أكاديميان أردنيان يتحدثان عن أدب الرحلات في المكتبة الوطنية
عرار:
عزيزة علي عمان- أقامت جمعية النقاد الأردنيين ندوة بعنوان “جهود الباحثين الأردنيين في أدب الرحلات”، وذلك في مقر المكتبة الوطنية. وشارك في الندوة التي أدارتها الدكتورة نوال الشوابكة كل من الأكاديميين د.عامر أبو محارب، والدكتورة رشا الخطيب. تحدث د. عامر أبو محارب عن كتابه “الدرر البهية في الرحلة الأوروبية” الذي حصل على “جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة”، مبينا أن رحلة الباجوري تنماز بفرادة تكمن في أن صاحبها أنجز خلالها خطابًا يراوح بين الكتابة الرحلية/التسجيلية والكتابة الإبداعية. وهو يؤدي سفارة علمية كلف بها من خديوي مصر إذ ذاك، فقد انتدب الباجوري ليقدم في هذه المؤتمر بحثًا عن (أمثال العوام المصريين). وقال أبو محارب، إنه عاد في تحقيق هذه الرحلة إلى عدد هائل من المصادر العربية التي تزيد على ثمانين مصدرا ومرجعا، فضلا عن كثير من المصادر والمراجع الأجنبية، التي أفاد منها في التحقيق، لافتا إلى الإطار الزمني لهذه الرحلة؛ فقد كانت بداية الرحلة في يوم 21 من تموز (يوليو) سنة 1889، انطلاقًا من ميناء مدينة الاسكندرية، ومن ثم مرورًا بعدد من الدول الأوروبية. وأشار أبو محارب إلى أن عمله انقسم إلى قسمين؛ الأول مثلته الدراسة التمهيدية التي سبقت التحقيق، وانقسمت إلى قسمين، الأول بعنوان: (الباجوري: الإنسان والرحالة والعالم)، أما الثاني فقد حمل عنوان: (رحلة الباجوري: المتن والنسخ ومنهج التحقيق)، وتناول: رحلة الباجوري، ومسارها، ومنهج تحقيق الرحلة، والنسخة المعتمدة في التحقيق، والتحقيق الذي ينضوي على متن الرحلة محققا، يردفه فهارس للكدن والأعلام والشعراء والأبيات الشعرية إلى غير ذلك. ورأى أبو محارب، أن الرحلات رصدت تنوع المعالم الحضارية في مختلف الجوانب الحياتية في البلدان، التي قصدها الرحالة وعكست صورة واضحة عن أحوال الشعوب، مأكلهم ومشربهم ولباسهم وخصائصهم النفسية والبدنية، والعادات والتقاليد وصادراتهم ووارداتهم وفنونهم المعمارية. ولعل ما نقله الرحالة من أخبار ومشاهدات وأوصاف، مهد لنشوء علوم تبحث في الدراسات الاجتماعية. وخلص أبو محارب، إلى أن الرحلات مثلت وسيلة من وسائل التواصل الثقافي والفكري، والتبادل العلمي المعرفي بين الشعوب، كما أدى الرحالة، أيضا، دور السفراء لبلدانهم في البلدان التي زاروها، وعكست مشاهداتهم مجالات اهتمام الأندلسيين وقراءاتهم الحضارية لما كانت تقع عليه عيونهم من خلال تلك الرحلات التي كانت مجالًا رحبًا ينطوي على علاقات إنسانية ضاربة في جذور التاريخ السحيق. ومثلت بعض الرحلات سردًا ذا طابع أدبي مثل؛ رحلات السفارات أو اليوميات أو المذكرات أو السير الذاتية. وتحدثت الدكتورة رشا الخطيب عن كتابها “أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي أفوقاي: المترجم والرحالة والسفير”، الحاصل على جائزة “ابن بطوطة لأدب الرحلة”؛ حيث قالت “كانت القراءة في سير المستشرقين وأخبارهم في سبيل تعلم اللغة العربية والحصول على المخطوطات العربية في القرن17، هي من ألقت بأفوقاي في طريقي، وكان عملي على بناء سيرته، هو جزء من اهتمامي الأوسع بفكرة (إسهامات عربية في مسيرة الاستشراق)، خاصة بعد اطلاعي على عدد من مراسلات المستشرقين الباقية مع بعض الشرقيين، كان من بينها رسائل لأحمد بن قاسم الحجري أفوقاي”. وتابعت الخطيب “قادني الفضول لقراءة رحلته، التي تعبر بلغة وبعقلية مختلفة تجمع بين ثقافتين -عن مسألة اللقاء بين الشرق والغرب مطلع القرن 17، ولما يكن قد مضى على سقوط غرناطة سوى 120 عاما تقريبا. وكان مما جذبني إليه أيضا: إهمال أخباره في المصادر العربية المعاصرة له والحديثة. وهكذا بدأت بجمع أخبار أفوقاي المتناثرة، وحاولت من كل ذلك التماس معالم سيرة حياته الشخصية والعلمية ما أمكن”. وأضافت الخطيب، أن أحمد بن قاسم الحجري قام برحلة سفارية (دبلوماسية) سنة 1611 عن السلطان المغربي (مولاي زيدان) للمرافعة في قضية نهب بحارة فرنسيين لحوائج الموريسكيين المطرودين من إسبانيا، وقد زار في رحلته فرنسا وهولندا، وفي الرحلة السفارية يكون السفير أسير المهمة التي أُرسل من أجلها ولا يملك في العادة أن يحيد عنها، إلا أن الحجري تطلع لأبعد من استرداد حقوق الأندلسيين، واستطاع أن تكون له إسهاماته في الحياة الثقافية لأهل البلاد التي زارها. وقد وافقت رحلته في مطلع القرن 17 عصرا ذهبيا للدراسات العربية في أوروبا. وقالت الخطيب، إن أهمية هذه الرحلة تكمن في أنها أهم مصدر تاريخي أندلسي تم تأليفه بعد صدور قرار طرد المسلمين من إسبانيا في 1609. ويمثل فرصة للاطلاع على ثمرة التعليم السري لبقايا الأندلسيين الموريسكيين. كما يطلعنا على نحو خاص -بالمقارنة مع رسائل أفوقاي أول خروجه من إسبانيا- على تسلسل إتقانه اللغة العربية، بعد تخلصه من نحو 30 عاماً قضاها في إسبانيا موريسكيا يضطر إلى إخفاء لغته العربية ودينه الإسلامي. وخلصت الخطيب إلى أن أقدم الإشارات في المصادر العربية عن أفوقاي تعود إلى القرن18 ، ثم غابت أخباره حتى القرن 20؛ حيث ذكره بعض المؤرخين المغاربة ومنهم محمد الفاسي، وهو أول من أشار سنة 1952، إلى مخطوط مختصر رحلته في المكتبة الوطنية بباريس. ثم ظهر الخبر عن نسخة أخرى لمختصر الرحلة في دار الكتب المصرية سنة 1964 وطبعت. ثم وبعد عقود طويلة ظهر في 2015 تحقيق جديد لمختصر الرحلة عن النسخة المصرية (نسخة الأزهر)، وتكمن أهميتها في أنها الصورة الأولية للرحلة التي دونها المؤلف 1637 وهو في مصر.