|
عرار:
يمثل مفهوم "الهوية" أحَد المحاور الفكرية الثقافية الهامّة التي تستقطبُ مجهوداتِ المفكرّين والباحثين المعاصرين، بل وتُعقَدُ من أجلها المؤتمرات والمنتديات الثقافية والفكرية لتناول حقيقة مفهوم "الهوية" واتِّصاله بمُقوِّماتِ أمّةٍ مِن الأمَم، وآثارِ ضبطِ هذا "المفهوم" في ترشيدِ الاتّجاهاتِ الثقافية والحضارية المستقبلية للأمة. والحديث عن الهويّة يتّصِلُ بحديثٍ آخر عن المخاطر التي تَتَهّدَّدُ الأمم من مظاهر الغزوِ الثقافيّ والقِيَمِيّ والعقائِدِيّ المختلفة، الأمر الذي يُهدِّدُ شخصية الأمة التاريخية والثقافية والحضارية، ويثير الارتباك في توازنات حَرَكتها الاجتماعية، ويُعطِّلُ قوة دَفعها إلى العلياءِ والسَّبقِ الحضاريّ. وليس مِن شكٍّ في أننا – نحنُ أمة الثقافة والأصالة – مِنْ أكثرِ الأمم اهتمامًا بهذه المشكلة الحضاريّة الهامّة، وذلك لاعتباراتٍ عديدة، في مُقدِّمتها؛ أنّ أمة الإسلام لم تكُن مِن الأمم المهمّشة تاريخيّاً، وإنّما كانت أصْلًا من أصولِ الحضارة المعاصرة، والثقافة النيِّرة، وقد استطاعت – بالإسلام – أن تبني حضارة عظيمة كانت ومازالت أكثرَ حضاراتِ العلم رُشدًا واستنارة، وعدالة ًواتِّزانًا في نشاطاتها الإنسانية؛ مادِيّة وروحية، عِلمية وأخلاقية. وإنّ من هذه الإعتبارات التي تجعل لِتِلكُمُ القضية أهمية كُبرى في الفكر الثقافي المعاصر، أنّ حضارة العروبة وثقافتها؛ تفجرَّت عطاءاتُها وازدهرت بفَضْلِ نور القرآن وهدي النبي العدنان، مازالت أصولها وروافدها الأساسية حيّة ونابضة وفاعلة، بما يعني إمكانية واقعية كبيرة لِبَعْثٍ حضاريٍ آخر، مُسْتثمرًا في هذا السبيل تُراثَ أجيالٍ وقرون عديدة من التجربة الحضارية الثقافية؛ مما يُضيف خُصوبة جديدة، وتجرُبة فريدة، وبصيرة أكثر رُشدًا للمشروع الحضاري الثقافي المأمول. فكان من مقتضياتِ الهمِّ الثقافيّ والحضاريّ العامِّ، في واقعنا المعاصر، البَحْثُ عن مفهوم الهوية على ضوءِ مبادئ الثقافة الأصيلة من منطلق هويتنا، وجذور أصالتنا؛ كشاهِدٍ موضوعيٍّ على تجريةٍ إنسانيةٍ حيّةٍ طبَّقَتْ مفهوم "الهوية" في حياتها. فالمثقفِ الأصيل – بمُجرَّدِ انتمائهِ إلى ثقافته وأصالته – فهو يَنتسِبُ تاريخيّاً وتُراثيًّا إلى رَكْبِ التاريخ، وإلى رَكْبِ الأصالة في مسيرة البشرية كُلِّها، ويصبح ذلك التاريخ جُزءًا من تكوينات هويّته الإنسانية. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 10-10-2020 11:53 مساء
الزوار: 858 التعليقات: 0
|