|
عرار:
عمر أبو الهيجاء «جزء من ميراث كبير يجعلني أركض إليها دون غيرها بحب وجمال ونشوة ومنها.. عمّان، حارسة الجبال»، هذا ما ذهب إليه الشاعر الإماراتي محمد البريكي، لافتا النظر إلى أنه لا يخشى على القصيدة من سطوة وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة، وأن القصيدة بالنسبة له عالمه الذي يعيشه كل يوم. «الدستور» التقت الشاعر البريكي بمناسبة صدور مجموعته الشعرية الجديدة «مدن في مرايا الغمام» وحاورته حولها وحول منجزه الشعري وقضايا أخري في النقد والإعلام. * «مدن في مرايا الغمام» أيُّ المدن التي سحرتك وأخذتك إلى مراياها وغمامها؟ - المدن الشعرية بوجهها المضيء التي أتجول فيها بأبعادها التاريخية والإنسانية والجمالية، هي التي تأسرني بأصدافها الشعرية، فهي لا يتغير جوهرها أبداً مهما مرت عليها الأيام والسنون، فأنا أكتب عن مدن لا تفصلني عنها المسافات لأنها رفيقتي بصفائها البلوري، تفتح لي خزائنها بتلقائية، فأجدني أمام لوحة تأخذني بجاذبيتها إلى أمكنة ازدحمت بالعطر، فأخطو إليها لأملأ آبار نفسي بالحنين، فالمدن التي سحرتني كان لها الفضل في أنها أدخلتني التجربة وعرفتني قيمة المغامرة، فأنا أدين لأشجارها وأطيارها وحقولها بهذا الفيض الذي تناثر على أوراقي في ديوان «مدن في مرايا الغمام» إنها مدن وجدت فيها حضارات الإنسانية وثقافتها، فهي جزء من ميراث كبير يجعلني أركض إليها دون غيرها بحب وجمال ونشوة ومنها «عمّان.. حارسة الجبال». * لكل شاعر ذاكرة ومرايا داخلية، وأماكن مختلفة اختزنتها تلك الذاكرة، ما أهمية تغيير المكان بالنسبة للمبدع؟ - كل مكان يزوره الشاعر يترك في مخيلته صخباً كثيراً، خصوصاً إذا كان المكان ليس مصطنعاً ويتجدد كلما تجدد الزمن، وحين يغادره الشاعر يشعر بأن الفراق مُر، وأن الانفصال صعب، لذا فهو يقبع في الذاكرة ويتشكل في الروح كفصل من الربيع، فمهما كانت الإقامة في بعض الأمكنة قصيرة فإنها تظل في الذاكرة متناسقة وجميلة، والشاعر بطبيعته يحب أن يملأ صدره بنسيم المدن، فبعد أن يملأ عينيه من أمكنة يشده الشغف للانطلاق في تجربة أخرى، فلربما يكتشف شيئاً شعريّاً لا يتكرر. * العنونة هي المفتاح والبوابة للدخول لأي عمل إبداعي. كيف تقرأ تلك العنونة في منتجك الشعري الجديد؟ - دائماً أفكر في عناوين نصوصي ودواويني كما أفكر بالشعر، فالعناية بالعنوان لا تقل عن إنتاج قصيدة كاملة الملامح، وبالنسبة لديواني «مدن في مرايا الغمام» شعرت بأن هذه الكلمات التي شكلت العنوان هي التي تعبّر عن الوحدة الموضوعية لمجمل القصائد، وأعتقد أن هذا العنوان يجوب في أفكار الكلمات التي شكّلت عالم هذا الديوان، وأنا أنظر إليه على أنه المدخل الذي يجعل أي قارئ يحاول أن يجوب في الرحلة التي خضتها في هذا السفر، والتي جعلتني أفكر في فلسفة المدن بحضاراتها تاريخها العريق وقدرتها على جذب الشعراء إلى مكانتها بما تحمل من ثقافة وعمق وجمال وأصالة وتأثير. * القصيدة العربية في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، برأيك ما الذي أصاب جسد القصيدة جراء ذلك؟ - وسائل التواصل الاجتماعي كغيرها من الوسائل الأخرى الناقلة للشعر، وفي عالم التحولات الرقمية أصبح من السهل أن تصل القصيدة إلى كل قارئ وبطرق سهلة جداً، لكنني أؤمن أنه لا يمكن أن تضيع القصائد الجميلة وتنصهر وسط ما يقدم من بعض الشعراء المبتدئين، فالجمهور والقارئ بوجه عام للشعر يعرف الجيد من الرديء، لذا لا أخشى على القصيدة من سطوة هذه الوسائل الاجتماعية، بل أجد أنها فرصة لتداول الشعر على نطاق أوسع. * بعد إصدار عدد من المجاميع الشعرية، إلى أين تأخذك القصيدة في تجلياتها.. وما الذي تريده منها؟ - القصيدة هي عالمي الذي أعيشه كل يوم وأنا سعيد بكثرة المفردات وتوارد الأفكار، فهي تأخذني إلى خلاصة الحياة وخلاصة الجمال، وهي تدخلني التجارب التي أحب خوضها وأنا مستعد للكتابة ومنفتح على الخيال. ودائماً أريد من القصيدة أن تكون رفيقتي في حلي وترحالي.. في يقظتي ومنامي. * ما الخيط الخفيّ الذي يربط بين القصيدة الفصحى والشعر النبطي.. وهل هناك خفيّ؟ - الشعر شعر بكل صوره، ونحن في منطقة الخليج العربي نعيش جمال الشعر بكل أطيافه وبخاصة هذه المزواجة التي يمتلكها شعراء هذه المنطقة التي تؤهلهم لكتابة الشعر بجناحيه الفصيح والنبطي، وهذه معادلة تتحقق بصورة أوسع عندنا، وقد خضت هذه التجارب ولم أزل أحلق بأجنحة الفصحى والنبط. * «ديوان العرب» البرنامج التلفزيوني الذي تعده وتقدمه، ما الجديد والمختلف في رؤاه ومحتواه؟ - هذا البرنامج أخذ مني الكثير، فهو تجربة أعتز بها في ميدان الشعر والإعلام، لأنه عبر عن علاقة وطيدة بين الشاعر الذي يطرح والشاعر الذي يجيب، وهو ما لمسه الذين شاهدوا البرنامج في دورته التي استضفت فيها شعراء يمتلكون حرية الكلمة وحرية الشعر. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 12-11-2022 06:00 مساء
الزوار: 674 التعليقات: 0
|