|
عرار: كنت فيما مضى أقرأ بنهم شديد لعمالقة الأدب أمثال شكسبير وديستوفيسكي وأرنست همنجواي وفكتور هيجو وبيار روفائيل وميتشل وديكنز وطه حسين ونجيب محفوظ والعقاد وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي واحسان عبد القدوس ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم . ولا زلت أذكر جيدا ً وقائع وأحداث هاتيك الروائع الباقية ما بقيت الحياة كأحداث رواية ذهب مع الريح للكاتبة الانجليزية مارغريت ميتشل وثلاثية بين القصرين لمحفوظ ودعاء الكروان لعميد الادب العربي طه حسين ونحن لا نزرع الشوك ليوسف السباعي والوشاح الابيض لمحمد عبد الحليم عبد الله ويوميات نائب في الارياف لتوفيق الحكيم وقصة مدينتين لشارل ديكنز و أحدب نوتردام لهيجو والجريمة والعقاب لفيودور ديستوفيسكي ، والكثير من الروائع التي لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة . كنت كلما أبحرت في قراءة كتاباً لأحد أولئك العمالقة أشعر وكأنني أسكن الأحداث وأستشعرها ، فقد كان لها مذاقا ً وطعما.ً ورائحة زكية منعشة حيث الكلمات والمفردات والخيال . كان الأديب يرسم بعين الخيال السياق القصصي بأمانة وبموضوعية وبوحي من ذاكرة خصبة وبالهام مجرّد يعتمد الواقعية في الرصد والتحليل بعيداً عن السرد المنقول وبعيدا ًعن التقليد الأعمى الذي سرعان ما يُنسى ويُمحى . لقد تعمدت أن أنعش ذاكرة عزيزي القارىء بشريحة من أعلام الأدب العالمي والعربي وبباقة من الروائع الأدبية المختارة ، ليبحث معي عن الأسباب والدوافع الحقيقية التي أبقت على آثارهم حتى يومنا هذا . ملمحا هنا وضمن هذا السياق أنني لا أنتقص أبداً من قدرة وإبداع كتابنا الأجلاء الأعزاء ، لكن هناك هوة سحيقة بين من يكتب القصة والرواية في يومنا هذا وبين من كتب القصة والرواية في بداية ومنتصف القرن المنصرم وتحديدا من بداية العشرينيات وحتى نهاية الستينيات. هناك أسباب عديدة أطاحت بهذا الإبداع وبهذا الفن الراقي الأصيل ومن هذه الاسباب وعلى سبيل المثال لا الحصر الغزو التقني والتكنولوجي والمعلوماتية التي ساعدت الكثير من كتابنا الأعزاء الأجلاء على النهل من معين المعارف العامة بعكس أدباء ّالزمن الماضي الذين كانوا يعيشون الحدث ويجسدون الوقائع بمنطق التعايش المتاح ومن الأمثلة على ذلك الأديب إحسان عبد القدوس الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب وكانت أسرته ذات جاه وسلطان ومع هذا كان يكتب بلسان حال الفقراء وكان يصور أحوال الطبقة الفقيرة والأحياء الشعبية المصرية بكل أمانة وصدق وكأنه يسكن بينهم وياكل معهم وينام على فراشهم . وكذلك الحال بالنسبة ليوسف السباعي . وأحيانا تجد بأن الكاتب يكون من طبقة فقيرة كادحة وينقلك بعبقرية إلى أحوال طبقة الأغنياء فيأخذك بعين الخيال إلى قصورهم وحدائقهم الغناء ويصور لك طرق عيشهم ونمط حياتهم بإسلوب رائع غاية في التشويق . أتساءل هنا كيف استطاع هؤلاء القوم أن يجسدوا الوقائع بكل حيثياتها في الوقت الذي نفتقر فيه نحن الآن إلى رسم اللوحة الحقيقية مع أننا نعيش الواقع بكل أبعاده ومع أننا نمتلك مقومات التواصل المنظور بكل سهولة ويسر ودون الحاجة إلى الجهد والعناء في البحث والرصد والتجميع ، فكل شيء ولله الحمد مهيأ ومتاح . الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الإثنين 24-09-2012 12:29 مساء
الزوار: 5558 التعليقات: 0
|