|
عرار: قراءة في كتاب انتماء فلسطين بين دعاوى التوراتيين وحقائق الماضي والحاضر عرض وتعليق د.إدريس جرادات عرار: صدر كتاب انتماء فلسطين بين دعاوى التوراتيين وحقائق الماضي والحاضر للباحث جواد بحر النتشه ابن مدينة خليل الرحمن عن مركز دراسات المستقبل الإسلامي في الخليل سنة 2006م بحجم 527 صفحة من القطع الكبير ، أهداه إلى زوجته وأبنائه، وحمل الغلاف الأول خريطة فلسطين بأسماء المدن العربية باللغتين العربية والانجليزية. ذكر الباحث في مقدمة الكتاب أن العرب والمسلمين من جهة ، وإسرائيل من جهة أخرى يحاول كل فريق أن يطرح رؤى فكرية للسيادة السياسية التامة على الأرض، واجتهد الباحث في إثبات أن فلسطين ذات انتماء واحد ،الانتماء إلى العروبة والإسلام ، وأن تشويه البعد التاريخي ارتبط بالغزوة الصهيونية الأوروبية على فلسطين بهدف جعله تاريخا إسرائيليا لتثبت مزاعمها .صفحة 7-9 ، وأن إسرائيل استعانت على اغتصاب بلادنا بتزييف الحقائق أكثر مما عُنينا نحن بإيضاحها ، والعمل على التأسيس أن ثمة وعد من الله لليهود بهذه الأرض. افرد الباحث النتشه الفصل الأول للصراع حول الماضي الفلسطيني ومؤامرة تجريد فلسطين من ماضيها العربي ، وأنهم يرجعون إلى إبراهيم ويطلقون عليه لقب العبري على اعتبار أن من مَلَك الماضي الحضاري لفلسطين فهو وحده صاحب الحق بملك الحاضر الفلسطيني ، واستندوا إلى المنهج التوراتي في البحث الأثري للبحث عن إسرائيل القديمة باعتبارها منبع الحضارة الغربية ، وكانت قوة الدفع للدراسات التوراتية ، وان الموضوعية في نظرهم ليست أمانة البحث وإنما القدرة على الوضوح ولو على حساب أمانة البحث ، وتصوير فلسطين بدون سكان أو بسكان مؤقتين سريعي الزوال ينتظرون قدوم ذلك الشعب الذي لا يملك الأرض لترويج فكرة عودة اليهود إلى وطنهم المهجور وإعادة تعمير البلاد الخربة.صفحة 24-27. ويستطرد قائلا :"كما عملوا على تقسيم مصطنع للتاريخ إلى عصور متعاقبة-الآباء والسخرة في مصر وغزو كنعان، والسبي البابلي ، وأن أي وجود قبل اليهود هو وجود مجرد من المعاني الحضارية ، وترى نفسها أمة منفصلة عن محيطها الثقافي والسياسي وعاملا يجلب الحضارة إلى المنطقة ، وان الحضارة اليهودية منحت فلسطين كل شيء ذي قيمة إلى الأبد.صفحة 38-43 ، كما تدعي دراساتهم أن منشأ الكتابة إبداع إسرائيلي قديم في حين أن "ولفنسون اليهودي" يرى:طأن يهود بلاد العرب لم يظهروا شيئا من النبوغ والعبقرية مطلقا ولم يشتهر من بينهم شخص واحد في كل عصورها بالرقي الفكري.صفحة 50 ن وكانوا يأخذون مما سبقهم من أعمال التوفيق بين مخارج النطق في كلماتهم ، وان الأثاريون والمؤرخون منهم ينفون دعوى السبق الحضاري اليهودي وأن القدس لم ترق إلى العاصمة إلا في الفترة الفارسية ، وأن الإسرائيليين يعيشون في مواقع ريفية صغيرة ، وكانت ثقافتهم فقيرة وفجة ومادية ، وإنهم لم يستطيعوا أن يعيشوا بمعزل عن أهل المدن التي عجزوا عن افتتاحها، وهذا التأثير الخفي للحاضر على الماضي المتخيل وثقل الدراسات التوراتية لتصور ماض ملتزم بادعاءات الدولة الحديثة ، وان السمة الرئيسية هي وجود مجموعات ذات شأن من البشر تبحث عن وطن قومي لها . صفحة 50-67. تطرق الباحث في الفصل الثاني من الكتاب إلى انتماء فلسطين إلى العرب والمسلمين ، وجاء استجابة طبيعية في ميدان الصراع الفكري على فلسطين القديمة ، وان الكنعانيين أولوا حضارة باهرة واليهود ليسوا مالكي شهادات الميلاد للبشر ، وأن الجنس العربي هو المجموعة التي عاشت في جزيرة العرب وانسيابها إلى المناطق المجاورة ، وبناء المدن حول الأماكن المقدسة-القدس- وتمتعها بالقدرة على جمع الشتات من بقاع العالم، فلسطين عربية المنشأ ويرى ابن خلدون أن أول ملك في فلسطين في فجر التاريخ كان العرب،صفحة 109 ، وأن مدينة القدس موغلة في القدم ولا علاقة للإسرائيليين النازحين