ووصفه بأنه أديب سبق عصره، وأكد الدبوس أن الأديب الراحل لم يأخذ حقه من الشهرة والتعريف لدى الأجيال الجديدة.
حديث الدبوس جاء في محاضرة ألقاها في رابطة الأدباء الكويتيين، وقدم لها الباحث صالح المسباح الذي وصف الأديب الصانع بأنه رمز أدبي كبير في تاريخ الثقافة الكويتية والخليجية، ويعرفه جيدا جيل الرواد الذين كتبوا عنه الكثير.
بدأ الدبوس حديثه عن الصانع من خلال سرد قصة تأليفه للكتاب، الذي تناول سيرته وآثاره النثرية والشعرية، والذي صدر بعنوان «عبد الله العلي الصانع.. وصفحة ناصعة من الإبداع الأدبي في تاريخ الكويت».
وقال الدبوس إنه تعرف على الصانع لأول مرة من خلال مجلة «الكويت»، التي كانت تصدر في العشرينات، وأصدرها مؤرخ الكويت عبد العزيز الرشيد، وقرأ اسم الصانع لأول مرة وتعرف على مقالاته وأشعاره، فأعجب به، لكنه تعجب من عدم معرفة الأجيال الجديدة به، وقرر إصدار كتاب يتناول رحلته الأدبية.
وبعد أن أشار الدبوس إلى المراجع التاريخية التي استقى منها معلومات الكتاب والمقابلات الشخصية التي أجراها مع الكثيرين، ومنهم عائلة الأديب الراحل، ثم تحدث عن نشأته حيث ولد عام 1902 وتلقى مبادئ القراءة والحساب لدى سعد الجراح وعبد العزيز الرشيد، بينما كان الشيخ يوسف بن عيسى بمنزلة الأستاذ له، وبناء على رغبة أبيه تحول إلى التجارة، لكنه ظل عاشقا للقراءة والكتب.
موقفه من الاستعمار
وأشار الدبوس إلى أن الأديب الراحل أمضى شطرا من الصبا والشباب في عمان التي كان عاشقا لها، ويعتبرها بلده الثاني بعد الكويت، كما كان مارا ومقيما بمدن الإمارات.
ويذكر الدبوس أن درايته الكبيرة بالمنطقة جعلت إحدى السفارات الأجنبية تحاول إغراءه ليمدها بالمعلومات والأسرار عن المنطقة، لكنه رفض ودفع الثمن بإبعاده عن المنطقة، باعتباره يشكل خطرا على الأمن، وقد رد على المنتدب البريطاني الذي منعه من دخول إمارة دبي قائلا: «أنا عربي وأولى ببلاد العرب منك».
الصانع الرحالة
ويشير الدبوس إلى أن الصانع كان رحالة من الطراز الأول، بالإضافة إلى رحلاته المتكررة إلى عمان وأقطار الخليج، وخاصة دبي له رحلات إلى الهند، بل ويذكر الدبوس أن الصانع فكر في هذا الوقت المبكر في السفر إلى اميركا برفقة صديقة الأديب ياسين الغربللي.
كما سرد الدبوس قائمة بأصدقاء الصانع، حيث كانت له شبكة واسعة من الصداقات داخل وخارج الكويت مثل: خالد الفرج وعبد العزيز الرشيد وفهد العسكر وعبد الرزاق البصير وأحمد السقاف والشيخ مانع آل مكتوم، والشيخ شخبوط حاكم إمارة أبوظبي الراحل.
دفاعه عن العباسة
وبعد أن أورد الدبوس بعض ما قاله أدباء الكويت شعرا ونثرا في الصانع، تحدث عن إطلاعه الموسوعي ومكتبته العامرة بالكتب، فقد كان الصانع شاعرا وأديبا يهوى الآداب العربية، ويميل إلى دراسات التاريخ، وكان يحفظ 10 آلاف بيت من الشعر العربي.
وعندما بدأ الكتابة قام بنقد الكثير من الكتب، ومن أشهر ما كتب سلسلة من المقالات بعنوان «العباسة أخت الرشيد»، انتقد فيها جورجي زيدان للاستعانة بالرواية الضعيفة عن علاقة الغرام والزواج السري بينها وبين جعفر البرمكي، وان ذلك هو سبب نكبة البرامكة ونفى عن الرشيد والعباسة ما كتبه زيدان عنهما.
وأكد الدبوس أن الصانع سبق أهل عصره في معارفه واطلاعه، واستدل بذلك على بعض الأبيات التي يخاطب فيه صديقه الشاعر الإماراتي احمد بن سلطان، وتتحدث عن الاكتشافات والاختراعات الغربية في النصف الأول من القرن العشرين، يقول فيها الصانع:
هلا سألت الغرب عما كان من
قوم به أوج الفخار تسنموا
أبغير علم شيدوا مجداً على
هام الثريا محكماً لا يهدم
أم بالعلوم النيرات ومعشرٍ
آلوا لدى الأعمال أن يسأموا؟
سلبوا العقول بعلمهم وأتوا لنا
بعجائب من صنعهم لا تُعلَم
بالكهربا بالبرق بالراد الذي
وأبيك ظل بفضلهم يتكلم
أو بالجوار المنشآت تخالها
اطما تروح على البحار وتقدم
وبطائرات لا يجاريهن في
الطيران فتح الطير الا تفحم
عزلة تسبق الرحيل
وفي نهاية محاضرته، تناول الدبوس المناصب التي تولاها الراحل، مثل رئاسة تحرير مجلة الكويت في إصدارها الثاني عام 1950، وعضويته بمجالس البلدية والمعارف والأوقاف والصحة، وبعد أن تم حل هذه المجالس اعتزل الصانع الناس، وفرض على نفسه عزلة تامة حتى وافته المنية في فبراير عام 1954 عن عمر يناهز 52 عاما.