إلى جيل التغيير وثورة التكنولوجيا وتحديات العصر.. فكلا الجيلين خاض مغامرة إقدام وهبها قواه ضمن شرطي الزمان والمكان..». جاء ذلك في ندوة أقيمت في منتدى الرواد الكبار ضمن برنامجه «تجربة مبدع»، بمشاركة الناقدين معاذ بن عامر وجهاد علاونة، أدارها المدير التنفيذي للمنتدى عبدالله رضوان، الذي استعرض محطات من سيرة الروائي غرايبة، وسيرة الناقدين، مساء الثلاثاء، بحضور أعضاء المنتدى والمهتمين،
يذهب الناقد معاذ بن عامر في ورقته الطويلة المعنونة «التجلّي الخارجي للإنجاز الداخلي: مقاربة الحرية والرصاص في رواية (القط الذي علّمني الطيران)»، للقول: «كان لبطل رواية (القط الذي علّمني الطيران) أن يعي هذا الفارق بين الوجودين وهو يُرشْرَش بالرصاص لحظة طار وانفصلَ عن الجاذبية الأرضية». متسائلا «هل ثمة تجاوز للعنونة المبدئية للنص الروائي في بُعده التكويني، بالنسبة لبطل الرواية؟».
ويرى بن عامر»أن الإرهاص الكبير في النص الروائي هو إرهاص جمعي وإنْ جُسَّدَ عبر فرد واحد، فالتحرِّر من نير السجَّان هو شعور جمعي شارك الجميع في التحضير له، فالشعور الاستحضاري للحظة التحرّر العمادي هو شعور جمعي بامتياز، فكل ذات شاركت في بلورة معالم هذا الانعتاق هي ذات مُحرّرة ساعة ممارسة الفعل واقعاً، وقد كان لافتعال الحريق أن يكون بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت من قبل العصافير المحبوسة باتجاه جثّة النسر الحارس، فتلك الكبد (كبد برومثيوس) آن لها أن تتحرّر من مخالب النسر؛ لقد أُشهر مقص عظيم في وجه المخالب الحادة وأُذِن من قبل الجميع بقصّها وتشذيب حدّتها».
فيما عبر الناقد جهاد علاونة عن «دهشاته» الكثيرة في ورقته التي حملت عنوان «قراءة في رواية القط الذي علمني الطيران»، مقدما تلخيصا مطولا لأحداث الرواية، وكانت دهشته الأولى في الرواية «أن جميع المساجين الذين كانوا نزلاء مع بطل الرواية (عماد).. «.
ويعتقد علاونة أن «أجمل مشهد تمثيلي في الرواية ليس من الضرورة بمكان أن يكون لبطل الرواية أو للشخص الذي تدور حوله الرواية، كما عهدنا ذلك في بعض الروايات، كانت صورة الأم يوم اعتقل البطل أجمل صورة وردت في الرواية مؤثرة ومحزنة وصادقة وكانت فعلا هي البطل الحقيقي وهي المنتج وهي المخرج للرواية وهي الممثلة التي يجب علينا أن نعطيها جائزة أفضل ممثلة أدت دورها بواقعية لم يفتعلها الكاتب من خياله وهواجسه».
من جهته أعلن الروائي هاشم غرايبة، «اليوم وأنا على بعد ستة وثلاثين عاما من التجربة أفاخر بأن كل ما تعلمته دفعت ثمنه عادلا.. وكل ما كسبته حصلت عليه بالجهد والمثابرة والفرح أيضا.. فالحياة ألقة وجميلة، تستحق أن أتألم من أجلها، وأناضل في سبيلها، وأتشبث بها، وامتص رحيقها المسكر..»، جاء ذلك في معرض شهادته عن روايته «القط الذي علمني الطيران».
واستعاد غرايبة «سيرة السجن» حينما قام صديقه المخرج فيصل الزعبي بتصوير فيلم سيرة مبدع، إذ «اختار مكان التصوير في سجن اربد الذي صار متحفا اليوم. «أثناء التصوير عدت لأوراق السجن التي اصفرت بفعل الزمن، وأدركت سحر الخط بقلم الكوبيا الذي يعاند الزمن، وشرعت اكتب رواية «كوبيا» التي قادني بناؤها لما اكتمل إلى عنونتها باسم (القط الذي علمني الطيران).. هناك جربت أسوأ أنواع العيش، واخترت أن أقف في الصف الخاسر للعيش الرغد.. وأدركت أن الأحزان تأتي إليك من تلقاء نفسها، أما المسرات فينبغي أن تذهب لقطافها بيدك. هناك تعلمت الانتظار والتفكير والصبر وعدم التأسف على ما فات..».
غرايبة الذي استعان بمقولات كثيرة منها، ما يقوله سبريتي لوريانو: «كل القصص العظيمة في التاريخ تقوم على تفصيلة درامية واحدة فقط، هي أن البطل لم يستسلم أبدا..»، متسائلا: «هل تنتمي روايتي إلى عالم تلك القصص العظيمة؟».