بتسميتها وتسمية غيرها من مدن كنعان وأسبقية الودود العربي على الوجود اليهودي وأن إسرائيل ليست إلا كينونة في الزمان الفلسطيني الكاسح ومملكتهم حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وأشور وفينيقية ، فملكها دليل على حقنا نحن لا حق اليهود وان القدس كانت موجودة قبل الذكرى الألفية قبل الميلاد. صفحة 113-132. كانت قبائل قريش في رحلة الصيف إلى الشام تتاجر مع غزة على ما روى أبو سفيان ولا نحسبه كان يتجه إلى غزة إلا للاتجار مع العناصر العربية لها وقبيلة طيء العربية سكنت فلسطين ، وان القبائل العربية كانت تؤلف الحجر الأساسي من سكان سورية وفلسطين والأردن وعرب فلسطين. ، وعجزت الهجرات اليهودية المعاصرة وعجزت قدراتهم الإنجابية عن تغيير الانتماء وتجذر عروبة وإسلام سكان فلسطين. صفحة 140-158 . في الفصل الثالث علم الآثار وفلسطين القديمة بين الانحياز والموضوعية ، واجزم الباحث بأنه لا يكاد يذكر حالة واحدة لمؤرخ لم تؤثر آراؤه الدينية تأثيرا بالغا فيما توصل إليه من نتائج ، فهو علم انتقائي ويكشف ويظهر ويخفي ما يريده ، وتحول علماء الآثار كلهم إلى ضباط مخابرات وأريد لعلم الآثار أن يكون أداة للحركة الصهيونية بكل تعسف. ذكر الباحث النتشه أمثلة على ذلك ومنهم العالم الاثاري رايت صاحب كتاب علم الآثار التوراتية جاء إلى فلسطين الكتاب المقدس في يد والمجرف في يد وكذلك العالم برايت صاحب كتاب المرجع الرئيس المعتم في التاريخ الإسرائيلي وفي الجامعات البريطانية والأمريكية وكذلك العالم والت ونورمان غوتفالد وجورج مندنهال ووليم فاكسويل وألبرايت وغيرهم ، وكانت جهة التحيز واضحة لدى صندوق استكشاف فلسطين البريطاني ، وان الجامعات الألمانية تدرس علم التاريخ التوراتي بهدف تمكين اليهود في الحصول على الحقائق الثابتة من طاقات وإمكانات البلاد ،علما بأن جميع استنتاجات وارين في القدس كانت خاطئة ونفى الاثاريون يهود وعرب الدعاوى اليهودية من خلال نتائج الحفريات الاثارية ومنهم العالم فرانكن. صفحة 207-245 . إن كمية المعلومات الأثرية المتزايدة توضح أن تاريخ غوتفالد وما يتضمنه من صياغات أخرى كثيرة ومختلفة هو ماض متخيل ومختلق ، ويرى هيرتسوغ أن المكتشف الأثري يناقض بوضوح الصورة التوراتية وتفتقر إلى أي دليل مادي ، كما أشارت نتائج الحفريات الأثرية في القدس ودلل الباحث النتشه على ذلك بشهادات ناطقة بعدم وجود الهيكل وأن جميع الاكتشافات الأثرية آثارا إسلامية أموية ورومانية وبيزنطية.صفحة 248 . افرد الباحث في الفصل الرابع لعروبة فلسطين في لغتها وأسمائها وهما كاشف حقيقي عن انتماء الماضي الفلسطيني ن وان اللغة العربية أول المعروف في فلسطين وأن اللغة الآرامية عربية أصيلة وهي لغة سامية عربية كنعانية بشهادة أحمد سوسه المؤرخ اليهودي العراقي ابرز المتضلعين في علم الآثار. صفحة 297 . وعن عروبة فلسطين في أسمائها أن أول من أطلق اسم بالستين رسميا من قبل الإمبراطورية الرومانية لأول مرة حين صك الإمبراطور فسباسيان هذا الاسم على نقوده ، صفحة 328 ، وذكرها الشاعر عدي بن رقاع المتوفى سنة 95 هـ صفحة 330 قائلا:" فكأني من ذكركم خالطتني في فلسطين جلس خمر عقار"، كما أورد الباحث الدلائل على عروبة القدس منذ القدم ما يقارب العشرين اسما في هامش صفحة 343 ، وان قدسيتها جعلت لها أهمية حالت دون التنازل الفكري والنفسي على الأقل عنها وقد رسخت هويتها الإسلامية. صفحة 348 . أما الفصل الخامس تحدث فيه الباحث عن دعاوى الوعد الديني والحق التاريخي :اليهودية في الميزان مفاده أن الله تعالى وعد إبراهيم ومن بعده اسحق ويعقوب عليهم السلام بأن تكون ارض كنعان لنسل كل منهم ،"وأعطي لنسلك من بعدك أرض غربتك،كل أرض كنعان ملكا أبديا وأكون الاههم-سفر التكوين الإصحاح 17/5-8 ، ويرى الباحث النتشه أن الوعد هو وعيد لاختبارهم ومن ثم