|
عرار: السلسلة الخامسة تنشرها عرار بستان الأندلس . د.رشا غانم غانم تكتب سفير الأندلس الشاعر يحيى بن الحكم الغزّال عرار - خاص: وصلت إلى البستان ،وبدأت أتنقل من مكان إلى آخر أتنعم برحيق الزهور الجميلة وأقتربت من زهرة يفوح عطرها في كل أرجاء البستان ومِلت أتنشقها فوجدت بين أوراقها النضرة رسالة تحمل اسما لشاعر عظيم كان سفيرا لبلاده ،وأبان عن الشؤون الدبلوماسية المبكرة فيها ، ويعد من أوائل الرّحالين الأندلسيين ،واشتهر أيضا بلقب العرّاف لخبرته في علم الفلك ، إنه الشاعر يحيى بن الحكم الغزَّال وسمي الغزَّال لجماله وتأنقه وينتسب لمدينة جيّان بالأندلس وت(250هـ) بعد رحلة عمرية مديدة مليئة بعلاقات اجتماعية عديدة وكيف لا وقد عايش خمسة خلفاء من حكام الدولة الأموية بالأندلس وهم: عبد الرحمن الداخل (ت 172هـ) وهشام بن عبد الرحمن (ت 180هـ) والحكم بن هشام (ت206هـ) وعبد الرحمن الأَوسط بن الحكم (ت 238هـ) ومحمد بن عبد الرحمن (ت 273هـ) ويقول أدركت بالمصر ملوكا أربعة وخامسا هذا الذي نحن معه وكانت رحلته الأولى سنة 225هـ مبعوثا من الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط إلى ملك القسطنطينية تيوفيل -الروم(بيزنطة) التي رغبت في مزيد من العلاقات مع أمراء بني مروان بالأندلس بعد هزيمتها في عمورية.وأما الرحلة الثانية كانت إلى جتلند الدنمارك حديثا سنة 230هـ بلاد النورمان وكانت رحلته رحلة جوابيّة ردّاً على رسالة، مع وفد الملك الذي رغب في عقد علاقات سلميّة، ومعاهدة صداقة، حيث أغار النورمان على إشبيلية وغيرها ثم هزمهم الأندّلسيون،وقد نجح الغزال في مهمته نجاحا باهرا ونجده يداعب زوجة الملك ويناديها تود معربة عن اسمها الحقيقي تيودورا ليدل على المكانة العظيمة التي نالها في هذه البلاد بقوله: يا تودُ يا رودَ الشَبابِ الَّتي تُطلِعُ مِن أَزرارِها الكَواكِبا يا بِأَبي الشَخصُ الَّذي لا أَرى أَحلى عَلى قَلبي وَلا أَعذَبا أَن قُلتُ يَوماً إِنَّ عَيني رَأَت مُشبِهَهُ لَم أَعدُ أَن أَكذِبا قالَت أَرى فَودَيهِ قَد نَوَّرا دُعابَةٌ توجِبُ أَن أَدعَبا قُلتُ لَها ما بالُهُ إِنَّهُ قَد يُنتَجُ المُهرُ كَذا أَشهَبا فَاِستَضحَكَت عُجباً بِقَولي لها وَإِنَّما قُلتُ لِكي تَعجَبا ومن خلال تجاربه في الحياة يظهر لنا خبرته وحنكته بها بقوله: إِذا أُخبِرتَ عَن رَجُلٍ بَريءٍ مِنَ الآفاتِ ظاهِرُهُ صَحيحُ فَسَلهُم عَنهُ هَل هَوَ آدَمِيٌّ فَإِن قالوا نَعَم فَالقَولُ ريحُ وَلَكِن بَعضُها أَهلُ اِستِتارٍ وَعِندَ اللَهِ أَجمَعُنا جَريحُ ومن إنعام خالقنا علينا بأن ذنوبنا ليست تفوح فلو فاحت لأصبحنا هروبا فرادى بالفلا ما نستريح وضاق بكل منتحل صلاحا لنتن ذنوبه البلد الفسيح ويبهرنا بتنوع أشعاره في فنون كثيرة فنجده يمدح فيقول: مَن مُبلِغٌ عَنّي إِمامَ الهَدى الوارِث المَجد أَباً عَن أَبِ إِنّي إِذا أَطنَبَ مُدّاحَهُ قَصَدتُ في القَولِ فَلَم أُطنَبِ لا فَكَّ عَنّي اللَهُ إِن لَم تَكُن أَذكَرتَنا مِن عُمرَ الطَيبِ ويتهكم الشاعر على الذين يكنزون المال كأنهم سيأخذوه معهم إلى القبور بقوله: أَرى أَهلَ اليَسارِ إِذا توفوا بَنوا تِلكَ المَقابِرَ بِالصُخورِ أَبَوا إِلّا مُباهاةِ وَفَخراً عَلى الفُقراءِ حَتّى في القُبورِ فَإِن يَكُنِ التَفاضُلُ في ذُراها فَإِنَّ العَدلَ فيها في القُعورِ رَضيتُ بِمَن تَأَنَّقَ في بَناءٍ فَبالَغَ فيهِ تَصريفُ الأُمورِ أَلَمّا يُبصِروا ما خَزَّبَتهُ الدُ دهورُ مِنَ المَدائِنِ وَالقُصورِ لَعَمرُ أَبيهِمُ لَو أَبصَروهُم لَما عُرِفَ الغَنِيُّ مِنَ الفَقيرِ وكان الفقيه الطامع أو المستغل في نظر الغزال يحق أن يوجه إليه اللوم فيقول: لَستَ تَلقى الفَقيهَ إِلّا غَنِيّاً لَيتَ شَعري مِن أَينَ يَستَغنونا تقطع البر والبحار طلاب الر زق والقوم ها هنا قاعدونا إن للقوم مضربا غاب عنا لم يصب قصد وجهه الراكبونا وتحتاجه الغربة والحنين لموطنه فالإنسان في أي مكان موطنه في قلبه فيقول : كتبت وشوق لا يفارق مهجتي ووجدي بكم مستحكم وتذكري بقرطبة قلبي وجسمي ببلدة نأيت بها عن أهل ودي ومعشري سقى الله من مزن السحاب ثرة دياركم الاتي حوت كل جؤزر بحق الهوى أقر السلام على التي أهيم بها عشقا إلى يوم محشري حقا كانت نزهة ممتعة مع شاعر مبدع ،تبوأ مكانة عظيمة ،وشهرة واسعة،وليت شعري أن يكون كل سفير لبلاده مرآة لمجتمعه مثله. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 26-06-2014 12:00 صباحا
الزوار: 8164 التعليقات: 0
|