- مولودة في10 أكتوبر 1966 بقليبية ولاية نابل. - قاطن ببلدة صاحب الجبل - الهوارية - نابل.
- متحصّل على الأستاذيّة في اللّغة والحضارة العربيّة من كليّة الآداب بمنّوبة سنة1996. - أستاذ أوّل في اللّغة و الحضارة العربيّة. - كاتب وناقد أدبي وعضو اتّحاد الكتاب التونسيّين . - حائز على جائزة الدّولة في أدب الشّباب في القصّة سنة 1995. - أصدرت مجموعتين قصصيّتين : عرس النّار (1995) الدار العربيّة للكتاب ، أيّة إمرأة أكون ( 1999) الأطلسيّة للنشّر. - في انتظار النّشر: 1 - رواية : في المعتقل. 2 - كتاب نقدي عن الشّعر والقصّة والرواية في تونس. - منتج بإذاعة تونس الثقافيّة. - Email : mohissa10_(at)_hotmail.fr
قصّة قصيرة دانــــــيــــــــــــــالا
بقلم : محمّد عيسى المؤدّب .
1 اسمي الهادي أيّها السادة و كنيتي الغول.. و النّاس ينادونني سرّا و جهرا الغول المنّوبي.هل أثار اسمي فضولكم و دهشتكم ؟ لا تتسرّعوا في الحكم عليّ من فضلكم ، أنا لست مخيفا إلى ذلك الحدّ...كنية الغول التصقت بي منذ كنت طفلا ، لاحظ النّاس أنّ عينيّ بارزتان و حاجبيّ كثيفان و ملامحي سمراء فسمّوني غولا، أنا على أيّ حال لست قبيحا، انتظروا إن أردتم سرد وقائع مغامرتي حتّى تتأكّدوا من ذلك.من كذب عليكم ؟ من سرّب أخبارا زائفة عنّي إلى حدّ يجعل أعناقكم تشرئبّ نحوي ساخطة و مستبدّة؟ أنا أيّها السّادة لم أسرق و أقتل و أغتصب ، سجنت لأنّي ابنكم لا أقبل الإهانة ، لم يكن بوسعي قطعا أن أصمت و أمضي شاحبا مصفرّا.النّاس أتدرون؟ لم ينفروا منّي لأنّي متهوّر و سليط اللّسان ، فعلوا ذلك فقط بسبب النّدوب المنتشرة على ساعديّ ، ندوب بالطّول و العرض حفرتها بشفرة الحلاقة يوم خروجي من السّجن لألغي من عالمي كلّ مظاهر الخوف الغريزي...هل أنا سفّاح كي يهرب منّي الأطفال و يتجنّبوا رؤيتي؟ لست متهوّرا إلى درجة تربكهم و تفزعهم و لا أكون كذلك إلا في البحر ، هناك تستبدّ بي نوباته لأصارع رعونة الأمواج..صبايا القرية أيضا يتبرّمن منّي و ينفرن من النّدوب و بعضهنّ يهدرن خفية بوسامتي و لا يعترفن باشتهائهنّ لي أنا الغول المنّوبي.بودّي أيضا أن أخبركم أنّه منذ يومين وصلتني رسالة من دانيالا ، هل علمت أخيرا بحكايتي في الملهى؟ هل صدّقت أنّي لست نذلا و جبانا كما كتبت في رسالتها الأولى؟..آه يا دانيالا، يا عزيزتي ، يا حبيبتي...كيف ساورك الشكّ؟ إن أغدر بك ففي أيّ عينين أغرق؟ و أيّ شعر ألثم ؟ و أيّ حضن يحفل بمتاهتي؟..حبيبتي قبّلتني ، آه قبّلتني و استعجلت عودتي إلى ريماني ، قالت إنّ أباها السيّد أنطونيو يلحّ في حضوري ، قالت ذلك و هي تدفن مشاعرها ، أعرفها حلوتي ، لقد اشتاقت إليّ أنا البعيد عنها طيلة أربعة أشهر...بماذا أخبرها ؟ و هل أكتب إليها أم أهاتفها؟ فكّرت طويلا بقلق و لم أرتح إلى حلّ ، رجال الشّرطة أيضا لم يثقوا بي ، أعلمتهم بأنّي تركت وثائقي في ريماني فلم يصدّقوني ، بكيت أمامهم ، أجل و أخبرتهم برغبتي في السّفر لاستئناف العمل و ملاقاة زوجتي لكنّهم طردوني ضاحكين مستهزئين... الغول متزوّج بإيطاليّة! ؟ ..إنّه يهذي قالوا و ضحكوا طويلا منّي..فهل أنا معتوه أيّها السّادة؟آه، يا دانيالا... كيف ألاقيك من جديد ؟ جفّت عيناي و لم يعد يغمض لي جفن و أصبحت كائنا لا ينام ، كائنا محكوما عليه بالذبول و التلاشي ، أقابل الصّباح ، كلّ صباح مترنّحا من فرط القلق و الملل ، مثل الشّجرة الصّلبة بلا أغصان و أوراق و أتهجّى طرقات القرية و تقودني قدماي إلى الشّاطئ الصّخريّ ، لا أقترب منه ، أظلّ محترزا من العيون التي تراقبني ، أنحني هناك و أتشظّى مشوّش الأنفاس ..