|
عرار:
حسام عطية شدد مدير عام الإدارة العامة للتراث بوزارة الثقافة الفلسطينية صالح نزال إن الحفاظ على التراث الفلسطيني بشكله المادي وغير المادي هو مهمة وطنية خالصة لأنه دليل على هويتنا وروايتنا الفلسطينية أمام كل محاولات المحو والإلغاء والسرقة من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول بكل الطرق القضاء على الهوية والرواية الفلسطينية، فيما العشرات من المؤسسات الثقافية وبخاصة في قطاع غزة التي لها ارتباط بشكل مباشر أو غير مباشر بالتراث الثقافي غير المادي قد استهدفها القصف الهمجي الإسرائيلي، مطالبا نزال بتوفير الحماية والدعم للتراث الثقافي غير المادي في حالة الحرب، كما طالب بإدانة جرائم الاحتلال بحق التراث الفلسطيني الحي واستهدافه للمراكز والمؤسسات الثقافية في فلسطين، وبخاصة في غزة، وأن العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى اليوم دمر العديد من المواقع الأثرية والتاريخية. وللوقوف على واقع الامر في فلسطين المحتلة وقطاع غزة بشكل خاص حول الوضع العام والثقافي تواصلت «الدستور»، مع مدير عام الإدارة العامة للتراث بوزارة الثقافة الفلسطينية صالح نزال في هذا الحوار، فاجاب أن لدى دولة فلسطين مخزونا تراثيا عظيما حيث إن هناك عشرات العناصر التي نعمل على تسجيلها، إضافة إلى عمل الإدارة العامة للتراث على توثيق هذه العناصر على اللائحة الوطنية لعناصر التراث الثقافي غير المادي والتي بلغ عددها 64 عنصراً، علماً أن وزارة الثقافة من خلال الإدارة العامة للتراث قد انهت تقديم ملف جديد وتم تسليمه لليونسكو وهو ملف الصابون النابلسي، فيما تم مؤخرا تسجيل الدبكة التقليدية الفلسطينية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في اجتماع اللجنة الحكومية الدولية لاتفاقية 2003 لصون التراث الذي عقد في مدينة كاسان في بوتسوانا بتاريخ 5/12/ 2023. الاحتلال ينهب ولفت نزال الى أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي اتبعت منذ العام 1967 سياسة ممنهجة لسرقة ونهب التراث الفلسطيني، الذي يعتبر جزءا من الهوية الثقافية لشعبنا الفلسطيني، وهو الحلقة المهمة في ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه، وأن أوجه عمليات النهب وسرقة الآثار في فلسطين من قبل الاحتلال تعددت، وما زالت منتشرة في المناطق التي يسيطر عليها، من خلال البدء بأعمال نهب كبيرة، والترويج لتجارة الآثار، ومنح تصاريح أو رخص للاتجار بها، وانخراط رموز سياسية إسرائيلية في عمليات نهب الآثار والاتجار بها، وإجراء التنقيبات الاثرية غير الشرعية في الأراضي المحتلة، والسماح والمشاركة في تهريب الآثار إلى الخارج، وإخفاء أي بيانات تتعلق بالوضع الأثري في فلسطين، وأن إحصائيات الوزارة تشير إلى نهب وتدمير آلاف المواقع الأثرية، حيث جرى سرقة ونقل مئات الآلاف من القطع الأثرية التي تم استخراجها بشكل غير قانوني من المواقع الأثرية»، كما إن الاحتلال مستمر بانتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية، وذلك باستهدافه المباشر للتراث الثقافي الفلسطيني، وما زال يسهم في عمليات تهريب الآثار، وسرقتها، وحماية هذا العمل المخالف. الدبكة الفلسطينية وقال نزال بانه قد أدرجت الدبكة الفلسطينية، على اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، خلال الدورة الـ18 للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو»، والتي تجتمع في مدينة كاساني بدولة بوتسوانا في الفترة من الرابع الى التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وبذلك يصبح لدولة فلسطين -العضو بمنظمة اليونسكو- 3 عناصر مدرجة على لائحة التراث الثقافي (الحي) غير المادي، هي الحكاية والتطريز والدبكة، إضافة إلى 6 ملفات مشتركة مع دول عربية، من ضمنها النخلة والخط العربي، وتعتبر الدبكة موروثا يلازم الفلسطينيين في أفراحهم، ويحرصون على توريثه من جيل إلى آخر خوفا عليه من الضياع وحفاظا على هويتهم من الاندثار، والدبكة رقصة فولكلورية شعبية منتشرة في فلسطين وبلاد الشام، وتمارس غالبا في المهرجانات والاحتفالات والأعراس، وتتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة على 10 أشخاص يدعون «دبيكة»، وعازف اليرغول أو الشبابة والطبل، وتشعل الدبكة الفلسطينية حماس الجمهور، وتكرس معاني الشهامة والفروسية والإيثار والتسامح. ونوه نزال أن دولة فلسطين قامت أيضا بتقديم ملف الصابون التقليدي «النابلسي» إلى «اليونسكو»، لتسجيله على القائمة التمثيلية في العام 2025، وذلك بعد أن استوفى كافة المعايير التي تحكم التسجيل، وفي إطار التحضيرات لتسجيل الدبكة على قائمة التراثي العالمي لليونسكو، نظمت وزارة الثقافة، العام الماضي، مهرجانا بعنوان «فلسطين تدبك» في رام الله والبيرة ونابلس والناصرة والقدس ومناطق أخرى، فيما وتعد «سرية رام الله» فرقة الدبكة الأطول استمرارية منذ تأسيسها عام 1927، وشاركت في عروض المهرجانات الصيفية التي كانت تقيمها بلدية رام الله قبل احتلال عام 1967، وعرفت باسم «مهرجانات الطيرة». ولفت نزال بانه يعتبر التراث الثقافي والطبيعي أحد الموارد الرئيسية للتنمية، ومكوناً أساسياً للهوية الثقافية لأي شعب، وهذا ما تجسد في العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترعاها اليونسكو والمنظمات الدولية والإقليمية والوطنية ذات العلاقة. ومنذ بدء الحرب الأخيرة على غزة يتعرض التراث الثقافي الفلسطيني لأعمال تدمير واسعة تشمل المواقع الأثرية، والمباني التاريخية والدينية، والمشهد الثقافي، والمتاحف، والمؤسسات الثقافية والأكاديمية عامة. هجوم شرس ونوه نزال إن تراثنا الثقافي الفلسطيني يتعرض إلى هجوم شرس من قبل الاحتلال الإسرائيلي بهدف محوه وشطبه وتزويره وفي أحيان أخرى سرقته من أجل طمس الهوية الفلسطينية والحقيقة الفلسطينية الراسخة أننا أصحاب هذه الأرض وورثتها الحقيقيون ومثال على ذلك، سرقة اللباس كارتداء مضيفات شركة العال الثوب الفلسطيني المطرز، الكوفية الفلسطينية وتغيير ملامحها، العملة الفلسطينية، المأكولات الفلسطينية كالحمص والفلافل وغيرها، الأغاني والألحان والحكايات الشعبية، الصناعات الحرفية مثل حرفة الزجاج والرخام والفخار، وأن «شعبنا الفلسطيني سيظل يناضل من أجل الحرية والاستقلال والحفاظ على وجوده وبقائه على أرضه حتى نيل حريته الكاملة غير المنقوصة». توقيع مجموعة اتفاقيات وقال نزال بانه من واقع هذا الفهم ولأهميته عملت دولة فلسطين على توقيع مجموعة من اتفاقيات اليونسكو والتي منها اتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي وذلك للإدراك العميق لأهمية استخدام الآليات والأدوات الدولية في صون تراثنا الوطني، وأيضاً التعريف به وحمايته،وحتى تتحقق النتائج المرجوة عملت وزارة الثقافة الفلسطينية على إنشاء الإدارة العامة للتراث للقيام بتحقيق الهدف المطلوب، وهو حماية التراث وصونه وتوثيقه كي يكون مرجعاً للأجيال القادمة وذلك بإنجاز العديد من الخطوات المهمة:، 1ـ بناء كادر وظيفي مدرب ومعد إعداداً مهنياً من أجل العمل على تحديد عناصر التراث وجمعها وتوثيقها داخلياً لكي تكون مرجعاً للباحثين والمعنيين، 2ـ العمل على إيجاد التشريعات المهمة في هذا الإطار حيث تم إعداد قانون التراث الثقافي غير المادي لكي يكون قاعدة مهمة في صون التراث وحفظه وتوثيقه من خلال قانون واضح ومصادق عليه من قبل جميع الجهات المختصة، 3ـ إعادة صياغة العلاقة مع كافة المعنيين في التراث الثقافي غير المادي على الصعيد الحكومي أو على صعيد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وكذلك المؤسسات الدولية ذات العلاقة وذلك لإيجاد قاعدة عريضة مهمة تعمل بتناسق وتكامل لتحقيق هدف حفظ التراث وصونه، 4ــ العمل على تفعيل تطبيق اتفاقية التراث الثقافي غير المادي من خلال التسجيل على القوائم المنصوص عليها في الاتفاقية:، 1ـ القائمة التمثيلية، 2ـ قائمة الصون العاجل، 3ـ استخدام المساعدة الدولية، ومن خلال ذلك قمنا بتسجيل الملفات التالية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، 1ـ الملفات الفردية، الحكاية الشعبية ، التطريز، الدبكة التقليدية الفلسطينية، 2ـ إضافة إلى الملفات المشتركة مع الدول العربية، النخلة، النقش على المعادن، الخط العربي. وتابع نزال بالقول، نظرا لعراقة تراثنا وعمقه التاريخي فإنه يستحق منا جميعا الاهتمام