غيّب الموت، نهاية الأسبوع الماضي، الشاعر والناقد المصري شريف رزق، في مدينة المنوفية، إثر نزيف في المخ. وعلى الرغم من أن الراحل رزق (وهو من مواليد عام 1964)، ليس من الشعراء الذي حققوا حضوراً عربياً واضحاً، رغم ذلك، فإن قصيدته سرعان ما تبني مع قارئها علاقة مباشرة وحميمة، فثمة شيء أصيل وقريب في شعره من الإنسان في شقائه اليومي والعادي، تكتشفه ما إن تقرأ مجموعة من قصائده، شيء يبدو كما لو كان شعوراً ريفياً حميماً بالعالم ومحتوياته، لكنه ضائع في قلب مدينة. أصدر رزق سبع مجموعات شعرية، كانت أولاها «عُزلةُ الأنقاض» (1994)، ثم «لا تُطفِئ العتمة» (1996)، و»مجرَّةُ النِّهايات» (1999)، و»الجثة الأولى» (2001)، و»حيوات مفقودة» (2010)، و»أنتَ أيُّها السَّهو، أنتَ يا مَهبَّ العائلةِ الأخِيرَةِ» (2014)، و»هواء العائلة» (2016). كان رزق منهمكاً بالشعر والكتابة عنه، وعلى وجه الخصوص التأريخ لقصيدة النثر العربية منذ ظهورها والتقلّبات التي مرّت بها حتى اليوم، وعن ذلك وضع رزق ثمانية كتب؛ من بينها «شعر النَّثر العربي في القرن العشرين» (2010)، و»الأشكالُ النَّثرشعريَّةُ في الأدبِ العربيِّ» (2014)، و»شعريَّة الحياةِ اليوميَّة والخطاب الشِّفاهيِّ، في قصيدة النَّثر العربيَّة الجديدة» (2016). ساهم رزق في تحرير مجلَّة «الشِّعر» المصرية منذ 1993 وحتى 1998، ثم أسس مع شعراء آخرين «ملتقى قصيدة النَّثر»، كما أطلق مع الشاعر العراقي شاكر لعيبي مجلة «الحوزة الشعرية» التي كانت تصدر في بغداد. من قصائده: «أثْنَاءَ تناولي لوجبتي، أرْفَعُ السِّكينَ أمَامِي وَأسْهُو، كشَاهِدٍ على الاعتذارَاتِ. على تلكَ الحافَّةِ المضِيئَةِ، تُولَدُ الذِّكرياتُ وتموتُ. على تلكَ الحافَّةِ، تنشطرُ قِطَعُ الطَّعامِ إلى أجْزَاءَ مُتناهِيَةٍ في الصِّغَرِ، أسِيرُ وَرَاءَ ذاكرتِي كقفَّاءِ أثرٍ، كراعٍ رَحِيْمٍ». وكان الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة الشاعر حبيب الصايغ، أصدر بيانًا ينعي فيه الشاعر والناقد المثقف شريف زرق، «أحد الأصوات الشعرية المهمة في جيل الثمانينيات في مصر، انحاز مبكرًا إلى «قصيدة النثر» وأصدر مجموعة من الدواوين المهمة، منها: مجرة النهايات، عزلة الأنقاض، حيوات مفقودة، لا تطفئ العتمة، أنت يا أيها السهوم أنت يا مهب العائلة الأخيرة، والجثة الأولى». ويصدر قريبا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتاب «شعر النثر العربي في القرن العشرين.. أشكاله وتحولاته الشعرية»، للراحل رزق. وجاء في الكتاب: إن القرن العشرين هو قرن الأنواع الأدبية العربية بامتياز، فيه تأسست القصة القصيرة، والرواية، والمسرحية (النثرية والشعرية)، والشعر المرسل، وشعر التفعيلة، وفيه أيضًا تأسس شعر النثر، وقد أثار هذا الشعر النثري الأخير - ولا يزال - جدالًا واسعًا، لاصطدامه بقناعات ظلت محل إجماع غير أنه - في النهاية - حسم معركته، وتأسس شكلًا شعريًّا مفتوحًا وحرًّا، برزت شعريته الجديدة، وشرعت تكتسب مساحات واسعة، في المشهد الشعري، بحيث إننا نستطيع أن نلحظ تسرب شعرية قصيدة النثر، حاليًّا، في نصوص عديدة، من السرد القصصي.