أتشــــرف في كتــابةِ بعــضٍ من تـــراث فلسطــين            

                                                                    التاريخــي والذي هو بحر يحتاج الى جهد للغوص 

                                                                    في أعمــاقة وإخـراج مكـنوناته العــريقة وأنا هـنا

                                                                    تعمــدت الــكتابة عن هــذا التاريخ في هذا الظرف 

                                                                    ليعرف الجميع من تكون فلسطين .              

                                                                                                        طارق الدعجة 

 من حق فلسطين ان يتم توثيق تـــراثها وحضارتها وانها بداية ظهور البشرية لكي نُبرز أحقيتها في أرضها التي سُــلبت وأغتُصبت فالبـاحث في تاريـخ فلسطين سـيعرف بان جـذورها ضاربة في عمق التاريخ وليست وليدة سنوات ، انها من صنعت التاريـخ والتاريـخ صُنـع فيها وقد ذكر شوقي شعـث في كتابه فلسطين أرض الحضارات بان الباحثون والمؤرخون أكدوا بان أرض فلسطين هي مقــراً للديانات السماوية كافة ، كما أكـدوا بان أرضها وأثارها ومُكتشفاتها هي ملاذاً للحضارات القديمة التي لا زالـت أثارها قائمةً الى الان لذلك وبسبب إتصــال فلسطين في عمق التاريخ فقد تعـرضت للغــزوات والحروب ، لقــد أُقـيمت على أرض فلسطين حـــروباً تاريخيةً قادها عُــظماء التاريخ أمثــال تحوتمس الثالــث وسرجون الأشـوري وقمبيز الفارسـي والأسكندر المكدوني وعمر بين العاص وخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم كثير .  

       تشير الأبحاث بان الإنسان ســكن أرض فلسطين منــذ العصور القديمة حيث وُجدت أثاراً تدل على العصر الحجري وأكدت الدراسات بان إنسان العصـر الحجري كانت حياته تعتمد على الزراعة والرعــي والصيد ، عُــرفت أيضاً الزراعة من خلال إنســان هــذا العصر وكذلك تربية الحيوانات وأكـــد عالم الأثــار غار ســـتانغ الــذي نقّب في أريحا بان صنـاعة الفخار والأدوات النحاســية والبرونزية هي منذ تلك الفترة لذلك فالعصر الحجري هو المرحــلة التي بـــدأت من خلاله التجمعات البشرية وتشــكل أنمــاط معيشية خاصة بهم ، توالـــت بعد ذلك العصور فجاء العصر النحاسي والبــرونزي والحديـدي وكل عصرٍ لفلسطـين معه تاريــخٌ وحـــكايةٌ وإنجازات وذُكر في كتاب فلسطين عـــبر التاريخ لمــركز المعلومات الوطنـي الفلسطيني بانه مــرت على أرض فلسطـين العـديد من الحضارات واستقبلت هجرات قبائل وأقوام من جزيرة العرب وكانوا يعرفون بأسمائهم مثل الكنعانيون والعموريون والآراميون ، بالرغم من إندثار هذه الحضارات إلا ان حضاراتهم بقيت على مــرِ السنين خاصة الكنعانيون الذين اخترعوا الكتابة وأقاموا مُدناً كبيرةً مثل بيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وبئر السبع واسدود وبيت لحم وغيرها .   

