بصوت يفيض بالرقة والحنين للوطن وكلمات تغوص في عمق الأحاسيس الأنسانية قدمت هناء الأعرج الضيف المكرم الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم.
وألقى وزير الثقافة د. صلاح جرار كلمة بهذه المناسبة، قال فيه: «سلام عليك في هذا المساء العماني، في حضرة الشعر المعتق بالكبرياء والنبوءات، سلام عليك ونحن نلتقي في عمان العروبة لنحتفي بسادن الأبجدية، الشاعر الرمز سميح القاسم، سميح الأردني الفلسطيني العربي، الذي راهن على القصيدة التي تحصّن وطناً للريح» وأكمل جرار كلمته: «نحتفي به اليوم إحتفاء يليق بقامته الشعرية العالية، وهو من إعتاد إضرام الحرائق في هشيم الشعر ليصوغ لغته الخاصة، قاموسه النابض بأسرار المقاومة والكفاح،بإستنهاض المستحيل في الزمن الصعب ليغدو المستقبل أكثر إشراقاًوجمالاً وإنعتاقاً من عذابات الوجود».
وأضاف جرار: «ولأن الشعر شرط أساسي من شروط المقاومة والصمود الثوري الحقيقي، فقد عشقه سميح، وعشق إيقاعه المتسامي في الريحجمراً متقداً، أليس الشعر الثوري علىإمتداد الأزمنة والأمكنة من يشكل جوهر العمل المقاوم؟! وينسرب في الوجدان الجمعي للناس ملهماً لهم ومحمّلاً بآمالهم بالصبر على طارقات النوى!!
وتحدث جرار عن مقاومة الشعر عندما تتحول الكلمات الى أحصنة تسابق المدى، وعن خلو المقاومة والعمل الثوري من المحتوى الثقافي والابداعي فإنها تكون هبّة عابرة، وعن شعر سميح القاسم في مقاومته للمحتلين.
وختم جرار كلته قائلاً: «إن سميح القاسم سنديانة من سنديان الجليل، عشق الوطن والشعر والحياة، وإن صموده في الأرض هو نموذج لكل الصامدين والمقاومين والشعراء والمبدعين».
كما ألقى عضو مجلس الأمناء والرئيس التنفيذي لمؤسسة فلسطين الدولية د. أسعد عبد الرحمن كلمة عبر فيها عن سعادته بعمق العلاقة بين وزارة الثقافة ومؤسسة فلسطين الدولية، وأننا نأتي اليوم لتكريم الشاعر الكبير سميح القاسم الذي يكرمنا بحضوره رغم مرضه، وانه سميح هو من أكرم أمته العربية وشعبه الفلسطيني الاردني التوأم، بحمل هموم قضيته.
وأشار عبد الرحمن الى ابداع الشاعر سميح القاسم الواضح وضوح الشمس، وشهد له العالم بإبداع نادر، كما أشاد عبد الرحمن بالشعراء والأدباء والمبدعين: محمود درويش، ناجي العلي، اسماعيل شموط، غسان كنفاني، قسطنطين زريق، إحسان عباس، إميل حبيبي، توفيق زياد، خالد شومان، حسيب صباغ.
وقدمت هناء الأعرج الفنان كمال سليمان وفرقته لتكريم الضيف الشاعر سميح القاسم بإحياء فقرات غنائية من كلماته بأغنية: منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي، وأغنية «بأكتب إسمك يا بلادي عالشمش إلما بتغيب، وأغنية «طلت خلينا مكن الوادي طلت».
قبل نهاية الحفل التكريمي، إعتلى سميح القاسم خشبة المسرح وقال كلمات تتعلق بالمرض منها: لدي مرضان واحد حقيقي اسمه الاحتلال الإسرائيلي، والآخر هو السرطان، علينا أن نشفى من الاحتلال أولاً، وأما السرطان فأنا كفيل به، وردد القاسم:
إشرب فنجان القهوة يا مرض السرطان
كي أقرأ بختك في الفنجان..
وعن الموت قال القاسم:
أنا لا أحبك يا موت..لكنني لا أخافك
وأعلم أن سريرك جسمي وأنني لحافك
أنا لا أحبك يا موت..لكنني لا أخافك
ثم ألقى الشاعر القاسم قصيدة لم تنشر بعنوان «الوضوح» مطلعها:
واضح
كل شيء هنا واضح.. لا غبار على شرفة أو ضباب
محنة الحلم واضحة بتضاريسها في بلاد العذاب
والمراسيم لا تدّعي سطوة
واضح..كل شيء هنا واضح كغموض السراب
والألفباء مشرقة في المراثي ومشرقة في الأغاني
في مثالثها والمثاني
وأنا واضح فوق سطح التراب وتحت التراب
بين فيجنة الوالدين وتفاحة المعرفة
واكتشافاتها المترفة
واضح
كل شيء هنا واضح مثل سطر أخير سينهي الكتاب
وما من كتاب
كل شيء هنا واضح كغموض الوطن..»
وفي ختام اللحفل وقع سميح القاسم ديوانه «هيرمافروديتوس» الذي تمت طبعته وزارة الثقافة ضمن برنامج مكتبة الأسرة الأردنية «القراءة للجميع» في وقت قياسي تزامن مع تكريم القاسم.