|
عرار: أدباء يناقشون ثقافة السرد والخطاب الإعلامي بالمشكلات والتحديات عرار- الزمان -رزاق ابراهيم حسن :المحاور التي اختيرت لمهرجان الكميت الثالث عام 2013، يصلح فيها كل محور لان يشغل العديد من الندوات، فقد كان العنوان الرئيس (اشكالية الهوية في الثقافة العراقية المعاصرة) وتوزع على ثلاث جلسات، الاولى عن (اشكالية الهوية في الخطاب الاعلامي) والثانية عن (اشكالية الهوية في الخطاب السياسي) والثالثة عن (اشكالية الهوية في الخطاب السردي) ولعل القسم الثالث اقرب المحاور للمهرجان، لانه محور ادبي، ولان المهرجان اقيم بمبادرة من اتحاد الادباء والكتاب في ميسان وهومنظمة ادبية، كما ان المهرجان يحمل اسم الكميت وهوشاعر، والشعراء من الادباء، كما ان اللجنة التحضيرية للمهرجان قدمته بما يلي : (هكذا نريده، مهرجانا ثقافيا نوعياً، نؤسس فيه لثقافة نقدية جادة، نتبنى خلالها منهج النقد الثقافي كطريقة مثلى في مراجعة النصوص الادبية والثقافية كافة، والاشتباك مع مفرداتها الثقافية لانها تمثل الينبوع المعرفي الثر لاسس واشتغالات النقد الثقافي، وتوحي هذه السطور التي تصدرت منهاج المهرجان بانه يهتم بمراجعة النصوص الادبية والثقافية ويكون بالتالي مهرجانا ادبياً. ويمكن القول: ان البحوث التي القيت ضمن محور (اشكالية الهوية في الخطاب السردي) اكثر البحوث قربا من العنوان الرئيس (اشكالية الهوية في الثقافة العراقية المعاصرة) لان هذه البحوث تناولت ودرست الهوية من خلال نصوص ادبية عراقية، ولان اغلب بحوث المحورين الاخرين (اشكالية الهوية في الخطاب الاعلامي) و(اشكالية الهوية في الخطاب السياسي) يسيطر عليها التنظير والتعميم، والرجوع الى مصادر ومراجع غير عراقية في التعامل مع الهوية واشكاليتها، ولكن ذلك لا يعني ان هذه البحوث غير مهمة، وغير مفيدة، وانما يصح وصف بحوث مهرجان الكميت الثقافي الثالث لعام 2013 بانها من البحوث المهمة والضرورية للعراق في وضعه الراهن، وانها تصلح لبناء ثقافي يستوعب ويعالج ما يعانيه العراق من توجهات طائفية ومتعصبة ومناطقية وسياسية ضيقة، وتصلح ان تكون قاعدة لبرنامج عراقي تساهم فيه جميع المكونات دون تمييز، وتكون فيه الهويات منفتحة على بعضها البعض ومترابطة في اطار معين. وتحتاج البحوث الى وقفة مطولة لعرضها، ومناقشتها، ولكن من الواضح ان بحث الدكتور سمير الخليل (صراع الهويات.. الذات في مواجهة الاخر) لم يكن بحثا اعلامياً، وانما هوبحث فكري، ويستند الى مراجع ومصادر فكرية، ولم يكن وضعه في المحور الاعلامي موفقا، وقد احتوى هذا البحث على تعريفات وافكار مهمة عن الهوية، فهي ليست ناتج التمذهب الديني والحكايات والامثال وليس منظومة جاهزة ونهائية، وانما هي مشروع منفتح على المستقبل ومشروع متشابك مع الواقع والتاريخ عبارة عن دوائر تمثل كل واحدة منها (الانا) التي تهيمن في وقت من الاوقات فان الانا عندما تتمركز في دائرة من الدوائر كدائرة المدينة.. فانها تتخذ من الدوائر الاخرى (اخر لها) مثل دائرة الحي ودائرة البعد.. الخ .