       كانت فلسطين تُعـرف باسم أرض كنعان نسبة الى الكنعانيون الذين كانوا أول من سكـنها بين 3000 – 2500 ق م ، جاء الكنعانــيون من جــزيـرة العـرب وأكد التسمية بأرض كنعان تلك الإشــارات التي وُجدت في حفريات العمارنة ، كما ورد في كتــاب تاريــخ فلسطين القــديم للمؤلف ظفر الإســـلام خان انه جاء الآشــوريون وأطلق عـليها المـلك الآشــوري آدد نـيراري الرابع اسم بلاستو إشــارة الى ســـاحل فـلستيا وهو ســاحل الشــام الجنوبي ، بعـــد ذلك أطلق الإمبرطور فسباسيان اسم بالستيـن وصــك نقوده بهذا الاسم فأخذت البـلاد اسم بالستين بصفةٍ رسميةٍ ، في العصر اليوناني وفي عهد المؤرخ اليوناني هيرودوتس بقـيت تحمل اسم بالستين ثم استخدم هذه التسمية كبار المؤرخين أمثال بطليموس وفي العهد الروماني أصبح هذا الاسم يُـكنى به كل الأرض المقـدسة وقد أكـد هذا الاسم المؤرخ اليهودي جوزيفوس سنة 37 – 55 والمؤرخ وفيـلو ووُجـــد هذا الاسم بالعـبرية بلشيت ، بعد سيطرة الإمبرطورية الرومانية على أرض فلسطـين أطلق الإمبـــرطـور الــروماني هــدريان على القـــدس اسم إيلـياء وقد انقسمت الإمبـرطورية الرومانــية حينها الى قسمين القسم الغــربـي والقسم الشرقي بيزنطــية ، كانــت فلسطين تابعة الى القسم الشرقي وجاء العصر البيزنطـي الذي هو إمتداد للعصر الروماني وتم إتخاذ الدين المسيحي ديانةً رسميةً في فلسطين وتم بــناء الكنائس حيث تم بــناء كنيسة المهد وكنيسة القيامة وكنيسة العـروج ، كما تركـــت الإمبرطورية الرومانــية أثـــاراً في كافة أرجاء فلسطين فهنـاك كنيسة بيزنطية معـروفة باسم كـنيسة العائلة المقدسة وملعب لسباق الخيل في نابلس يعرف باسم الهيدروم ومقــبرة رومانية في نابــلس ، كــذلك بـــلدة سـبسطية التي اطلق عليها المؤرخون عاصمة الــرومان وهي مليئة بالأثار الـــرومانية وهناك الحمام البيزنطي في النقب وكنيسة جباليا وغيرها الكثير ، تعـرض البيزنطيون الى العــديد من الغــزوات والحروب كان لهم فيها نصــراً تــارةً وهزيمةً تــارةً أخــرى الى ان جاء الجيش الإسلامي ودارت معركة اليرموك بينهم بقيــادة خالد بن الولـــيد إنهزم بها البيزنطيين ، بعد انتهاء العصر البيزنطي مع دخول المسلمين قام البطريرك صفرونيوس بتسليم مفاتيح القدس الى الخليفة عمر بن الخطاب ، لقد كانت معركة الــيرموك نقطة تحول في تاريــخ فلسطين حيث جاء العهد الإمــوي وفيه تم بنــاء قــبة الصخرة في عهد عــبد الملك بن مروان واســتـكمال بنـاء المسجد الأقصى في عهد الوليد بن عبد لملك الذي كما هو الان ، في العهد العباسي بقـيت فـلسطين تحت حكمهم الى ان ضعـفت في القـرن الثالث الهجري فاســـتطاع الطولونيــون الســيطرة عـلى بــلاد الشام ومنها فلسطين ، أما القــرن الرابــع الهجري فكان قـــرن الفوضى والإضطرابات والقــلاقل والـــدمار وتعرضت فلسطين خلاله لأكـثر من حكم فهناك الحكم الإخشيدي والسلاجقة والفاطميين الى ان عاد الإحتــلال الصليبي بقــيادة بطرس ، إحــتل بطرس معــظم المدن ودمروا يافا وأعلنوا قيام دولتهم في القدس فقام حينها نور الدين زنكي بمعارك عنيفة مع الصليبيين استطاع ان يستعيد بعـض المــدن من الســـيطرة الصليبية ليـكمل القائد صــلاح الدين الأيوبي الفتوحات الإسلامية وخاض مع الصليبيين معركة اليرموك حيث اســترد صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين ليأتي بعـــده السلطان المملوكي ســيف الدين قطــز والظاهــر بيبرس لمتابعة الفتوحات ودارت معركة عيــن جالوت قرب الناصرة ومن بعدهم واصل خليل بن قلاوون تحرير المدن الى ان تم تحريرها بالــكامل من الصليبيين ســـنة 1291 وفي ســنة 1516 ، جاء العثمانيين ليخوضوا معاركهم مع المماليـك خاصة معــركة مـرج دابق وانتصروا فـيها لتصبح فلسطين تحت الحــكم العثماني الذي بقي حكمهم أربعـــة قــرون الى ان جاء الإحتلال البريطاني حيث انتصروا على العثمانيـين ، أصبحت فلسطــين تحت الإنتــــداب الــبريطاني الــذين منحوا اليهود دولة لهم في فلسطين من خلال وعد بلفور سنة 1916 ، بقي الإنتـــداب الــبريطاني حتى عام 1948 حيث انسحبوا لفتح المجال لليهود لإقامة دولتهم حيث هزموا العـرب في معاركهم بمساعدة بريطانيا وأمريكيا وأعلنوا رسمياً إقامة دولـة إســـرائيل ، إلا ان ذلـــك لــم يعجب الفلسطينيين لان منح بريطانـــيا لليهود أرض فلسطين غــير شرعي فبقي المجاهدين والـــثوار يحاربون اليهود بـما يمــلكون من أســـلحة بسيطة وإقامــة الإنتفاضات الفلسطينية التي هــزت أركـان هــذه الـدولة الــكرتونية المزعومة ، لا زال الفلسطينون يقامون اليـــهود الى يومــــنا هــذا ويتعرضون الى هجمات وغارات وقصف وإعتقالات وتعذيب وهم يرفعون رايـة الجهاد في ســبيل الله صامدون في أرضهم صابرين وفي نُصبِ أعينهم إما النصر وإما الشهادة .

       لقد ذكر الدكتور فاحوم غولدمان رئيس المؤتمر اليهودي العالمي بان اليهود لم يختاروا فلسطين لمنهج ديني كما يدّعون أو لانها الأرض الموعودة ، لقد تم اختيارها لانها مُلتقى أسيا وأفريقــيا وشواطئها تُطل على أوروبا وبنظـرهم فان فلسطين هي نقطة إرتكاز لكل قوى العالم وهي مركزاً إستراتيجياً وعسكـرياً للسيطرة على العــالم ، لهــذا فقد إختار الصهايــنة فلسطين لأسباب اقتصادية وعســكرية وســـياسية أما دينياً فلم يكن ضمن اهتماماتهم أو أفكارهم ، كان اليهود قبل اقامة دولتهم في فلسطين ليسوا ســوى لاجئين ضمن حارات خاصة بهم أو أحــياء يقيمون فيها أو كانـوا عابري سبيل لهذا فالصهيونية جاءت لإغتصاب الأرض من أهلها وليس لهم علاقة بإسرائيل الذي هو سيدنا يعقوب ولا توجد اي رابطة تربطهم بسيدنا يعقوب .

                                                                                                                                       طارق كساب الدعجه