالم الثقيلة من مشاعر الألم والبؤس عبر تبنّي خطاب سردي واقعي، يتم فيه توظيف السخرية وحس الفكاهة في كثير من الأحيان، الأمر الذي يجعل السرد يتسم بالحيوية والألق وإبراز المشاعر الإنسانية المتقلبة بين الضحك والبكاء، الوجع والسعادة، من خلال ثنائيات تحكم مسار الأحداث، كما اعتمدت الكاتبة على استخدام لغة وصفية على لسان البطلة لغة من (السهل الممتنع)، الذي يحفز خيال القارئ ويشركه في القضايا التي طرحتها الرواية، كما يبرز الصراع بشكل أساسي في بناء حبكة القصة المؤثرة والآسرة، وتحمل الرواية العديد من الإشارات والإحالات لروايات وأعمال سردية عالمية، كما أن هذه القطعة السردية تتلاقى مع الكثير من الروايات التي تحمل مثل هذا الطابع الواقعي الاجتماعي المحتشد بمشاعر الحزن والأوجاع، كما عملت المؤلفة على توظيف حواريات تكشف عن العديد من الجوانب النفسية، ولئن جاءت النهاية وكأنها غير مكتملة، فذلك لأن الكاتبة قد قصدت أن تكون الخاتمة مفتوحة بحيث يكملها خيال القارئ خاصة أن الرواية تحمل العديد من القضايا التي لم تحل بعد. صدىوجدت الرواية صدى كبيرة في نيجيريا والقارة الإفريقية وازدادت شهرة بعد ترجمتها إلى العديد من اللغات العالمية، وتبارى النقاد والأدباء والصحف في تناولها والحديث عنها كأيقونة سردية متميزة، حيث وصف الروائي والشاعر النيجيري هيلون هابيلا العمل بأنه: «قصة مفجعة عن الخسارة وحكاية ملهمة عن قوة المرأة وتصميمها». براعةالرواية تقف شاهدة على البراعة السردية للكاتبة حديزة اسما الرفاعي، المولودة في عام 1960، والتي حصلت على بكالوريوس وماجستير في الهندسة المعمارية عام 1983، وماجستير في إدارة الأعمال عام 1992، من جامعة أحمدو بيلو، زاريا، بالإضافة إلى ماجستير في الكتابة الإبداعية عام 2012، من جامعة «باث سبا»، في المملكة المتحدة وهي مؤسسة منظمة «ياسمين الرفاعي»، الأدبية غير الربحية، ونالت ككاتبة روائية العديد من الجوائز. اقتباسات- «الليل يوشك أن يحل، أسرعي إلى المنزل واطبخي لزوجك». - «هذه (أبوجا) يا عزيزتي. طرق واسعة، جسور علوية، مبانٍ فخمة، وقليل من البشر». - «يقول الناس إن المدينة بلا روح، إنها مُصطنعة، لكنني أحبها». - «كانت مفاصل أصابعها بنية كالقهوة». - «دائماً ما يبقى الأمل رغم كل شيء». - «أدغال سافانا، تعجّ بالعقارب والثعابين». - «أنتن ضعيفات ليس فقط جسدياً بل عاطفياً أيضاً». الخلبيج
الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: السبت 12-04-2025 12:42 صباحا الزوار: 38
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
صدر في الشارقة «وحده الحالم يصحو».. ... | إصدارات ادبية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 11-12-2024 |
صدر في الشارقة «سنين الزغنبوت».. الرواية ... | إصدارات ادبية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 22-09-2024 |
حدادين توقع «سأكتفي بعينيك قمحًا للطريق» ... | إصدارات ادبية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 06-11-2018 |
الشاعرة همسة يونس توقع ديوانها الشعري ... | إصدارات ادبية | اسرة التحرير | 0 | الجمعة 29-11-2013 |