الأمواج في غفلة من فطنتها تتوهّم أنّي أعشقها و ألاطفها، تظلّ تتخبّط على الصّخور هاتفة و مقبّلة و هي لا تدري أنّي أبتهج لوجه دانيالا المحتجب عنّي وراء صخبها الأرعن..آه لو كنت قادرا لعبرت البحر في لحظة خاطفة حتى أغرق في عينيها السّوداوين إلى الأبد، إلى الأبد..أعود بعد ذلك إلى البيت مأهولا بالظّلام ، يدميني سعال أبي المريض و تتراكم عليّ خيالات كئيبة ..هل كانت أمّي تسمع آهاتي و تتشرّب دموعي وهي تنام في قبرها؟ أمّي ، هل كانت تدري أنّ المحن ستتشهّاني؟..أنا يائس أيّها السّادة ، كياني يمتلئ بالملل و عيناي مذهولتان ، يائس و لا أرغب في أن أصيبكم بالضّجر..حكايتي ، لا تقرأوها على عجل ، تمهّلوا ، دخّنوا إن أردتم و اشربوا القهوة ثمّ عودوا لمتابعتها ، أخبروا أيضا من لا يحسن القراءة و اسردوا له الحكاية دون تصرّف أو تشويه ، أنا صاحبها أوصيكم بالأمانة و عدم التحمّس للارتياب و الهلوسات..
2
في ليلة العاشر من ديسمبر ، الليلة المشهودة تلك ، لم تكن قاعة المرقص واسعة و لا آهلة بالزبائن و مع ذلك لم تكن تخلو من هيجان حادّ..الطاولات نصفها شاغر يرين عليها صمت مطبق و الحركة كلّها تنبثق في صدر القاعة المرتفع قليلا.. أصوات الآلات تضجّ بصخب و الأضواء المتكسّرة تنسج دائرة أخطبوطيّة تتهافت عليها الأجساد في إيقاع هيستيري و الأذرع بتوتّر تنجذب لبعضها البعض و تستسلم للّهب... لم يكن في نيّتي أن أرقص ، قادتني قدماي إلى المرقص و لم أمانع ، اكتشفت أنّ رغبتي مجنونة في الشّرب و التمتّع بمشاهد الرّقص ، ليلتي الطويلة الباردة كيف أمضيها غريبا ، مخترما بالفراغ ؟ تساءلت في داخلي و لم أشغل تفكيري بالبحث عن إجابة.مضى نهاري متقلّبا في بارما ، كنت أمشي في الشوارع مرتعبا من سيّارات الشّرطة ، جارّا قدميّ مثل متسوّل ، في لحظة ، كدت أهرب من الشّرطيّ الذي توهّمت أنّه يتعقّب خطواتي ، و ما إن ملت إلى اليمين متلاشيا في زقاق ضيّق حتّى عاودني فرحي البائس ، البدلة الزّرقاء تلك لم تحفل بالزّقاق...جرّبت أن أغفو في إحدى المقاهي غير أنّ النادل (أو الجرسون ، لا أدري ماذا يسمّونه هناك) قال لي بإيطاليّة ملاطفة:- بإمكانك أن تختار أحد الفنادق ، إنّها كثيرة في بارما..في باب المقهى اصطدمت بلا قصد بمتسوّل حدست لا أدري لماذا أنّه يهودي ، البائس حدس أنّي أنافسه و أقطع عيشه فخاطبني بتحدّ و بفرنسيّة مهشّمة:- أنت أخي لا شك في ذلك إلا أنّ ضوابط العمل تقتضي أن أحذّرك ، إنّك يا عزيزي في منطقتي فلا تتهوّر..النّذل! النّتن ! مثله هل يعرف الإحساس أصلا؟ كدت أبصق عليه و أطفئ السّيجارة في فمه ، كنت مدعوكا بالضّجر و الحرمان ، تمتصّني هوّة ساحقة و لم يمنعني من تعنيفه إلا الخشية من الوقوع في أيدي الشّرطة..أشعلت سيجارة و أنا متكدّر على الطّاولة الخرساء ، العيون أهملتني و لم أجرّب أن أحاور هلعي أو حتّى أن تنهشني و تنهكني.. هل أخطأت يا إلهي ؟ هل تسرّعت؟ قد تنزل عليّ اللّعنة بعد أن هربت من المرأة التي أنقذتني و أوتني في بيتها و إن لم يحدث ذلك سأصاب حتما بالجنون و أنتن في مدينة لا ترحم الغرباء..لماذا كنت قاسيا إلى ذلك الحدّ؟ لماذا؟ باتريسيا لم تخطئ و لم يكن بمقدورها أن تفعل غير ذلك ، ابنتها هدّدتها ، أعلمتها أنّها ستهرب من البيت إن بقي وجهي في البيت ، أليس هذا الاحتمال واردا؟ لكن ، مانويلا هل رغبت في انصرافي حقّا؟ و شبقها الملهوف نحوي كيف تتخلّص من ورمه؟..لو تريّثت ، لو صبرت ، ما كان عليّ أن أحفل بالتوتّر الذي خضّني حين أفصحت باتريسيا عن رغبتها في الزواج منّي :- هل أنت متردّد ؟ طيّب يا حبيبي ، سأكلّفك بإدارة محلّ المرطّبات ، فهل يرضيك ذلك؟..قلت بصوت مبحوح :- لا يا باتريسيا ، إنّ رغبتك تسعدني و أنا لست متردّدا ، فقط أحتاج إلى التّفكير.هل فكّرت ، لا أدري ، لا أدري لماذا هربت ؟ شئ ما أفسد مزاجي و صيّرني بلا إحساس، الشئ ذاك طردني من البيت و شرّدني...باتريسيا ، يا باتريسيا ...هل كنت أمّا أم عشيقة؟ لا أعرف بأيّ إحساس أثق ، عرفتك منذ شهر و أنا خرقة بلا ملامح آدميّة ، عندما رمانا المركب في الساحل الجنوبي لجزيرة سردينيا طوّقتنا الشّرطة من كلّ الاتّجاهات و كان أمامي حينئذ حلان : إمّا أن أستسلم و إمّا أن أسبح باتّجاه المركب الذي قطعنا حباله و بدأ يتعمّق في البحر..أأنسى؟ أنت يا باتريسيا حميتني من طلقات الرّصاص و مسحت الخوف الذي غلّف وجهي...تفحّصت هيئتي و دقّقت في ملامحي بشكل لافت ثمّ سألتني و أنت تسوّين منديلا حول رقبتك :- هل تتقن الإيطاليّة؟تنفّست بجموح ثمّ قلت متطلّعا إلى عينيك :- أجل، أيّتها السيّدة ، البحر علّمني كلّ اللّغات ، الإيطاليّة و الأنقليزيّة و الفرنسيّة و الألمانيّة بالإضافة إلى العربيّة طبعا.- أنت بحّار إذن ، لكن ، لماذا تطاردك الشّرطة؟- أنا هارب ...قلت مرتبكا و قد خفت أن تهربي منّي ثمّ تابعت :- تسلّلت إلى جزيرتكم مع بعض الأصدقاء الذين لا أعلم عنهم شيئا الآن...و الشّرطة ،هل تسمعين طلقات الرصاص ؟ إنّها تطاردنا...ساعديني يا سيّدتي، ساعديني قبل أن يقبضوا عليّ.ابتسامتك التي ملأت وجهك هذّبت انفعالاتي و خمّنت أنّك لن تخدعيني ، القدر أرسلك إليّ ، إليّ يا باتريسيا..قادك إلى ضيعتك كي تنقذيني و تعشقيني.- هيّا ، اسرع ، سنمضي إلى البيت..قلت بصوت رخيم.نسيت في اللّحظة تلك أنّي شرس و متهوّر ، غدوت وديعا و أنا أسير بجانبك ، بماذا أحسست يا إلهي ؟ بماذا أحسست؟..صرخت بلا صوت : لقد نجوت ، نجوت من الهلاك..هل تجاوزت الأربعين هذه الرّائعة؟ تساءلت في داخلي و أنا ألعق الضياء المتوهّج من عينيك...انبهرت أنا الخارج من فوهة بركان بشفتيك اللّحيمتين و صدرك الناهض و ساقيك الرّشيقتين..قدّمتني لابنتك قائلة :- إنّه صديق أرسله لنا القدر ، و سيمضي معنا بعض الأيّام يا مانويلا..أعشقتني مانويلا منذ النّظرة الأولى رغم هيئتي المتوحّشة؟ أأهاجتها سمرتي الإفريقيّة؟ شفتاها لحيمتان مثلك يا باتريسيا لكنّها أطول قامة منك..قالت و هي تحاول إخفاء ابتسامتها المشفقة :- هل أنت مهاجر يا...؟- اسمي الهادي المنّوبي هتفت و أنا أسوّي شعري المتناثر ثمّ تابعت:- أجل أنا مهاجر ..مهاجر بلا أوراق...ربّما لاحظت أنّها قلّبت شفتيها ارتيابا و ربّما انتبهت أيضا إلى ارتعاشة نهديها الصغيرين إلا أنّي لم أكترث بشئ..آه ، يا باتريسيا ، إحساسي تجاهك فجأة برد و تكدّر ، مثل الجليد أصبح يكتسح مفاصلي و يوبّخني و لم أستطع أن أحدّد ، أأنت أمّ أم عشيقة ؟ طيلة شهر كنت أستنكر و ألتذّ ، أهذي وأتلعثم..و مانويلا؟ ألم تلاحظي معي؟ كانت تتابع اهتياج جسدينا من ثقب المزلاج ، تظلّ تنشج و هي تحضن الخشب البارد ثمّ تختفي، كنت أحسّ بأنفاسها الحارقة و تململ نهديها من وراء باب غرفة النّوم. أكان يغمض لي جفن و مانويلا تتخبّط كلّ ليلة في نوبة محمومة؟ كانت و أنت تعانقينني بدفئك و رائحتك و شهقاتك ترشح بالغيظ و تفترسها الغيرة و تعذّبها ، كنت أسبّب لها ألما عميقا و اضطرّني ذلك إلى التسكّع في شوارع معتّمة...النّادل ذو الملامح المغربيّة أمسك بيدي عند السّاعد و خاطبني :- هل نمت؟- قارورة أخرى من فضلك...قلت و أنا أفرك عينيّ ثمّ سألته :- كم السّاعة الآن؟- تجاوزنا منتصف الليل..وسنغلق بعد ساعة تقريبا.- ألا يوجد فندق ، هنا ، بجوار المرقص؟- على بعد مائة متر يوجد فندق جيّد ، اذهب هناك ، إنّه مريح للغرباء..للغرباء مثلنا..يا إلهي ! في اللّحظة التي انصرف فيها النّادل من أمامي رأيتها ، التقت عيوننا في لحظة خاطفة و اكتسحني شعور بالتّلاشي ، ألم أقل لكم إنّها ليلة مشهودة ؟ نظراتها خضّت دمائي و أصابتني بحمّى مباغتة .. كنت نائما ، النّادل معه حقّ لم يكذب و لم يقصد مشاكستي ، أين تشرّدت نظراتي ؟ و كيف تغاضت عن وجه جميل كهذا؟ .. كانت تجلس مقابلي تماما، عيناها سوداوان ،دافئتان ، لا تخلوان من حزن و بشرتها مضيئة.. توقّفت عند الوجه ، لامست أنفاسي عن بعد الشّعر الأسود و الأنف الصّغير و الشّفتين البارقتين و بدا لي أنّ جسدها ارتعش و أنا أحدّق فيها بفرح و انتشاء..هل انزعجت؟ خمّنت أنّ التهوّر يفسد كلّ شئ و عليّ أن أتجنّب التسرّع كي لا تنهض متضايقة ..لكن، كيف انبثقت أمامي ؟ هل كانت باتريسيا تحجب عنّي الرّؤية و تنيم أنفاسي في الثّلج ؟ ...سامحيني يا باتريسيا، أنا لم أهرب إلا بسبب مانويلا.. الصّغيرة تحبّني و أنا لم أشأ أن أغدر بك بجوار غرفة نومك..لابدّ أن أكتسب ثقتها و أحسن ترويضها قلت في داخلي و أنا أتطلّع إليها بتوسّل ، هيّ لا ترغب في الرّقص مثلي و لا أظنّها تنتظر عشيقا.. مثلها فاكهة الجنّة لا تنتظر أحدا ، و النساء الجميلات ، وحدهنّ يبقين في كلّ الحالات شامخات..القدر شاء ، السّماء أيضا أشرعت في وجهي الباب..الفاتنة أخرجت سيجارة من حقيبتها ثمّ التفتت إليّ :- هل تسمح؟أيّ شئ حصل حتّى يخفق قلبي بروعة و ترعش اللّذة جسدي كلّه؟ هيّ الرّائعة لم تشأ تعذيبي أو التلاعب بأعصابي.. أنت أيّها الربّ شاهد ، لم أشاغبها و لم أضجرها ، هيّ التي بادرت فهتفت لي عيناها و شفتاها..سرت نحوها و بأصابع ممعنة في الابتهاج أشعلت القدّاحة..- هل أنت بمفردك ؟..سألتني ثمّ تابعت :-
اجلس إن شئت ..سنقاوم الضّجر معا ، أنت لاشكّ قلق إذ كدت تدمي شفتيك...لماذا يا....آه ، ما هوّ اسمك؟- الهادي المنّوبي..هتفت.- و أنا اسمي دانيالا ، لكن ، لماذا كنت تفرك ذقنك بعصبيّة؟يالي من أبله قلت في نفسي !.. عيناي البائستان كانتا مسجونتين في ضجّة جريحة ، و هي ، الجميلة ، العذبة ، كانت تتابعني و تتوغّل في قسماتي المنقبضة ...ها أنّك يا باتريسيا و أنت غائبة تخضّينني و تحاصرينني..- أنا يائس يا آنسة و متضايق في هذه المدينة ، أحسّ أنّي منطرح في أرض عاوية..إنّي أغرق، أغرق و لا أحد ينقذني.- لماذا أنت بائس هكذا بلا موجب؟ أنا مثلك غريبة عن بارما ، و عائلتي في مدينة ريماني ، هل أنت تعرفها؟- لا ، لا يا آنسة ، فقط أعرف سردينيا و كانت لي صديقة هناك...- قد كانت ؟ و لكن ، أين هيّ الآن؟- باتريسيا إمرأة فاضلة و طيّبة ، اكتشفت أنّي لا أحبّها فانصرفت عنها حتى لا أتسبّب في عذابها...- ولكنّ هروبك يعذّبها أكثر.- أعرف ذلك ، لكن ماذا أصنع و ابنتها مانويلا تعشقني أيضا.. أحسست أنّي سأتسبّب في كارثة فهربت ، و المهمّ عندي أنّي كنت صادقا مع باتريسيا و لم أشأ أن أسئ إليها..