|
عرار: عدد من المثقفين المصريين يعتبرون أن وزير الثقافة الحالي لا يجد رؤية جديدة للعمل الثقافي غير استعادة الوجوه الثقافية المحروقة. عرار- العرب - خالد حماد -القاهرة- "ثمة نخبة فاسدة ونخبة مستفيدة من تدهور حال الثقافة المصرية الراهنة"، هذا ما يتردّد على ألسنة الكتاب المصريين، "الغضب الساطع آت على هؤلاء المزيفين -على حدّ قول أحد الكتاب- وإننا نعلن فشل وزارة تدار من خلال شلّة لا تقيم وزنا للكاتب كبيرا كان أو صغيرا". أكد الشاعر الجنوبي أشرف البولاقي على سخطه وغضبه من وزارة الثقافة وبدأ حديثه إلينا بقوله: "أنا غاضب، بل أنا أولُ أو أكثرُ الغاضبين على وزارة الثقافة، وعلى وزيرها الحالي، أنا أكثر غضبا وحنقا وربما لو أنه لم يكن وزيرَ هذه المرحلةِ ما غضبتُ عليه ولا كان طَرَفا وحسبه أنه ’’وزير الثورة’’ منذ توليه الحقيبة في ديسمبر- كانون الأول 2011 في حكومة الجنزوري -إن لم تخني الذاكرة- ليستمرّ بعد ذلك في تشكيل حكومتي هشام قنديل والببلاوي، ويبدو أنه لا يستشعر أن أزمة مصر الحقيقية ليست أزمة سياسية ولا برلمانية لكنها أزمة وعي وثقافة، وأزمة مجتمع يحتاج إلى ثورة في مفاهيمه وتصوراته عن الآداب والفنون والأفكار. وحسبنا أن ننظر إلى سياسة وزارة الثقافة نفسها هل تغيرت عن سياسة نظامها السابق أو الأسبق؟ هل أحسّ مواطن مصري واحد أن شيئا تغيّر أو اختلف في هيئات ومؤسسات الوزارة؟ كنا نحلم ونطمح أن يخرج علينا الوزيرُ بمشروع ثقافي حقيقي أو بسياسةٍ واستراتيجية تضعُ الثقافةَ المصرية في مقدمة المشهد لتقود البلادَ والعبادَ تحت شعار الثورة، لكن شيئا مِن ذلك لم يحدثْ ولا أظنه حادثا ما دامت الوجوهُ هي الوجوه وما دام هناك حرصٌ على إعادة إنتاج القديم كما هو! مصرُ في حاجةٍ إلى ثقافة جديدة تتبنى قيما ثورية وتحتاج إلى وزيرٍ يهدم المعبدَ كله ليعيد بناءَه مِن جديد ولقد كان جديراً بأستاذ التاريخِ أن يقرأ التاريخَ جيدا!" وزارة بلا رأس في السياق ذاته يرى الروائي خالد إسماعيل أن وزارة الثقافة أنشأها عبد الناصر في العام 1957 وتولاها المحامي والكاتب فتحي رضوان ثم تولاها الدكتور ثروت عكاشة، كانت فلسفتها تقوم على أنها وزارة مسؤولة عن تقديم الخدمة الثقافية للشعب والحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية المصرية، حيث يقول: "للأمانة قامت الوزارة بهاتين المهمتين على أكمل وجه، حتى جاء عصر السادات وتمّ استبعاد القيادات الثقافية المحترمة وحل محلها فريق من المشتاقين الفاسدين وهؤلاء باضوا وأفرخوا أجيالا من الفاسدين، ومن المفارقات العجيبة أن وزارة الثقافة التي كانت تحمي الهوية الثقافية الوطنية المصرية تحوّلت على أيدي فاروق حسني وجابر عصفور والحاشية المحيطة بهما إلى وزارة للقضاء على الثقافة الوطنية والترويج للعولمة الأميركية في جانبها الثقافي فخربت المسارح وتوقفت أنشطة قطاع الفنون الشعبية وجاء مهرجان المسرح التجريبي ليقول للناس مقولات عكس التي عرفوها على أيدي رواد الحركة المسرحية العريقة الذين كانوا يؤمنون بأن المسرح هو مدرسة الشعب. كما تحوّلت طباعة الكتب إلى بيزنس ضخم تستفيد من مكاسبه شلة الناشرين والكتاب المرضيّ عنهم من جانب السيد الوزير، وصابر عرب امتداد لفاروق حسني ولا يحمل رؤية للعمل الثقافي ولهذا لم يجد شيئا يفعله غير استعادة الوجوه الثقافية المحروقة مرة أخرى وحاول أن يظهر في صورة الوزير المنجز المتحرك فعقد مؤتمرا في مقرّ المجلس الأعلى للثقافة بنفس الأسماء ونفس الوجوه المفلسة وكانت النتيجة هي الغضب العارم من جانب المثقفين الحقيقيين والحل