معاقبتهم واستدل على ذلك من سورة الإسراء في القرآن الكريم وأن مفاهيم شعب الله المختار والأرض الموعودة وان كل يهودي أقام خارج إسرائيل منذ إنشائها يعتبر مخالفا لتعاليم التوراة وأن هذا اليهودي يكفر يوميا باليهودية، وفي سفر التكوين تغرب إبراهيم في أرض الفلسطينيين "سكن يعقوب في أرض غربة أبيه في أرض كنعان ،هؤلاء بنو يعقوب الذين ولدوا له في فدان أرام ، كذلك خرج يعقوب وأبناءه من فلسطين كاسرة ولم يكونوا فيها شعبا يملك حقوقا قومية، كما يرى الحاخام بنيامين فريدمان أن اليهود المعاصرين ليسوا بني إسرائيل. صفحة 361-504. كما أجرى العالم اليهودي" جوزفيتش" أستاذ علم الأجناس البشرية في الجامعة العبرية أن نسبة ضئيلة من يهود الأقطار العربية هم من نسل يعقوب واسحق ن أما يهود أوروبا الشرقية ينتسبون إلى قبائل الخزر ، وأما يهود أوروبا فمن أصل أوروبي هم من اعتنق الدين اليهودي على يد مبشرين ، وان اليهود ليسوا متجانسين من الناحية السلالية. كما ناقش الباحث في الفصل السادس أسطورتا الوعد بالأرض والحق فيها من منظور إسلامي وأن الله لا يعطي الوعد إلا لمن ملك مواصفات كافية لضمان العدالة والحق والخير وهي ذات صلة بالمنهاج الديني. وفي الفصل السابع ناقش التوراة كمصدر للتاريخ واستند على رأي " روجيه غارودي" في كتابه فلسطين ارض الرسالات السماوي أن القراءة الرمزية للعهد القديم لم تستبدل بها قراءة حرفية إلا ابتداء من العصر الذي ترجم فيه لوثر الكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية، ويرى أن التوراة الحالية مجمع خرافات وثقافات الماضين وان هناك فترة زمنية طويلة بين نزول التوراة وتدوينها متوصلا إلى أن التوراة لا تصلح لأن تكون مصدرا تاريخيا. صفحة 463 . بعد هذا العرض السريع والموجز للكتاب من قبل د.إدريس جرادات يمكن الإشارة إلى الملاحظات الآتية: *استند الباحث جواد بحر النتشه على قائمة من المراجع والمصادر العلمية -100 مرجع ومصدر وسبع دوريات وستة مواقع الكترونية . *كما استند الباحث على المراجع الحية من ذوي الخبرة وذلك بإجراء المقابلات واللقاءات وجاهة أو من خلال المكالمات الهاتفية أو الاستماع إلى محاضرات المتخصصين في الآثار الفلسطينية مما ساعد في إثراء مادة الكتاب. *التأكيد على أن العدوان على تواريخ الأمم هو في حد ذاته عدوان على الأمم نفسها. *التقسيم للتاريخ إلى عصور متعاقبة تقسيم مصطنع لتزوير التاريخ في فلسطين وتزوير هوية السكان. *الصراع على الماضي إنما هو صراع من اجل الهيمنة والسيطرة في الحاضر. *الكتاب وسيلة مساعدة بالأدلة والشواهد لكشف الستر عن المخبوء من الحقائق حول الأرض والتاريخ. *استخدام الكتاب المقدس لدعم وجهة نظر الدول الاستعمارية فهو لا يصلح كمصدر تاريخي لأن التاريخ لا يكتبه إلا المنتصر والقوي . *إسرائيل استعانت على اغتصاب بلادنا بتزييف الحقائق أكثر مما عُنينا نحن بإيضاحها. *لم يكتف الاحتلال بهزيمة العرب عسكريا وسياسيا ، بل جاء ببعد تنظيري يبرر احتلاله للأرض ليحتل العقول كما احتل الأرض . *عمل الباحث في الرد على الافتراءات التي تقوم على تجنيد العلماء والباحثين بمنهج الكتاب المقدس والتاريخ والآثار ليقول أن فلسطين له من دون العالمين. * يُعتبر هذا الكتاب جوهرة ثمينة ندعو الباحثين والكتاب والمهتمين إلى اقتنائه وإضافته إلى مكتبتهم المحلية ودراسته وتحليله لأنه جهد ثمين ، ونحن بأمس الحاجة إلى الكتب القوية المدعمة بالأدلة والشواهد والبراهين التي تقول من فمك . والى الأمام أخي سماحة الشيخ نحو جوهرة أخرى . عرض وتقديم : د. إدريس جرادات/مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي-سعير/الخليل . البريد الالكتروني sanabelssc1_(at)_yahoo.com الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 25-02-2014 04:28 صباحا
الزوار: 6148 التعليقات: 0
|