صمتت دانيالا فجأة و طلبت من النّادل أن يحضر لها كوب ماء ، في اللّحظة تلك تأمّلتها بعمق و هتفت في سرّي : دانيالا ، أيّتها الرّاشحة بالفتنة أشرعي أبوابك أكثر و أهّلي رغباتي للتموّج..أنا صلصال بين يديك النّاعمتين ، هيجان إفريقي فاحضنيني و ألصقي دهشة شعرك في اختلاجات شفتيّ.. شربت كوب الماء ثمّ أمسكت بيدي اليمنى و قالت :- هيّا ، سنمضي ، ألا تريد أن تغامر؟غادرنا المرقص و توغّلنا في أزقّة ملتوية ، لم يكن بمقدوري أن أتردّد أو أتراجع ، في قلب المحنة عرقلت التّفكير في كلّ خطر داهم ..و حتّى إن تمكّن منّي الحمق فلن أخسر شيئا على أيّ حال ، سأموت مثل الكلاب ، مثلما كنت سأعيش مثل الكلاب (أقصد كلابنا لا كلابهم)..المدينة في ليالي ديسمبر تحافظ على صخبها و أسرارها و هي لا تشبه مدننا التي تنام باكرا كالدّجاج الاصطناعي الأبيض ، ها هيّ تضيق و تتّسع أمامنا ، تقفر و تمتلئ بعربات الميترو و السيّارات و الدراجات و في الزوايا تتراءى الأشباح مترنّحة و متماوجة...هي المدينة في الليل ، تغلّفها اختلاجات متصادمة..عناق و سكر و كلمات داعرة و قطط راكضة و نداءات و دخان و لهاث و شبق متناثر..توقّفت دانيالا أخيرا و قالت مطوّقة خصري :- سنبيت في هذه الوكالة يا الهادي ، ( يا الهادي قالت الرائعة دانيالا)..هم يؤجّرون السّاعة بثلاث ليرات فكم يلزمك من ساعة كي ترتاح؟ تسع ساعات ، هل يكفي؟في الغرفة الضيّقة اكتشفت أنّ دانيالا ترتدي فستانا زفافيّا يكشف نهدين صغيرين غير أنّ عينيها حزينتان ، تنهكهما الزّفرات و الرّعشات اللّعينة ، قلت لها واضعا يدي على كتفها :- عيناك متعبتان يا دانيالا فهل ندمت على مرافقتي؟هزّت رأسها و هتفت و هي ترسم ضحكة عصبيّة على شفتيها :- أمجنون أنت ؟ أنا التي رغبت في مرافقتك ، كنت في المرقص حزينا بإثارة شدّتني إليك.- ولكن، الآن ، ما الذي يرهقك؟- أنا مثلك متلاشية و مختنقة ، بالأمس فقدت صديقا اعتقدت أنّه شهم ، لكنّه الخسيس تونيو.صمتت قليلا لتمسح الدّموع المتململة على خدّيها ثمّ استأنفت :- الوضيع ، عرضني على صديق له مثل البضاعة الرخيصة..- البائس ! النّذل! كيف يتجرّأ؟.. صرخت.- المهمّ ، دعنا منه الآن ، ذلك القميء ، لقد ردمت البارحة صورته الكريهة.- مثله يجب أن يصلب ، كيف؟ كيف ؟ يفرّط في ضحكتك التي يهتاج لها القمر ؟كتمت ضحكة صغيرة و حاولت أن تعضّ ساعدي الأيمن لكنّي هرّبته بحركة صغيرة فساح شعرها على و جهي...هل نمنا ليلتها ؟ بثوبها الأحمر الشفّاف سحرتني و صيّرتني شهوة متهوّرة ، هاج في داخلي صراخ عندما أحاطت يدها بعنقي.. هل أعترف ، الآن ، أن لا متعة إلا معها؟ أسرتني شفتها السّفلى المرتخية و أهاجتني بعنف.. و هي الرّائعة راحت مبلّلة العينين تداعب صدري ، كانت تجذب و تتشبّث غريقة في لجّة البحر ، كيف يمكن للمرء ساعتها أن يتصرّف؟ هل تذكّرت باتريسيا؟ و مانويلا ، أأربكتني عيناها الدامعتان؟.. دافئة كانت دانيالا و مجنونة أكثر منّي ..زحفت يداي ، جاستا كلّ شئ و فركتا النّهدين.. الشّفتان لم تكونا لحيمتين لكنّهما ناعمتان ، و السّاقان برشاقتهما خبّطتا على ظهري ، ضربتا بعنف و اندفاع ثمّ استسلمتا...قالت دانيالا الجميلة و جسدها العاري يتقاتر ماء:- أبي يدير معمل جليز في ريماني ، سنرى إن كانت هناك إمكانيّة لتشغيلك ، فهل ترافقني يا الهادي؟ارتخت عيناي عن السّقف و هتفت دون تفكير :- أرافقك يا دانيالا ، أرافقك طبعا...
