الاستحالية مصطلح سردي أعني به الإفراط في الخيال إلى حد لا يقبله العقل. وهي تضمن معنى التغير الذي لا يخضع لمنطق أو قانون، كما تتضمن معنى التحول، الذي تؤول إليه الأحداث أو الشخوص أو الأشياء في السرد، حيث تغدو في أشكال لم تكن عليها من قبل. إنها تعني عدم إمكانية وجود الشيء، أو حدوث الفعل على أرض الواقع.
في مجموعة « قهوة رديئة» لجمعة شنب نعاين الاستحالية « في عدة قصص هي:» زحف»، «حمار»، «ألسنة»، «بالونات»، «كلاب»، «خمر». في قصة «زحف» يستطيع الموتى في المقبرة الشمالية فتح كوات في قبورهم، ثم رفع سقوفها، والخروج منها، والهجوم على الحارس؛ لأنه كان سكيرًا يزعجهم في قبورهم بهلوساته، ثم إجباره على أن يرافقهم في الزحف على المدينة. 
نلاحظ أن الاستحالية في هذه القصة تتمثل في عودة الموتى إلى الحياة، وممارسة الفعل الثوري بالزحف إلى المدينة.  ويبدو أنها تحقق هدفها في تصوير الموت تصويراً مرعبًا، وبيان أن ما على الأرض من فساد وشرور يضج به حتى من في القبور فيتحركون لتغييره.  ويتكرر الاهتمام بالموت في قصص أخرى من المجموعة، كما في «كعك بالسميد»، و»جثة في الدوار»، و»عزاء»، وقصة «محاولة» التي يشتري فيها ناجي بطل القصة قبرًا فارغاً كي يدخل في تجربة الموت. 
وفي قصة «حمار»، وهي من القصص القصيرة جدًا تبدأ بتخيل بطلها منصور نفسه حمارًا، ويتخيل زوجته تعتلي ظهره، وابنته  تجره، وابنه يصفعه على مؤخرته. وتنتهي إلى استحالته حمارًا متفوقًا على غيره من الحمير عندما يرتعش ارتعاشة قوية، ويسقط الزوجة عن ظهره، ويرفس الابن، ويعض الابنة، ثم يولي هاربًا. 
لا شك في أن استحالة الشخصية إلى حيوان يأتي في سياق التعبير عن الرفض والسأم من الحياة العائلية، وعدم القدرة على تحمل مسؤولياتها.
وفي قصة» ألسنة» يستحيل مواطنو مدينة اللبن في الصباح حيوانات تمشي على أربع، وألسنتهم مدلاة، وعطشى بعد أن كانوا لا يفكرون في شيء أبدًا مستسلمين إلى أعطيات زعيمهم. وهذه الاستحالة الحيوانية تنتقد خضوع الناس لمن يتحكم في قوتهم. 
في قصة» بالونات» تسد شوارع مدينة العسل وساحاتها بالونات عملاقة؛ مما يجعل أهلها لا يستطيعون التحرك في مدينتهم، فيستنجدون بجيرانهم في مدينة الحليب، ويطلبون من سكانها دبابيس ومسامير وإبرًا لثقب تلك البالونات التي احتلت المدينة. لكنهم يفاجأون بأن مدينة الحليب ترفض مساعدتهم بل وتمنع دخولهم أراضيها.
من الواضح أن استحالة البالونات إلى خطر على سكان المدينة يأتي في سياق الاحتجاج على هذا التعصب للمكان، والانحسار في الذات، وتخلي الجار عن نصرة جاره إذا ما وقع في أزمة. 
في قصة «كلاب» تستحيل شخصية عبد الهادي بطل القصة إلى شخصية إنسان ميت بعد أن ألقي القبض عليه بتهمة الخيانة. ثم يطلب منه التوقيع على ورقة «مطبوعة بعناية شديدة» (ص85). وبعد أن يوقع عليها يقع مغشياً عليه. وعندما يستيقظ يجد نفسه ميتاً على الرصيف والكلاب والقطط تنهش لحمه، فيغمض عينيه، ويتابع الموت.
لعل في هذا التحول من الموت إلى الحياة ومن الحياة إلى الموت يعبر عن رفض الإنسان الحر للذل والهوان، والاستسلام للواقع الفاسد، إنه يفضل الموت على هكذا حياة.
في قصة «خمر» تستحيل المياه في صنابير مدينة الياشين إلى خمر. وعندما تضخ المياه العذبة بعد سبعة أيام لا يستسيغها الناس، فيتضرعون إلى المسؤولين ليضخوا الخمر. وفي اليوم التاسع تضخ مادة الكلور الممزوج باليانسون، فيتجرعها الناس بأنها خمر شامية «عرق». «عندما كان يسقط أحدهم على الأرض، كان الآخر يرى أن هذه هي الخمر التي يحتاج، فيقبل على الصنبور ويتجرع» (ص89)
من اللافت أن هذا الحدث الاستحالي، وهو تحول المياه إلى خمر، وتقبل الناس ما يجري في صنابير المياه، حتى ولو كان يضر بصحتهم يشير إلى سطوة السلطة، إن ترحيب الناس بتجرع الكلور واليانسون يشير إلى الواقع البائس الذي يعايشونه، حتى إن الموت أقل منه بؤسًا.  كما يقول المتنبي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيًّا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
هكذا نرى ان مجموعة « قهوة رديئة» للقاص جمعة شنب تقوم بعض قصصها على استخدام الاستحالية التي تنبني على الأحداث التي لا يمكن وقوعها على الأرض، مثل تلذذ الناس بشرب الكلور باليانسون بدلا من الماء، وخروج الناس من قبورهم والزحف إلى المدينة، وتحول الإنسان حيواناً، وتغير طبيعة الأشياء وصفاتها.
لقد جاءت هذه الاستحالية في قصص «قهوة رديئة» لا لتدفع القارئ إلى أن يعيش في أجواء استيهامية إغرائية بل كان الغرض منها واضحاً، وهو التعبير بجرأه، ومرارة، وقسوة احياناً عما في الواقع من رداءة، تلك الرداءة التي تتسلل من العنوان إلى قصص المجموعة كلها. وقد تحقق للقاص جمعة شنب هذا الهدف من خلال لغة اختزالية محايدة، غير انطباعية. إنها لغة تتجاوب مع الواقع الاستحالي الذي تحمله، والواقع الخارجي الذي تعبر عنه، وهو واقع بائس تضيق فيه سبل الخلاص والنجاة أمام كل من يحاول الخروج عليه.
**قهوة رديئة، جمعة شنب، عمان: الأهلية، 2015، تقع في 110 صفحات من القطع المتوسط