ويرى الدكتور سمير الخليل : ان المذاهب الدينية تقوم على تفتيت الهويات في الوقت الذي يعتقد اصحابها انهم يبنون الهوية، والدين بالمقابل يشكل هوية في مواجهة دين اخر، ويعترض الدكتور الخليل على التعامل مع الدين كهوية، كما يعترض على احلال الهوية العربية محل الهويات الاخرى مضيفا (ان التمزق في الهوية الوطنية العراقية برز فيما بعد التمسك المتطرف بالهوية الكردية والتركمانية وغيرها وقبل ذلك القومية العربية، واذا كانت وسائل الاعلام الحديثة اوالمعاصرة تقرب ما بين الهويات المختلفة بصورة لافتة ، فانها – اي وسائل الاعلام قد تؤدي الى رد فعل والى تاكيد الاختلافات بين الهويات والرغبة فيها للتمسك بها، وقد يؤدي ذلك الى الاعتقاد بان التطور التكنولوجي والاتصال الحالي من شانه ان يعزز بروز مقاربة جديدة لمسالة الهوية، هوية قد ينظر اليها كمحصلة لانتمائاتنا المتعددة جميعها حتى تصبح ذات يوم الانتماء الانساني الرئيس وذلك بالطبع من دون الغاء الهويات المتعددة اوتذويبها انما تجعل مقاربة من هذا النوع مقبولة وفي الوقت نفسه تشكل حلا للصراعات الطائفية على الساحة العراقية والعربية). الخطاب الاعلامي وفي بحثه الموسوم (الخطاب الاعلامي العراقي بين الثقافة المكونة والمكتسبة- اشكالية الهوية وتحديد المصير) يرى الدكتور جاسم محمد جسام ان الهوية الثقافية ليست خيارا يعود للشخص ان يقبله اويرفضه اويجري فيه عملية تبادل على وفق مصالحه واهوائه ومزاجه، وانما هي ضرورة لازمة ويقدم الدكتور جسام رؤية سلبية عن الاعلام العراقي الموزع بين الاعلام الاسلامي والاعلام العلماني المدني المعتدل، وان هذا الاعلام يعاني غياب اليات ونظم الادارة، والتعديل والاصلاح، ويعاني عجزا في وضع ستراتيجيات حقيقية تعمل على الانتقال المنهجي من الحقل المحلي الى الحقل العالمي، اضافة الى وجود منهجيات ومسارات ضاغطة تتبناها بعض المؤسسات الاعلامية بشكل يمنع ظهور خصال الابداع والتجدد.ويكاد تناول الهوية ان يكون منفصلا عن الاعلام في بحث الدكتور جاسم محمد جسام. وفي بحثه (اشكالية الهوية في الخطاب الاعلامي العراقي) يربط الباحث عبد العزيز لازم بين الهوية والاعلام مشيرا الى ان النشاط الاعلامي العراقي لم يستطع اكتساب هويته المستقلة القائمة على وفائه التاريخي للهوية الوطنية العراقية لاسباب داخلية وخارجية، وانه يتوزع على اساس الهويات الطائفية والاثنية وان الهوية الوطنية والطموح الشعبي العراقي نحوارساء الديمقراطية الضامنة للعدالة الاجتماعية قد وضعت خلف الاهتمام المركزي للخطاب الاعلامي العراقي. وفي بحثه (الفعالية الثقافية واوهام التفريق بين الازمة والانتماء: قراءة في موجهات الصورة) يحاول الباحث عباس خلف علي يدخل الى الاعلام والهوية من خلال الصورة لانها تاخذ دور الخطاب الاشهاري كنوع من انواع الاغواء في التاثر والاستقطاب والاستئثار بالافكار.. اوالبوابة التي يدخل من خلالها مروجوالشعارات في التاثير على الراي العام) كما ان (الصورة لا يمكنها ان تغفل النسق اللساني كمستوى مركب الدلالة الذي يضيف عمقا مهما لبلاغة الصورة لكي تكون ذات تاثير ووقع خاص لها على المتلقي) وان الصورة المتدفقة اعلاميا لها طبيعة اشهارية بحتة وايديولوجية رسم لها ستراتيجيتها في اختراق المخيال العام بغية الهيمنة والاستحواذ ، وهي تعمل على تجسيد موقف الثقافة التي تطمح الى وقاية الهوية الثقافية ضد التدجين، والتكيف الذي يؤدي بدوره الى التدسيس في الذهنيات والعقول والاذواق ضمن مفعولها السطحي وتاثيره على تبلد الاحاسيس) وهي ليست بريئة، وانما تعمل لتوفير المناخ والارضية المناسبة والمتاحة امام التوجهات الايديولوجية والسياسية ومن ثم ضخ البرامج وتسويقها، وقد ركزت