|
عرار:
عمان - نضال برقان عقدت جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع المكتبة الوطنية وجامعة فيلادلفيا يوم الاثنين 4/10/2021 ندوة نقدية بعنوان "معالم القصة القصيرة الأردنية في مئة عام"، وتأتي الندوة، وهي الخامسة لجمعية النقاد، في سياق سلسلة من الندوات تعكف الجمعية على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الدكتور محمد عبيد الله قراءة نقدية وتاريخيّة فاحصة لسياق نشوء وتطور القصة القصيرة في الأردن ضمن مراحلها المتنوعة ومؤثراتها الموجّهة لمسيرتها، وقد أدارت الندوة أستاذة الأدب الحديث في الجامعة الأردنيّة الدكتورة امتنان الصمادي. أثارت الدكتورة الصمادي في مستهل تقديمها للضيف أهمية الحراك الثقافي والنقدي الذي تنجزه جمعية النقاد في محاولة لتشخيص الواقع النقدي والإبداعي في الأردن لا سيما في موضوع احتفالات الدولة بمئويتها. ومن التساؤلات التي أثارتها الصمادي تلك المتعلقة بموضوع الندوة: كيف نتعامل مع كثرة أسماء كتّاب القصة القصيرة اليوم في ضوء الكم من المنشور؟ وهل بالضرورة أن من أنتج أكثر أصبح قاصّا مهماً؟ ولماذا يسكت الكثير من القاصين عن الاستمرار في النشر رغم أنهم أبدعوا فيما كتبوه؟ وهل شبهة موت القصة القصيرة مسألة ملحّة تستحق الاهتمام؟ ما ملامح القصة النسائية في الأردن؟ وهل ينبئ وجود ظاهرة القصة القصيرة جداً عن تطور واضح للقصة القصيرة؟ وما أبرز ملامح التجريب في القصة القصيرة الأردنية؟ استهل الدكتور عبيدالله حديثه مؤكداً على ثراء مشهد القصة القصيرة في الأردن وامتلائه بالحالات الإبداعيّة عبر السنوات المئة المنقضية رغم أن الإبداع في الأردن عانى من تهميش عربيّ لافت لأسباب جيوسياسية إلا أن ذلك لم يمنع من تثبيت أسماء شيّدت صرح القصرة القصيرة بقوة وثبات. لا سيما وأن القصة القصيرة هي النوع الأدبيّ الأكثر ثراء في الأردن وفلسطين. وقد استمدت قوتها باختلاطها جغرافيا بالجزء الجنوبيّ من بلاد الشام فواكبت المنجز العربيّ مواكبة حقيقية وفّرت لها الكثير من الخصائص المائزة، بسبب ما وفرته الطباعة والصحافة والتعليم والثقافة لها من مناخات ساعدتها على الانطلاق. وفي سياق تأصيل عبيدالله للقصة القصيرة في الأردن أكدّ على ثلاثة منابع أثرت في نشوئها: الموروث السردي عند العرب، والترجمة والتعريب، والبيئة. وهذه المنابع أعانت على إيجاد منجز قصصي وفير يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجيال هي : جيل التأسيس، وجيل الأفق الجديد ، وجيل التجريب والتجديد. مؤكداً على أن موضوع التجييل هذا يأتي بوصفه مسألة إجرائية وليست حقيقة. وفي رصده لملامح الجيل الأول أشار عبيدالله إلى مؤسس هذا النوع محمد صبحي ابوغنيمة الذي نشر مجموعته الأولى "أغاني الليل" في دمشق، تلاه محمود سيف الدين الإيراني هذا المثقف النوعي الذي أخلص للقصة القصيرة فامتلك ثقافة واسعة وقدرة على ترجمة القصص العالمية وتأسيسه لمجلة قصصصية متخصصة ورغبته الواضحة في تطوير شكّل القصة القصيرة. يضاف إلى هذا الجيل عيسى الناعوري، وأمين فارس ملحس، والعزيزي، وحسني فريز، وقد استمر جيل الريادة هذا حتى منتصف القرن العشرين تزامنا مع نكبة فلسطين 1948. أما الجيل الثاني فهو "جيل الأفق الجديد" نسبة إلى مجلة الأفق الجديد المقدسيّة التي بدأت في الستينيات وتركت أثراً بيّناً على القصة والنقد. وقد رئس تحريرها أمين شنّار وبرز فيها أعلام كبار من مثل محمود شقير، وفخري قعوار، وصبحي شحروري، وماجد أبوشرار، وقد عبقت المجلة بالإضافة إلى ما تنشره من قصص بالمناقشات والندوات والحوارات، وقد أسهم ذلك بانتقال القصة من عصر البدايات إلى التجديد وأسست للتجريب والواقعية. ومن أفراد هذا الجيل ممن لم يكتبوا في الأفق الجديد رشاد أبوشاور، ومحمود الريماوي، وأحمد عودة، وجمال أبوحمدان، وفايز محمود، وبدر عبدالحق، وغيرهم. أما الجيل الثالث – حسب عبيدالله – فهو جيل التجديد والتجريب وهو جيل الثمانينيات وما بعدها وهو الأجرأ والأوفر عدداً ممن اشتغلوا في قصصهم على الهموم المحلية وإثراء القصة بالموضوعات وتعقيد شكلها ومنهم : إلياس فركوح، هاشم غرايبة، يوسف ضمرة، خليل قنديل، رسمي أبوعلي، محمد طمليه، أمين يوسف عودة. وجيل الثمانينيات والتسعينيات هو جيل التدفق القصصي كماً ونوعاً وإبداعاً وعناية، جيل الموضوعات الكبرى والكتابة عن الهامش والتفاصيل، وسيطرة ضمير المتكلم وإبراز العمق النفسي. ولم يغفل عبيدالله في تصنيفه للمشهد القصصي التجربة النسائية التي بزغ نجمها بجلاء في الثمانينات نظرا لاتساع التعليم والوعي ويأتي في مقدمتهن: هند أبوالشعر، سهير سلطي التل، رجاء أبوغزالة، ليلى الأطرش، بسمة النسور، جميلة عمايرة، سامية عطعوط، وقد تفوقت القصص النسائية بإدخال العنصر الغرائبي والكابوسي إلى القصة الفقصيرة في الأردن. وفي ختام حديثه، ألمح عبيدالله إلى مؤشرات وسمات تخص جيل الألفية الجديدة من كتّاب القصة القصيرة من سكوت لبعض الأسماء المهمة، وقلة الأصوات الجديدة، والتفلت من شروط كتابة القصة ومزجها باجناس أخرى، وفقدان للبنية الحكائية وقد أوحى كل ذلك بما يسمى بموت القصة القصيرة. إلا أن ذلك لا يخفي وجود محاولات حقيقة لتمكين البنية الحكائية وإعادة الاستقرار للقصة القصيرة. جدير بالذكر أن محاضرة الدكتور عبيدالله أثارت جملة من التساؤلات والتعقيبات قدمتها مديرة الندوة الدكتورة امتنان الصمادي، والفنان التشكيلي محمد العامري، والدكتور نضال الشمالي، والقاص أسيد الحوتري. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 05-10-2021 09:13 مساء
الزوار: 727 التعليقات: 0
|