صدر مؤخرا للقاص والشاعر علي القيسي المجموعة القصصية «أمس يزهر غداً» ونصوص مجموعته «أمس يزهر غداً» من فئة القصص القصيرة جداً، وقدّم للكتاب د.عوني تغوج ممتدحاً وضوحه الفني وفهمه الدقيق لطبيعة هذا اللون الأدبي، وتقديمه عملاً متميّزاً بما يتوافر عليه من موهبة ومطالعة مستمرة، ومقدرة على تشكيل اللغة الممتنعة في المجموعة.

المجموعة الصادرة عن دار الآن ناشرون بدعم من وزارة الثقافة، اعتمد فيها القيسي التكثيف اللغوي بأسطر قليلة ورسم مشهديات وأحداث بسيطة تترك القارئ يتساءل أمام ما تثيره من شجون وشؤون، وفي هذه القصص حوارات وعِبر وفيها ما يقترب كثيراً من الخاطرة أو ما يفضفض به كثيراً على صفحة الفيس بوك الخاصة به، ويلقي إعجابات وتعليقات، لذلك استمد هذه المواضيع من الحياة والناس والطبيعة والنفوس المعقدة والهموم التي تركب الناس ولا تفارقهم، فكان ينوب عنهم في هذه اللافتات الحواريّة القصيرة التي ترصد تناقضات وعوالم نفسية وصراعات لا يتكلف القيسي كثير عناء وهو يلتقطها من الناس والشارع والبقالة وفي الطريق وعند الإشارة الضوئية وفي محطات الوقود وطقوس الزواج وصفات الناس وآمال الناس وازدحامهم و... ليكثر من المفارقات المضحكة التي تكشف عما تنطوي عليه نفس الإنسان.

هل على علي القيسي أن يخلص لفن أدبي واحد؟!.. وما مدى تأثير هذه الفنون مزدحمةً عليه؟!.. وهل يستطيع أن يعدل بين الضرائر؟!... ومن يمنح العمل الأدبي جنسه؟!.. وما الحدود الوهميّة أو الظاهرة بين هذه الأجناس؟!... هذا ما يرفدنا به العصر الجديد الذي تتضاءل فيه الفوارق كثيراً بين أجناس الكتابة والتعبير.

من مواد المجموعة: « كان يجلس ضمن مجموعة من الأصدقاء، متحدثاً حول شخصية الرجل أمام زوجته، وقد أخذ راحته في الحديث، مردداً: الكلمة ينبغي أن تكون للرجل! فجأةً رنّ هاتفه الخليوي. تردد للحظات، ثمّ،... ارتبك الرجل، تغيرت ملامح وجهه، وغادر الجلسة دون استئذان».

ومنها: «لا ترفع سقف توقعاتك وطموحاتك كثيراً، ربما تصاب بخيبة أمل شديدة، ويقع السقف على رأسك».

جريدة الرأي