الصورة بعدها الاعلامي الاشهاري في عالمنا العربي والعراقي تحديدا على تضخيم دور الهوية المجتمعية الجزئية عند الفرد ودفعها الى الواجهة على حساب موضوعة الانتماء والهوية الوطنية بوصفها حاضنة لكل الهويات الفرعية- الجزئية اوالجماعية وعلى اساس هذه العبارات المقتبسة من الباحث عباس خلف علي فانه يتناول موضوعا يمكن ان يدرس كمحور اساس في ندوات وحلقات نقاشية عدة، وقد اوضح اهمية الصورة ودورها في الاعلام، واستخدامها في تضخيم الهويات. وتعود البحوث الى (اشكالية الهوية في الخطاب الاعلامي العراقي المعاصر) حيث يستهل الباحث والناقد علوان سلمان بحثه بالقول: (ان التواصل الاعلامي مقروء- مسموع – مرئي- قيمة كونية) بوصفه ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية وتربوية فضلا عن انه آلية فاعلة في انتاج الوعي الحضاري كونه حلقة الوصل بين الراي العام وصانعي القرارات من اجل الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي واستمرار عملية التغيير المجتمعي بطرق تضمن التعددية والتداول السلمي للسلطة القوة الفاعلة والموجهة) ويضيف بعد الربط بين الهوية والمتغيرات : (ان الحديث عن ازمة هوية افتعال ذهني، فالازمة ليست في الهوية ولكن في الفعل الذي وجد صعوبة في القدرة على استيعاب المتغيرات كما يرى تركي الحمد.. فضلا عن ان مستقبل العراق السياسي لا يمكن ان يحقق في غياب الدور القيادي للاعلام الذي ظل مجبراً لديماغوجية البيان السياسي للاحزاب التي تمتلك وسائل الاعلام). ولم يكن بحث علي سعدون (حيدر سعيد ونهاية ثقافة الدولة الوطنية: جدل الهويات) بحثا اعلامياً، وانما هوبحث فكري، وقراءة في كتاب (سياسة الرمز) لحيدر سعيد، اذ يكشف من خلاله ان حيدر سعيد لا يقل اهمية عن علي الوردي، وانه يدرس تاثيرات القبيلة والمذهبية، ودورها في السلطة وفي الثقافة السياسية والاجتماعية وانه يقدم (طروحات من العمق والجدية ما يجعلها تصطف مع طروحات د. علي الوردي ود. فالح عبد الجبار وغيرهم من حيث بحثها المضني عن جوانيات ومضمرات الحياة العراقية سياسة وتاريخا وحراكاً اجتماعياً، كذلك جوانيات الثقافة العراقية ادباً وفكراً ومعرفة، كما ان سعيد يقدم مشروعاً لا تكون فيه العربية الوجه الوحيد والنهائي للهوية العراقية، وانما تكون وجهاً احتمالياً واحداً فقط من اوجه هذه الهوية. ويقول الباحث سعدون استناداً الى حيدر سعيد: لا هوية للعراق بسبب قوة المؤثرات الفرعية بحسب المواطنة الجديدة، مواطنة يذوب معها اي ملمح لهوية ما، بل حتى التاريخ، التاريخ الذي كتبته الديكتاتورية اوالذي حفظه الناس بارهاصاته المعقدة والشائكة انما هووفق هذه الرؤية الغربية ليس تاريخا عربياً انه تاريخ العراق الذي صنعته الفرعيات بالغة التاثير والقوة. ويعد بحث علي سعدون من البحوث الاكثر قرباً للمحور النقدي للمهرجان، ومن البحوث المهمة، اذ يلفت الانظار الى مفكر عراقي يقف في مصاف اهم المفكرين العراقيين، ومن الذين قدموا افكارهم ومشاريعهم انطلاقاً من واقع العراق بعد التغيير، وهومفكر يعتمد النقد الثقافي في الكثير من الجوانب دون ان يكون تابعاً لاحد، ولجهة معينة. المحور السياسي اذا كان من المهم ترتيب المحاور النقدية على اساس اهمية كل محور، فقد كان المطلوب وضع المحور السياسي في المقدمة، ثم يليه المحور الاعلامي، والمحور السردي وهذا هوالترتيب الادق والاقرب