الوحيد في وجهة نظري ليس إقالة الوزير، بل إعادة هيكلة الوزارة بالكامل وتطهيرها من لصوص المال العام والمتعاونين مع المراكز الثقافية الأجنبية ومرتزقة العمل الثقافي؛ وزارة ثقافة بلا رأس". مثقفو الحظيرة ولكن، ثمّة غضب يملأ قلب الشاعر محمود قرني، الذي قال: "فقدت وزارة الثقافة دورها وحيويتها منذ أن انتهى المشروع الوطني بهزيمة السابع والستين. وأظن أن تقديرات الدولة للدور الذي كان يجب أن تلعبه مثل هذه الوزارة في عمرها اللاحق لم يكن إلا إطارا لتعميق الهوة بين المثقف وكل المعنيين بخطابه من الجماهير. فقد كان الهدف الرئيسي يتمثل في محورين؛ الأول: إزاحة المثقف عن طريق السياسي الذي تصوّر أنه قادر بمفرده على صناعة العقل العام والسيطرة عليه بعيدا عن نفوذ المثقف الحر الذي يتمسك بقلمه الأحمر لتصحيح أخطاء ساسة بلا كفاءة أو ضمير، ومن ثمّ كان القضاء على المثقف ضروريا. أما المحور الثاني: فيخلص إلى تدجين من يقع عليه الاختيار ممثلا للمستقبل من كتائب وكاتبي السلطان، ما سمي بعد ذلك، في عصور أكثر انحطاطا بـ"مثقفي الحظيرة". ولازالت الثقافة المصرية تعاني جراء ذلك بعد ثورتين كبيرتين. وتقع الوزارة في لحظتها الراهنة بين فكي كماشة أحد أضلاعها رموز نظام مبارك، وفكها الثاني مجموعة من المنتفعين الذين يريدون تفكيك الوزارة وتحويلها إلي شركات استثمارية، إضافة إلى تسليم الثقافة لمؤسسات أهلية مدعومة من الخارج، وبين هذا وذاك يقبع وزير ضعيف لا يمتلك تصورا للمستقبل يمكن نقاشه. فالأساس النظري الذي يجب أن تقوم عليه ثقافة ما بعد الثورة يقبع في أماكن أخرى خارج الوزارة. ولا يمكن للمرء أن يتفهم إعادة إنتاج رموز الكلاسيكية والمحافظة وهم يعودون إلى شغل مقاعدهم بعد ثورة بزخم الثلاثين من يونيو، فضلا عن تغلل رموز الفساد في الوزارة مجددا، وهو الأمر الذي يعزز التساؤل حول المستقبل ويجعل الإجابة أكثر التباسا. ففي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى خطاب ثقافي يعزز مفاهيم التعدد والتنوع ويدعم الطاقات الخلاقة للمبدعين الجدد ويكسر طوطمية ما يسمى بالخصوصية الثقافية، نجد الوزارة نفسها تكرس لمفهوم "الجيتو" والجزر المنعزلة، فتبدو هيئات الوزارة ماضية في أنشطة يناهض بعضها بعضا، و تتغوّل بعض الهيئات على أدوار قريناتها، والجميع يجري خلف الإعلام وخلف تصدير أنشطته باعتبارها قاطرة الوزارة، في الوقت الذي تتربع فيه على رأس هذه الهيئات قيادات تفتقر إلى الحد الأدنى للكفاءة؛ إنها فعلا وزارة بلا رأس". تجاهل المبدعين أما الشاعرة والروائية أميمة عز الدين، فغضبها يزداد يوما تلو الآخر حتى أعلنت أنه لا جدوى من وزارة الثقافة وقالت: رأيي أن غضب المثقفين من الوزارة له ما يبرره، فعودة نظام صابر عرب يعني عودة آليات وزارة الثقافة وسياساتها القديمة التي ما زالت تعمل رغم ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وتضيف عز الدين: "المبدع الحقيقي لا يستفيد من هذه المجموعة المسيطرة، هي من تعرف كيف تستفيد، أتمنى إلغاء وزارة الثقافة، المبدع الحقيقي يتوارى ويغيبه التجاهل والمرض والموت بالضبط، إلغاؤها سيوفر الكثير من المال والتطاحن وسيظهر معدن أولئك الذين يلوذون بالمجموعة والنخبة المسيطرة.. بالطبع الموظفون الذين يعملون بها سوف يتضرّرون، لكن يمكن للدولة إعادة توزيعهم على بقية الوزارات. المهم أن تحاول الدولة مساعدة المبدعين دون المرور من حلقات معقدة تحكمها المصلحة الفردية". الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 16-11-2013 07:09 مساء
الزوار: 1376 التعليقات: 0
|