به، فنحن المكلفون بالحفاظ عليه، وتحقيق قدرته على الاستمرار في ظل الهجمة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي لطمس هويتنا الوطنية، ومن هنا فإنه من الواجب الدفاع عنه ومواصلة مسيرة الاهتمام بتراثنا وفق منهج علمي وعملي مدروس يحافظ على أصالة تراثنا الذي هو بنيتنا الثقافية، ويواكب عصر التقدم دون المساس بأساسيات التراث وجذوره، والصلة بين التراث والهوية صلة رحم، فهوية الشعوب وحاضرها وماضيها ومستقبلها مرهون برقي مثقفيها ومبدعيها وفنانيها، وثراء إنجازاتها في مجال التراث المادي وغير المادي، فيما أولت الحكومات والشعوب اهتماما كبيرا بالتراث جمعاً وتوثيقاً. وهو الجسر الذي يتصل بالماضي مرورا بالحاضر والمستقبل، وذلك من شأنه أن يحقق للشعب الفلسطيني حلم العودة وتحرير أرضه. وشدد نزال بان التراث الفلسطيني له أصوله وجذوره القوية الممتدة في عمق الأزمان، وهو حافل بالعطاء والإبداع في كل المجالات، ومسؤولية الحفاظ على الذاكرة الوطنية والتراثية ونقلها للأجيال تقع على جميع الأفراد والمؤسسات فمن الضروري زيادة الاهتمام بالتراث وتفعيل المشاركات في الفعاليات المحلية والدولية، وللتراث دور بارز في حماية الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني بكل مكوناتها، في الوقت الذي تتعرض فيه فلسطين وشعبها وتراثها للنهب وسلب الذاكرة الوطنية والتراثية فمقولة غولدا مأيير « الكبار يموتون والصغار ينسون» هي السياسة الممنهجة للاحتلال لتفريغ الذاكرة الجمعية الفلسطينية، فالصراع واضح والأسباب والأهداف واضحة وذلك من أجل طمس وتهويد معالم التراث الفلسطيني، وعندما نذكر التراث فإن المقصود هو كل تلك المفردات التي تتألف منها الحاضرة والثقافة من عادات وتقاليد، وأدب، وفن وعمارة، وأزياء وموائد وكل ما يتعلق بحياة الشعب الفلسطيني، وما يأتيه من اهتمامات وسلوكيات متوراثة، والرقي بها لتستطيع الاندماج في المنظومة الثقافية والحضارية العالمية. فالشعوب تعرف ويتأكد حضورها دوليا بثقافتها وحضارتها وإنسانيتها. اعتراف دولي وخلص نزال بالقول الى ان تسجيل الدبكة التقليدية الفلسطينية وهذا التسجيل هو تثبيت واعتراف دولي بأن هذه العناصر هي من التراث الثقافي الفلسطيني وبالتالي جزء من الهوية الفلسطينية وجزء من الحق الفلسطيني وليس الحق الفلسطيني وحسب وإنما هو أيضاً حق عربي وإسلامي، لأن فلسطين جزء من الأمة العربية والإسلامية ذات حضارة وتراث عظيم تشترك فيه كل الشعوب العربية والإسلامية، وخير دليل تلك الملفات المشتركة بين الدول العربية التي تم تسجيلها على قوائم اليونسكو وآخرها متزامناً مع تسجيل ملف الدبكة الفلسطينية هو ملف النقش على المعادن، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشعوب العربية والإسلامية لديها ثقافة واحدة موحدة وحضارة تجمعها منذ آلاف السنين. وقال نزال إن كل عنصر يتم تسجيله على قوائم اليونسكو المختلفة سواء كان مادياً أم غير مادي هو انتصار للشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، ومن واقع هذا الإدراك عمدت وزارة الثقافة في دولة فلسطين على تسريع وتيرة التسجيل على قوائم اليونسكو، حيث تم تسجيل التطريز بتاريخ 12/15/ 2021 في الوقت الذي كانت تعمل بشكل حثيث على تجهيز ملف الدبكة الفلسطينية لتسجيله من خلال مجموعة من الخطوات التي تتوافق ومعايير التسجيل الخاصة باليونسكو وبتنسيق كامل مع الشركاء سواء حملة هذا التراث العظيم وهم الممارسون له من فرق الدبكة المختلفة المنتشرة في كافة أنحاء الوطن، إضافة إلى كافة المؤسسات ومراكز التدريب على الدبكة الفلسطينية، إضافة إلى التعاقد مع خبراء فنيين لإعداد الملفات وكذلك الحصول على كافة المعلومات المطلوبة والتوثيقات ذات الصلة والتي تعزز من مصداقية الملف أثناء دراسته في اللجان التقييمية واللجان الاستشارية لدى اليونسكو الخاصة باتفاقية 2003 والتي تعمل على إقرار هذه الملفات، ناهيك عن التنسيق المباشر والدائم مع المجموعة العربية في اليونسكو من خلال ممثل فلسطين في المنظمة سعادة السفير منير أنسطاس. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 20-12-2023 06:48 مساء
الزوار: 448 التعليقات: 0
|