للواقع العراقي الذي كان وما يزال مرهوناً بالسياسة وايقاعها وتغيراتها. ومع ان المساهمين في المحور السياسي ينتمون الى شريحة الادباء ومع انهم التقوا في ميسان تحت مظلة اتحاد الادباء والكتاب الا انهم قدموا في بحوثهم التي كرست للمحور السياسي الكثير من الافكار والتحليلات المهمة، والصائبة، متخصصو لمشكلات ذات جذور تاريخية، وذات حضور قوي في الواقع الراهن، فقد تميز بحث محمد الياسري بدقة المصطلح والتعبير، وبالرؤية السياسية ذات الطابع الفلسفي ، وتميز بالقدرة على التنظير، والتواصل مع بعض المرجعيات بشأن الهوية، وابعادها السياسية، ولكن الياسري لم يقترب بطروحاته من الواقع العراقي كثيراً، وكان من المفيد تطويعها لحساب تشخيص مشكلات وتحديات هذا الواقع وتشخيص ما يحتاج من معالجات.ومع ان الدكتور جاسم الخالدي شغل مساحة واسعة من بحثه (اشكالية الهوية في الخطاب السياسي العراقي وصف ومقترحات) بتعريف الخطاب والهوية استجابة لدواعي وعناصر البحث العلمي، الا ان هذا البحث احتوى على تشخيصات غاية في الاهمية، حيث يقسم الخطاب السياسي العراقي الى (ثلاثة انواع، وكل نوع يمكن ان يقسم الى خطابات فرعية كثيرة) وهذه الانواع تتمثل في الخطاب الرسمي وهوخطاب الجماعات الحاكمة، ونوع ثان من الخطاب يحاول ان يعبر عن وجهة نظر اخرى على الرغم من انه يعد خطاباً رسمياً. ويقول الخالدي : (كلا الخطابين لم يحسنا التعامل مع الازمات التي تحيط بالعملية السياسية) وهما متناقضان رغم انطلاقهما من فضاء رسمي واحد ويعد الخالدي ذلك (جزءاً من اشكالية الهوية في المجتمع العراقي وحتى العربي الى حد كبير، ولا يمكن لنا الفصل بين تلك الهويات المتعددة والمتصارعة في احيان كثيرة وتعدد الخطاب السياسي، ولا يتطرق الخالدي الى تعامل هذين الخطابين مع الهوية بصفتها ذاكرة تاريخية، ولكنه يقول عن الخطاب الثالث بانه (خطاب القوى السياسية المعارضة للعملية السياسية جملة وتفصيلاً، وهوخطاب يدعوا الى تقويض العملية السياسية والعودة بالامور الى المربع الاول، وعدم الاعتراف. بالحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد الاحتلال) وهذا الخطاب اكثر ولعاً من سابقيه في الانغماس في التاريخ، وبين هذين الخطابين والخطاب المعارض ثمة خطاب اخر يتسم بالموضوعية والعقلانية، ويرتدي لباس الوطنية، وهوخطاب محايد يصدر عن اهل الرأي والحكمة مرة، واخرى من بعض الاحزاب والشخصيات اللبرالية اوتلك التي تقدم نفسها على انها فوق المذهبية والعرقية والاثنية وهي تنظر الى العراقيين على نحوواحد). وفي منظور الدكتور الخالدي ان الخطاب السياسي خطاب متغير فيما تمتلك الهوية بعض الثبات، والخطاب يستخدم الهوية لصالحه، الامر الذي ادى الى طرح الهويات الفرعية بديلاً للهوية الوطنية وتصادم الهويات. ولمعالجة هذا التصادم يطرح الخالدي ضرورة (تجذير فكرة الدولة المدنية في ادبيات السياسة وترسيخها في ذهنية المواطن العراقي، والتبشير بدولة المواطنة والحقوق). ويتساءل الناقد والباحث علي الفواز في مستهل بحثه الهوية الدولة ازمة الافكار.. ام ازمة الجماعات) ماذا تعني الهوية؟ هل هي مفهوم وجودي ام انثروبولوجي ام هي مجال لغوي ام كينوني ؟ وهل ان علاقتها بالدين والسياسة والثقافة هي دائماً علاقة ازمة وصراع مع مفهوم الاخر والتاريخ والاديولوجيا ؟ وهل ان تلبسها لبوساً متماهية مع عصائب الجماليات يجعلها اما هويات قاتلة اومقتولة ؟ وهل ان اشكالات العولمة والحداثة تمثل بالفعل مصادر خطرة لتهديد الهوية وسط عالم تتصادم فيه مصالح الجماعات والاثنيات والنزاعات العرقية؟ وهذه الاسئلة التي يستهلها الباحث علي الفواز من اهم واعقد اسئلة الهوية، وهي اسئلة تجمع بين تاريخ وحاضر الهويات، وموقعها في التاريخ الصراعي، وتداخلها مع الدين ودورها في ازمة الدولة مستنتجاً ذلك: ان البحث في ازمة الهوية يتربط اساساً بانعكاس هذه الازمة على مشروع الدولة المعاصرة، وعلى صيرورة وجودها وتفاعلها الفقهي مع الرؤية الشرعية لهذا المفهوم، وان صورة الدولة المعاصرة الغائمة والمضطربة ما بعد احداث الربيع العربي كشفت عن مازق هذه الدولة ومازق هذه الهوية في ان معاً، لان هذه الدولة فقدت مركزيتها القديمة، مركزية المعسكر، والايديولوجيا والقوة الغاشمة، ويقترب الفواز من رأي حيدر سعيد حول انهيار الدولة الوطنية، كما انه يتناول موضوعات بحاجة الى الكثير من البحث والدراسة، خاصة موضوع الهوية النصية واقنعة الهويات اوالهوية القناع، وامكانية دراسة دور الهويات في الصراعات. ويتوغل الباحث حسن السلمان في دراسة دور الهويات ذات الطابع الديني في الحروب والصراعات الدموية، بالرجوع الى الكثير من الامثلة التاريخية والراهنة، حيث يؤكد ان (الاحتراب النسقي المذهبي الطائفي في العراق ما هوالا صورة نموذجية لفضائح هذا النسق الضارب في اعماق التاريخ، كما تجدر الاشارة الى ان هذا النسق لا يقتصر على العناوين العريضة للمذاهب من سنة وشيعة وغيرها من مذاهب، اذ افرز هذا النسق ما يمكن تسميته بالمشتقات المذهبية الطائفية حينما انقسم المذهب الواحد على ذاته تحت حب السلطة والهيمنة على المكاسب السياسية). ويقترب حسن السلمان في هذا الراي الجريء والصائب من خطورة احلال شخصيات معينة، ذات نفوذ مذهبي وسياسي في مواقع الهويات، بحيث تستحوذ عليها، وتقودها لصالحها، وكان من الفيد والضروري تكريس بحث معين لذلك. والدكتور خالد سهر في بحثه الموسوم (الاختلاف الثقافي والشراكة الحضارية في ابعاد العلاقة مع الاخر) لا يتطرق الى الهوية، ولكنه يشير اليها ضمناً بوصفها من مكونات التنوع الثقافي والحضاري تبدا مع الانسان منذ تحديد جنسه – ذكر وانثى- مرورا بالعمر والقومية والدين والمذهب، والمحافظة والمدينة والحي والعشيرة والعائلة والحزب والمستوى الدراسي والتخصص والعمل والمستوى الاقتصادي. ويرى الدكتور سهر : ان الاختلاف الداخلي في العراق مرتبط بعلاقتنا بالاخر الخارجي، وان طبيعة علاقتنا بهذا الاخر من حوار وتعايش وشراكة ستقود الى ظهور انماط اخرى من العلاقة مع الاخر الداخلي. وبحث الدكتور خالد سهر ليس سياسياً، ولا ينتسب لمحرر السياسي وهوبحث في الحضارات وتفاعلها وتصادمها والعلاقات بينها، وتقدم الباحثة عالية خليل ابراهيم في بحثها (من الجنوسة الى ترقيع الهوية: قراءة في الخطاب الفكري للمراة العربية) محاولة لمعرفة درجة تمثل المراة لوعي الازمة السياسية والثقافية التي تعيشها البلدان العربية منذ احداث الحادي عشر من ايلول مروراً باسقاط نظام البعث، واحداث الربيع العربي معتمدة في ذلك كتاب (مدينة الارامل للعراقية هيفاء زنكنة) وكتاب (مذكرات امرأة شيعية للبنانية رجاء نعمة، حيث تشير الى دمج السيرة بالتاريخ، ومحاولة كل كاتبة الظهور بهوية مذهبية وسياسية معينة، وفيما تؤكد الكاتبة