* * *في ريماني اختفى إحساسي بالغربة و لم يتهافت عليّ الضّجر ، و الحقّ أنّ مدينة دانيالا مختلفة تماما عن بارما ، شوارعها هادئة و خالية من الروائح الكريهة ، فقط يبقى ليلها موبوءا بالهواجس... و من الملائم أن أعترف أنّي أحببت دانيالا ، أحببتها حتّى نسيت حاجتي الملهوفة إلى التسكّع ، لن أخجل باعترافي هذا لأنّها لم تكن مجرّد إمرأة جميلة ، كانت بالإضافة إلى ذلك ملاكا ، أجل أيّها السّادة.قدّمتني لأبيها السيّد أنطونيو قائلة:- إنّه الهادي ، صديقي ، بإمكانك يا أبي أن تثق به..لم يحرجني أبوها و لم يمطرني بالأسئلة التي تطرح في مثل تلك الظّروف، اقترح عليّ سيجارة و اكتفى برسم ابتسامة مرحّبة...أمّها السيّدة ناستاسيا تطلّعت إلى ملامحي محاولة مثل كلّ النّساء أن تنبش في أغواري ثمّ رسمت مثل زوجها ابتسامة لطيفة و سألت:- هل هاجرت حديثا إلى إيطاليا؟- أجل يا سيّدتي ، منذ شهر تقريبا..- و هل لديك عمل؟- كنت أشتغل في محلّ لبيع المرطّبات في سردينيا، و الآن أنا بلا عمل..منذ ذلك اليوم لم أحسّ بحرج و لم تجرّب السيّدة ناستاسيا أن تفحمني بالأسئلة مرّة أخرى، تأكّدت أنّي أصلح صديقا وفيّا لابنتها ، و قلب الأمّ خبير بكلّ شئ...وبعد شهرين أمضيت عقد زواج مع دانيالا ، حبيبتي ..كنت مبتهجا و أنا أقبّلها من شفتيها أمام أبيها و أمّها و بعض أقاربها...أمّي ، لو حضرت لن تغضب منّي، أجل ، لم نقم بمراسم احتفال كبيرة و اكتفينا بحفل بسيط قرأت أثناءه في سرّي سورة الفاتحة ثلاث مرّات..سألني السيّد أنطونيو ليلتها و نحن نشرب القهوة :- أصدقني القول يا الهادي ، هل أحببت دانيالا فعلا أم أنّك ترغب فقط في الحصول على وثائق الإقامة؟..قلت و أنا أطفئ السّيجارة في المرمدة :- أجل يا سيّد أنطونيو أحبّها ، و لو كنت أشك ّفي ذلك لما فاتحتها في شأن عقد الزّواج...و ابنتك لا يمكن إلا أن تحبّ..إنّها رائعة، رائعة يا سيّدي..مرّت أيّامي بعد ذلك هادئة و حافلة بالمتعة، أمضي نهاري في معمل الجليز و الليل أقضيه في حضن دانيالا الذي لم أعرف فيه الصّقيع و الملل..دانيالا ، يا دانيال ، أسألك الآن : كيف سمحت لي بالخروج إلى الملهى؟... في العادة لا أخرج إلا بصحبتك ، أنيقا بتوهّجك ، كنت يا عزيزتي ليلتها مصابة بنزلة برد و لم ترغبي في حرماني من السّهر..و أنا! كيف طاوعتك؟ و كيف كنت متهوّرا إلى ذلك الحدّ؟...زجاجة الكونياك كانت أمامي منتصفة عندما فاجأني صوت جافّ:- أنت ، أ لا تسمع أيّها الحيوان؟ اخرج من الملهى ، هيّا ، اسرع يا كلب ولا تتغابى هكذا..الوجه الذي رأيت أثار تقزّزي، ربّما هوّ شبيه بوجه الحصان ، مستطيل و مشوّه بالنّدوب..لا أدري لماذا خيّل إليّ أنّه تونيو ذلك القميء..عرفني و تعقّبني لينتقم..نظرات الحقد تومض بحدّة و تلغي طبيعته الآدميّة و الخمر لا شكّ ذهب بعقله، ما شأنه بي هذا الحصان ، تساءلت..زمّ شفتيه ثمّ تقدّم منّي بخطوات ثقيلة و صرخ :- ينبغي أن ترحل عن ريماني ، الكلاب مثلك يختفون بأمري دائما، هل تفهم؟و بحركة مباغتة ، منفعلة صفعني و بصق على وجهي...