|
عرار:
صفاء الحطاب بأدوات المهندس ومعرفته وثقافته الراسخة في عالم اليقين والأرقام والحسابات الدقيقة، طرح الكاتب ببراعة أسئلة فلسفية عن حيرة الفرد الوجودية في فضاء زماني وآخر مكاني مرسومين بعناية وتدرج يخدم الفكرة الأساسية للرواية، واستطاع الكاتب أن ينسج رواية «الفرد» ببشريته وروحانياته بمواجهة الحياة ونفسه. رواية نسجت عن تجربة المهندس فراس الحياتية والعملية بتفاصيل وحبكة محكمة ولغة عالية؛ لطرح بعض الأسئلة الوجودية. وجاءت الرواية مثل «شاهد على العصر»، تروي تطور المدينة كجزء من المنطقة، وكمكان لحركة الفرد المتأثر بأحداث كبرى وحروب وهجرات، وتصوير معاناته في ظل هذا الجو العاصف. وكان التركيز على مفهوم «الهدف الذكي» في علم الإدارة، ووضوحه في ذهن بطل القصة المهندس البارع في عمله وتحقيق أهدافه، وعدم قدرته مع ذلك على التحكم بكل ظروف حياته؛ إشارة عميقة إلى أن هناك دوما جانبا غيبيا خارجا عن قدرة الفرد في ضبط وضمان نتائج مسار حياته، كما هو الحال في العلوم النظرية؛ ويصور الإشكالية الوجودية الكبرى التي طرحتها هذه الرواية! فقد طرح الكاتب بيقين حالة «عدم اليقين» التي تسيطر على كل منا في لحظة ما، وازدواجية الروح والمادة، الهيكل والجوهر واستثار الأسئلة الوجودية في أعماق بواطننا، وقدم طرحا فلسفيا عميقا جدا. تميزت الرواية بقص سيرة المدينة «عمان» بخط متوازٍ مع خط قصة المهندس فراس، بمهارة صورت التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمنطقة كلها، في ربط ذكي ببعض المدن المجاورة كالقاهرة ودبي، وبسلاسة وعمق. أعادت الرواية وضع القارئ والفرد الذي عاش كل تلك التغيرات ضمن نسيج جمعي كبير مؤثر، وصورته من الخارج، وألقت الضوء عليه. وأضاءت الرواية أيضا الجوانب النفسية العميقة للأفراد بشفافية خالصة، وقدمت نظرة الرجل للمرأة وعلاقته بها، وعلاقة أفراد المجتمع ببعضهم، والضغوط التي يمارسونها على بعضهم تحت تأثير المتوارث والدوافع الذاتية لكل فرد. رواية «المهندس» هي رواية كل منا، ونحن نحاول هندسة حياتنا وفق قوانين المادة والحسابات الدقيقة، في ظل الغيبيات وأشواق الروح والصراعات التي نخوضها في رحلة الحياة. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 14-01-2024 05:16 مساء
الزوار: 767 التعليقات: 0
|