العراقية بعدم وجود اشكاليات في هوية المجتمع العراقي وانها وجدت بعد الاحتلال الامريكي فان اللبنانية كتبت سيرتها من منطلق فهم جدلية (الانا) والاخر وجذور العنف في المجتمع اللبناني، وتتفق الكاتبتان ان الاسلام بوصفه هوية دينية وثقافية يمثل في الوقت الراهن قوة الدفع التغييري لدى الشعوب العربية للنهوض بواقعها المتخلف والمتردي،وتحتاج الباحثة عالية خليل ابراهيم الى امثلة نسوية اخرى لدراسة وعي الازمة ومعالجتها عند المراة العربية المثقفة، وهوموضوع جدير بالاهمية، ويعكس جوانب مهمة من وعي المراة لهويتها. المحور السردي قدمت في المحور السردي بحوث مهمة فاضافة الى بحث صادق ناصر الصكر عن روايات نجم والي الذي خصصنا مقالة خاصة به لما اثار من ردود ومدا خلات فان باحثين اخرين شاركوا في هذا المحور بالبحوث التالية: الهوية الغائبة: جدلية (لاثبات النفي عند الناقد العراقي) للدكتور حازم هاشم، و(اشكالية الهوية في السرد العراقي المعاصر – البحث عن هوية في البلد القتيل- رواية عجائب بغداد نموذجاً تطبيقياً) للناقد جميل الشبيبي) و(الهوية الممزقة: عن الهوية المسيحية في الرواية العراقية) للناقد علي كاظم داوود) و(من جوانب اشكالية الهوية في السرد العراقي المعاصر- البطل السلبي في القصة العراقية منذ العقد الخمسيني حتى العام الحالي) للناقد بشير حاجم، واذا كانت بحوث المحورين الاعلامي والسياسي قد اهتمت بالجانب النظري فان بحوث المحور السردي قد تركزت على التطبيق، وتكاد ان تتكامل مع بعضها البعض، فهناك دراسة اقتصرت على رواية واحدة هي (عجائب بغداد) بدر السالم، ودراسة لعلي كاظم داود تناولت الهوية المسيحية في الرواية العراقية من خلال عدد من الروايات، واقتصد الناقد ناصر الصكر على روائي واحد، وجاءت دراسة بشير حاجم لتتناول (الرواية في السرد العراقي المعاصر- البطل السلبي في القصة العراقية منذ العقد الخمسيني حتى العالم الحالي) فيما قدمت دراسة الدكتور حازم هاشم محاولة لمنظور الناقد العراقي لهوية السرد من خلال ناقد عراقي عرف بذلك، وهوالناقد عبدالله ابراهيم. وتاخذنا ملخصات هذه البحوث في الكثير من التفاصيل بيد ان اهميتها كبيرة، فقد جاءت مستوفية للكثير من عناصر موضوعاتها، ومجسدة لمتطلبات المحور السردي، وكان من المهم ان تقترن بها دراسة عن الهوية الوطنيىة في الرواية العراقية، وهي غنية بذلك ولعل الادب العراقي بشكل عام وللرواية العراقية بشكل خاص من اكثر النماذج الثقافية اخلاصاً وتناولاً للهوية الوطنية العراقية وبعد فان الجلسات النقدية قدمت اسهامات جديرة بالاهتمام في ميدان النقد الثقافي، وقدمت دراسات سياسية واعلامية تصلح لان تكون منطلقاً ومحفزاً لمحاور وندوات اخرى، وكان بودي ان يحضر هذه الجلسات المسؤولون واعضاء البرلمان للتعرف على ما ينبغي التعرف عليه من افكار ووجهات نظر جديدة وايجابية عن الهوية العراقية الملائمة لوحدة العراق وتواصل وتفاعل جميع مكوناته. ولان هذه الجلسات لم تعرف من الحضور غير الادباء، ولم يحضرها احد من المسوؤلين فقد كان من المهم بلورة توصيات واقتراحات عن الهوية وما توصلت اليه البحوث بشأنها وايصال هذه التوصيات والاقتراحات الى السياسيين سواء في البرلمان اوفي الوزارات والدوائر الرسمية. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 16-11-2013 05:53 مساء
الزوار: 1694 التعليقات: 0
|