زجاجة الكونياك هربت من قبضتي ، سقطت على الطّاولة و لم تتهشّم، ألفيت نفسي حيوانا مسجونا منذ عشرات السّنين (و ربّما كنت كلبا فعلا)...بيديّ سحقت الحديد و نفذ إلى أعماقي الغضب كارتعاشة برق ، ضربت بقبضتين لاهبتين ، تلاحقت الضّربات على ذراعيه ثمّ تشتّتت على العينين و الخدّين و الرّقبة .. غولا عنّفته إلى أن أحسست به يسقط مثل الخرقة ...صرخ شيخ كان يتابع المعركة:- لقد مات ، تهوّر حتّى مات ، البائس !...الحصان لم يمت ، صبّوا على وجهه زجاجة خمر فتنفّس باختناق ، تملّكني الخوف و هممت بالفرار، لوكانت الوثائق بجيبي لما خفت .. لكن ماذا أفعل إزاء سوء تقديري؟.. حدست أنّ الشّرطة ستداهم الملهى و تقبض عليّ أنا المتّهم بإثارة الشّغب.. و في اللّحظة التي اتّجهت فيها نحو الباب حاصرني أعوان الشّرطة فعلا و كانوا خمسة...صرخ أحدهم :- أنت مهاجر إذن، أين وثائق الإقامة؟- في بيت السيّد أنطونيو...قلت صاغرا.- كلّكم تقولون ذلك ، تحفظون الأسماء و تتحصّنون بها..أتعتقد أنّنا أغبياء أيّها الكلب؟ذلك الحصان النّتن ، سكر بضحكة هيستيريّة و هم يزجّون بي في السيّارة.. و في مركز الشّرطة لم يسمحوا لي بالكلام..أغلقوا الزّنزانة و أهملوني...صرخت في الأثناء و هدرت مثل الطوفان:- استدعوا السيّد أنطونيو ، إنّه قريب من هنا...و دانيالا ، دانيالا زوجتي لن تسمح لكم ، استدعوعا من فضلكم..و بعد يومين رحّلوني إلى تونس مثلما يفعلون مع البضائع المختومة...
3
مضت أيّامي في السّجن بائسة و موبوءة أيّها السّادة...سربلتني الهلوسات الفظّة من كلّ جانب حتّى تأهّلت للجنون ، في اللّيالي الباردة تلك أمرّر يديّ على خديّ فلا أحسّ بشئ ، خيّل إليّ أنّ إحساسي تماوت مثل سمكة رموها في سجون الرّمل و الصّناديق الخشبيّة..تعكّر جسدي كلّه و تموّجت في داخلي ، في داخلي فحسب حركة عنيفة صيّرتني انفجارا مدوّيا..في الهواء الفاسد الملوّث بكلّ شئ لم أردّد اسمك يا دانيالا أمام رفاق السّجن ، هتفت به أضلعي مغتمّة لتنسى أنّك لست معي.. هل تصدّقين يا حبيبتي؟ عيناك تبتسمان لي كلّ ليلة و تهتفان بحرارة و شعرك النّاعم يسيل على و جهي لحافا فائحا...لاهثا كنت و متحمّسا أحضن يديك و أقبّل صفاءهما و لا أنسى أن أطفئ الضّوء عبد النّوم ، هل أنسى ؟ يعكّر مزاجك و يفسد أحلامك..لم أضجر من رؤيتك طيلة ثلاثة أشهر، أراك فتنتشي الحجرة المستطيلة بزفراتك..و الوجوه التي ترافقني و تحيط بي ، أكنت أراها؟..تنبجس أمامي كفقاعات ثم سرعان ما تنسحق في الظّلمة المتدفّقة..و أنت يا دانيالا هل افتقدت عناقنا الدّافئ؟ هل تذكّرت كيف كنّا في الفراش نفتتن بعرينا و تسكرنا الآهات؟ و هل قبّلتني في الصّقيع الموحش؟.. أنا لا أنسى يا حبيبتي ، أقبّلك و أغمض عينيّ ، لكنّ الأرق ، ذلك الجبّار يتوّجني بطلا في الصّحو و السّهر...كيف تسرّعت يا دانيالا ؟ كيف؟ رسالتك الأولى قرأتها بعد الخروج من السّجن فبكيت ، أ أجرؤ أنا المغتسل بأنفاسك على الهروب منك؟ و كيف أقدر على خيانتك أنت التي هجّيت شراييني اختلاجات الفرح و اللّهفة و الإثارة؟..حكايتي معك لم تبدأ أبدا في المرقص ، التقينا هناك و كان يمكن أن نلتقي في مكان آخر، في المحطّة مثلا أو في عربات الميترو أو أنت نازلة من سيّارة أجرة أو داخلة إلى قاعة سينما...في بطن سمك القرش كنت سأخترق الأحشاء و أنتهب المسافات لأصل إليك...ذات ليلة من ليالي قريتي الخرساء خضّني هيجان مخرّب نحو السّفر و ملأ كياني بهتافاته، أكنت أنت يا دانيالا تهتفين لي و تلوّحين بيديك من وراء متاهة طويلة؟ في تلك الليلة تسلّت أفكاري بالأحلام فلم أعد قادرا على التنفّس و النّوم...رأسي فيما بعد أضحى مثقلا بالتهوّر فانعدمت رؤيتي لأبي و إخوتي و كرهت العمل في البحر..أخبار البحارة أيضا كرهتها و أهملتها ، ماذا منحني البحر؟تساءلت ، من انتبه إليّ و الشّمس تحرقني و تقرّح وجهي بالملح؟ ما أحصل عليه من مال كان لا يبقى في جيبي ، يتشتّت مثل الرّمل، بعضه أسلّمه لأبي عن طيب خاطر، أليس أبي؟ أرعاه و أحميه من نذالة العجز..و البعض الآخر أخصّصه للخمر و النّساء ، بحّار مثلي مستعدّ لنسيان كلّ شئ إلا الخمر و النّساء..قبل ذلك جرّبت حظي في الملاكمة و لم أفلح..قلت في نفسي: قد تصبح يا الغول بطلا في الملاكمة و تجني ثروة طائلة، من يدري يا الغول جرّب و هل لديك ما تخسره؟ .. قالوا لي، لا أدري بالتّحديد من هم بعد أسبوع من التّدريب الشاقّ : قشرتك هشّة و جسدك لا يصلح للملاكمة..البحر يا دانيالا لم أكرهه و لم أحقد عليه، كيف أرجمه
بإحساس نافر أنا الذي أتهافت دائما على النّوم في الماء؟ و هو أيضا (هل أنكر؟) الذي أسلمني إليك و لم أكن أدري أنّه شهم .. المغامرة لم تخضّني و أنا أتسلّل ليلا (إليك أتسلّل) على متن مركب مسروق و الأصدقاء الذين رافقوني تنكّر لهم الحظّ فرحّلتهم الشّرطة في اليوم ذاك الذي وصلنا فيه إلى جزيرة سردينيا ، الأشقياء ! تلاقينا في السّجن فضحكنا طويلا ثمّ بكينا ، أنا بكيت بارتياع يا حبيبتي لأنّك حزينة بسبب غيابي المفاجئ...
4
الطّيور محلّقة في السّماء تراني كلّ صباح ، يشاغبني طير صغير بزهو و لا يثير أعصابي..فرقة أخرى من الطيور لا تنتبه لشعري المشوّش و لحيتي الكثّة ، تضجّ ابتهاجا ربّما بعودة المراكب إلى الميناء...الصّبايا يجلسن على الصّخور و يلهين بسيقانهنّ..تتشابك السّيقان و تنتفض و هي لا تعرف أنّها تنضو عنها شبقا ملهوفا و تلهج بشهقات الابتراد و الارتخاء...تذهل الشّهقات فجأة و ترتجّ عندما ينتبهن إليّ فتضحك عيونهنّ و تشبك إحداهنّ يديها على صدرها و تهتف :- إنّه جاء..المجنون جاء..أكنت أحفل بشئ ؟ تركض نظراتي بعيدا ، بعيدا في اللّجة العميقة و أقبّلك ، أقبّلك يا دانيالا و أملأ كياني برائحتك و أنا أغنّي ، أغنّي لك:
« لو كان نشكي للنّجوم يغيبولو كان نشكي للصّغار يشيبولو كان نشكي للحجر يشهّد لو كان نشكي للبحر يتنهّدبلادك بعيدة و مسربها مطوّحواقتاش نوصلها يا حبيبي و انروّحو أنا هيّ الثنيّة إلّي تجيب البيضة؟انحّي حجرها و شوكها على القمرة. »