|
عرار:
الدكتور سالم الفقير لا تفتأ الدراسات العربية القديمة والحديثة في تسليط الضوء على الإبداعات بشكل عام، وعلى رأس تلك الإبداعات تأتي الفنون النثرية من مثل؛ الرواية، والقصة القصيرة وغيرهما، والفنون التشكيلية التي تضم بين جنباتها الرسم والنحت والخط العربي. وفي الدولة الأردنية _على وجه الخصوص_ نجد أن الاهتمام بالحركة التشكيلية يعد قليلا إذا ما قُورن بالحركة الأدبية _شعرا كانت أم نثرا_ والمتتبع للحركتين الأدبية والتشكيلية، يدرك ما نذهب إليه. وعليه، فإننا إذا ما أخذنا المقارنة بين الحركتين ونقلنا ذلك إلى محافظة الطفيلة مؤشرين بذلك إلى الخط العربي، نجد أن نصيبنا من الدراسات في هذا المجال بحاجة إلى انطلاقة حقيقية تضع المتلقي أمام الصورة المشرقة للإبداع بشكل عام، ومنها التشكيلي الذي نحن بصدده. ولأن الخط وممارساته وإتقانه ربما يكون أمرا دونه خرط القتاد، نجد أن من احترف هذا الجمال (فن الخط العربي) هم قلة من أبناء الوطن، وعلى رأسهم الخطاط الدكتور رفعت البوايزة، ولا سيما المدرسة الكلاسيكية _ والتي سأكون منحازا إليها _ ، التي تتطلب العلم التام برسم الحرف، وأنواع الخطوط، ومدارسها، وروادها، وكلِّ مُتَعلِّق بها، ولا سيما في ظل ظهور ما يعرف بــ « الحروفيات « وما يندرج تحتها من حريات مطلقة في الفن، لا تحتكم إلى منهج علمي في كثير من جوانبها، وربما جاءت لتلبي عالم السرعة والتكنولوجيا التي يشهدها العالم، كما في « القصيدة النثرية « التي أصبحت «موضة ثقافية « إن جاز لنا التعبير، لكثير ممن لا يدركون من عمود الشعر العربي شيئا. وللحديث عن تجربة الخط العربي في محافظة الطفيلة كمنهج علمي نجد أننا أمام خطاط برت أنامله القصبة، وأكلت آيات القرآن العظيم، والأحاديث النبوية، والأقوال المأثورة، شيئا من بصره، لكنها زادت كثيرا من بصيرته؛ لتكون أعماله غاية في الروعة والإتقان على المستوى العالمي. وهنا يكون الحديث عن الخطاط الدكتور رفعت البوايزة، من مواليد بلد الجبال (محافظة الطفيلة الهاشمية) في الرابع من آذار من عام 1982م، وهذا يضعنا أمام شابٍّ وجد الخط العربي جزءا لا يتجزأ من ذاته، منذ نعومة أظفاره، ودليلنا على ذلك أنَّ الخطاط البوايزة حاصل على إجازة في الخط العربي من المدرسة البغدادية، المنسوبة إلى الخطاط العراقي عبَّاس البغدادي، خطَّاط الدولة العراقية الأول، ورئيس جمعية الخطاطين العراقيين الأسبق، إضافة إلى أنَّ الخطاط البوايزة يحمل درجة الدكتوراه في التاريخ والفنون الإسلامية، من جامعة مؤتة، ودرجة الماجستير في الفنون الإسلامية، من جامعة العلوم الإسلامية العالمية. وللحديث عن تجربة الخطاط البوايزة نجد أن البوايزة قد أقام قرابة العشرين معرضا شخصيا خلال مسيرته الفنية، حيث كان أولاها في جامعة مؤتة في العام 2003، أما المعارض المحلية فقد كان له حضوره البارز على الساحة المحلية من خلال مشاركاته التي قاربت العشرين مشاركة كانت انطلاقتها في جامعة اليرموك من خلال معرض الجامعات الأردنية في العام 2002م. ولأنَّ البوايزة يؤمن إيمانا مطلقا أنَّ الإبداع لا حدود له، اجتهد على نفسه وسهر الليال الطوال وهو يتمرَّس ويتمرَّن بشكل يومي ليكون له الشأن العظيم في فن الخط العربي، فكان له ما أراد، حيث شارك في أكثر من خمسة وعشرين مشاركة دولية، مثَّل من خلالها الوطن الحبيب، المملكة الأردنية الهاشمية، ومن أشهر تلك المشاركات: ملتقى الجامعات العربية بجمهورية مصر العربية في العام 2003، والمهرجان الدولي الأول لفن الخط العربي بالجزائر 2007، وملتقى أشهر خطاطي المصحف الشريف بالعالم، في المملكة العربية السعودية 2011، وملتقى الشارقة الدولي للخط العربي، والفنون الإسلامية في الإمارات العربية 2012، والمهرجان الدولي للخط العربي والفنون الإسلامية في الجمهورية الهندية 2018، ومهرجان المعاريف الدولي الثاني لفنون الخط العربي بالمغرب 2018، ومهرجان الفنون الإسلامية بمدينة الشارقة/الإمارات العربية 2020، والعديد العديد من المشاركات الدولية التي أثرت الساحة الفنية في مجال فن الخط العربي. إلى جانب تلك المشاركات كان البوايزة مساهما بشكل كبير في إرساء قواعد فن الخط العربي على مستوى العالم العربي والإسلامي، حيث يعتبر عضوا مؤسسا في الاتحاد العالمي للخط العربي والزخرفة الإسلامية، إضافة إلى مشاركته الفاعلة في كتابة أكبر مصحف في العالم « مصحف الشام» مع نخبة من خطاطي العالم العربي والإسلامي، والذي أقيم في الجمهورية العربية السورية عام 2006م، كما شارك في كتابة أكبر جزء «عـــمَّ» في العالم والذي كتب بخط النسخ، إضافة إلى المشاركة في كتابة مصحف دبي بخط النسخ عام 2014، والمشاركة في كتابة مصحف دبي بالخطوط: المحقق، والثلث، والنسخ، عام 2015م. ولأنَّ البوايزة يؤمن برسالة الخط الخالدة، التي أخذت قدسيتها من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، حرص على إيصال تلك الرسالة إلى المهتمين بها والباحثين عن جمالياتها؛ فعمل مدرسا للفنون الجميلة في وزارة التربية والتعليم الأردنية خلال الفترة 2005_2006، ثم مدربا للخط العربي في مراكز التنمية المجتمعية، خلال عامي 2007، 2008م، كما عمل مدربا ومدرسا ومشرفا لفن الخط العربي في جامعة الطفيلة التقنية، التي يشغل فيها مدير دائرة الخدمات الطلابية فيها. وختاما، لا بد من الإشارة بالبنان إلى الطاقات الشبابية التي أبدعت وتركت أشياء جميلة للمتلقي، وحملت على عاتقها أن يكون الوطن هو الأجمل والأنقى والأبهى، وحريُّ بنا أن نُنَبِّش عن الجمال أينما وجد، علما أن إبداع البوايزة ظاهر للعيان، ولا سيما أن شهرته في العالم العربي والإسلامي في الخط العربي لا تخفى على فهيم يرى ببصيرته لا ببصره. وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا للمتلقي سأعرض ثُلَّة من إبداعات الدكتور الخطاط رفعت البوايزة، كشاهد على ما تقدم من حديث حول تجربته في فن الخط العربي، متأملا أن أكون قد وضعت بين أيديكم ما فيه الخير والجمال، وسلام لكم وعليكم وأنتم تسيرون في ركاب الخيرات. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 28-08-2020 11:09 مساء
الزوار: 1642 التعليقات: 0
|