|
عرار: عمان- إبراهيم السواعير - وصف الشاعر الناقد محمد سلام جميعان الشاعر محمد سمحان أديباً إشكاليّاً، متعدد الاهتمامات في الإبداع، تلوّن بصبابة جميل وابن ربيعة، وأضاف إليها شيئاً من عشق عنترة الفارس، عدا وجد المتصوّفة وشَطْحُهُم الذي هو فيه. وقال، في الأمسيّة التي قرأ فيها مشوار سمحان ومشى فيه، في منتدى الروّاد الكبار أول من أمس، إنّ (ميكافيليّةً) أو ذرائعيّةً استمدّها الشاعر من السياسيين، بما لديه من إحساس خاصٍّ بالتاريخ، ليتوافر على صبرٍ أيّوبيٍّ، تكون فيه نظرته في الحب والسياسة والدين والتاريخ واحدة، وإن اختلف التعبير. جميعان قدم ورقة بعنوان: «محمد سمحان.. مساراتُ تجربةِ العبث والتمرد»، قال بها: «إذا كان لكل إنسان ما يشبهه في الطبيعة، فإن محمد سمحان أقرب شبهاً بقوس قزح، فكما تتعدد الألوان في قوس قزح، تتعدد اهتمامات سمحان الإبداعية؛ فهو عاشق أخذ من صبابة جميل وابن ربيعة، وأضاف إليها شيئاً من عشق عنترة وفروسيته، وفيه من المتصوفة وجْدُهم وشطْحُهم، ومن السياسيين ذرائعيتهم، إذا مسَّته شياطين الشعر صار الشعر كل شيء في حياته، وإذا اغتلى الواقع بالحرب والسلم أضحى ميكافلياً، وعنده إحساس خاص بالتاريخ. ونظرته في الحب والسياسة والدين والتاريخ واحدة، وإن اختلفت وسيلة التعبير». وبيّن جميعان أن سمحان «نزق ومتوهج وبريء، وهو يحدثك في الأدب والسياسة حين يخفى عليك الشرط الذي تعيش فيه، أي عندما تكون رومنطيقياً في تأويل الأحداث والأشخاص ـ أدباً، أو سياسة ـ لأنه يرى أن البراءة المفرطة لا تضيف شيئاً إلى الوعي، لهذا يحتفظ بحريته، ولا يقبل أي نظرية تخرج من معامل الأفكار الجاهزة». ولفت جميعان النظر إلى أن «انشغال سمحان بالمكان ليس بداعي تأمين نسخة عاطفية تستدعي المعرفة الموضوعية بالمكان، بل هو حفرٌ تاريخي للإحساس بحيوية الانتماء. فانتماءات الناس تتحدد من خلال الإحساس بالمكان الذي هو أكبر من حيّز الأرض: إنه كائن له ماضِ ومستقبل، وتقويض العلاقة بالمكان يؤدي إلى تقويض الهوية. ومن هنا، فإن كل مكان يعرِّج عليه سمحان ـ بالذكر ـ له خصوصيته، وله هويته التاريخية، لكن كل هذه الأماكن تقع بين بؤرتي تمجيد الماضي وتأبين الحاضر، وتأشير على الفردوس المفقود، بمعنى أنه يتخذ من المكان الذي يستدعيه ويحلّ فيه ذريعة للوطن الذي يرنو إليه، كما نلمح ذلك في قصيدة (أم قيس): (وطئت تبرك لا لهواً ولا لعبا/ وغنما جئت مهموماً ومكتئبا/ علّي أكحِّل طرفي من سنا وطني/ فأرسل القلب كي يلقاه والهدبا/ وعلَّه يجتبيني حين يلمحني/ فينعش الروح إذ يزجي هبوب صَبا/ يل أم قيس ترى هل أنت عالمة/ بما يدبَّر أم وهج النضال خبا». وقال جميعان إن «من القضايا ذات الخصوصية، في تجربة محمد سمحان الشعرية، تحوله من قصيدة التفعيلة إلى القصيدة الخليلية، فهل لذلك علاقة بالنظر إلى الشعر الحديث بأنه مولود من نسل امرأة حمقاء؟ أم هو احتجاج على ما فيه من تخبط وغثيان؟ أم لأنه قدر لا مفر منه؟ لقد رسخ سمحان مفهومه للشعر في كتابه النقدي (فن الشعر)، وفي هذا الكتاب تفصيل وافِ للفلسفة الشعرية التي أنضجتها التجربة». وبيّن المحاضر أن القصيدة، عند محمد سمحان، «شبكة من العلاقات المتماسكة، ولا تؤخذ على نحو جزئي، حتى في القصائد ذات الوزن الواحد والروي الواحد نجد بنية نفسية وتركيبية مختلفة تجعل لكل قصيدة عالماً خاصاً، ونقطة ارتكاز تنطلق منها، وليس موضوع القصيدة ما يفرض نقطة الارتكاز، وإلا لتشابهت كل قصائد الحب وكل قصائد الحنين، فما يفرض نقطة الارتكازهو الوعي والموقف والأداة». وخلص جميعان إلى أن «تجربة الشاعر محمد سمحان غنية وثرّة، وتستحق مزيداً من البحث». ثم قرأ الشاعر سمحان عدداً كبيراً من قصائده، التي نالت استحسان الجمهور، وعبرت عن مراحل متباينة من تجربته الشعرية، متنقلاً بين القصائد الوطنية والاجتماعية والغزلية والوجدانية. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 22-12-2011 08:39 صباحا
الزوار: 1487 التعليقات: 0
|