مأدبا :-  عاين منتدون "السرد غير التخييلي في الأردن"، وذلك في الندوة التي نظمتها مديرية ثقافة مادبا وكلية العلوم في الجامعة الأميركية بمادبا أول من أمس.
شارك في الندوة التي أدارتها الدكتورة الروائية شهلا العجيلي كل من الدكتورة هند أبو الشعر من جامعة آل البيت، د. مصلح النجار من الجامعة الهاشمية، د. أكرم الديك من الجامعة الأميركية، الباحث كايد هاشم من منتدى الفكر العربي، والاعلامية رلى السماعين من صحيفة جوردن تايمز.
تحدث في الجلسة الأولى التي ادارتها د. شهلا العجيلي كل من د. مصلح النجار، الباحث كايد هاشم، الدكتورة هند أبو الشعر التي تناولت السرد غير التخييلي في كتب المذكرات الأردنية "المخطوطة والمطبوعة لأواخر العهد العثماني" مبينة أن المصادر التي تتعامل مع السرد والتي تعتبر جزءا من مصادر التاريخ وهي "كتب المذكرات وكتب السيرة وكتب الرحلات"، هي كلها تقدم سردا يمكن اعتباره من مصادر التاريخ المقبولة، شريطة أن نخضعها للنقد التاريخي المنهجي، وقد اعتمدت في ذلك على دراسة نصوص هذه المصادر بتوسع، سواء في دراسة التاريخ الإسلامي أو التاريخ الحديث.
واشارت أبو الشعر إلى عدد من كتب المذكرات المطبوعة والمخطوطة في الأردن ما بين أعوام 1914 و1970 منها مذكرات صالح المصطفى التل، ومذكرات التاجر الشامي سعيد جمعة، ومذكرات عودة القسوس، ومذكرات خليل سماوي، وغيرها.
بينما قدم د. مصلح النجار قراءة حول كتابه "الحسن بن طلال: حكاية أمير عربي" كنموذج للسرد غير التخييلي، موضحا انه كتاب في السيرة الغيرية، وهو جزء من قصة هذا الوطن يمتد على ثلث قرن، ولم يكن في الكتاب متسع للتخييل، بل كانت الوثيقة سيدة الموقف، وكانت شهادات الأشخاص فسحة لاستيفاء المعلومات، ولجمع القصص والحكايات.
من جانبه تحدث الباحث كايد هاشم حول بواكير كتب الرحلات في الأردن، قائلا "لم يحظ فن كتابة الرحلات في الأدب الأردني المعاصر بدراسات جامعة له حتى يومنا هذا، تفصح عن مسار تطوره وأساليبه ومضامينه واتجاهاته، وتبين موقعه بين فنون الأدب والكتابة الأخرى التي نالت عناية الدارسين والنقاد أكثر من غيرها، ولا سيما الشعر والقصة والرواية".
وبين هاشم أن عددا من النماذج الأردنية في كتابة الرحلات لها فرادتها وتميزها في الثقافة والأدب العربي الحديث؛ بما تمثل فيها من اتخاذ الرحلة أداة لتحريك مشروعات ثقافية وفكرية رسالية نهضوية، من حيث الدراسة الميدانية للواقع الاجتماعي والسياسي والحضاري عموما.
وتحدث في الجلسة الثانية التي ادارها د. مصلح النجار كل من د. اكرم الديك، د. شهلا العجيلي، الإعلامية رلى السماعين، التي تحدثت عن السلام والعيش المشترك وحوار الأديان، مشيرة إلى أن الحوارات ما بين أتباع الأديان هي أحد متطلبات ومستلزمات هذا العصر الذي باتت فيه الكراهية هي العنوان العريض، وأن صناعة السلام لإحلال السلام باتت تحتاج إلى جهد كبير، لافتة الى بعض المحاور التي أجملتها في كتابها "حصن السلام، التجربة الأردنية في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج العيش المشترك".
فيما تحدث د. أكرم الديك عن كتابه الأول "كتابة النزوح" والذي يعالج قضايا سياسات الهويه ومعنى الوطن في النصف الثاني من القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين، حيث تطرق الى  أهمية الوسطية ما بين التقليد والتراث وبين الانفتاح وما يسمى في الفلسفة الفرنسية بالبداوة أو البدوية، وهي تبين أن الانسان بدوي وعلاقته بالواقع يجب أن تكون مؤقتة ومنفصلة كي لا تولد الحنين وبالتالي تفادي التطرف الناتج عن التقوقع في جغرافية المكان أو العرق أو الدين.
وأشار الديك الى كتابه الثاني "شجرة الكينا: حلقات في التشرد والشتات"، وهو عبارة عن قراءة موجزة في الكتب والكتاب الذين أثروا فيه شخصيا وفي الأدب العالمي بشكل عمومي، ويتطرق لعلاقة الكاتب بالنص، وبالمكان، وبالسياسة، وبالعائلة، وبالأدب. 
من جانبها رأت د. شهلا العجيلي ان السرد غير التخييلي يستبعد عنصر الخيال الفني الذي نجده في الأنواع الأدبية السردية كالقصة والرواية، وإذا عرفنا أن التخييل هو خلق تصور أو إيهام بتصور عن شيء ما، فإن السرد غير التخييلي لا يتوخى تصوراً بل يفرض رؤيته بوصفها حقيقة، ويتعامل معها على هذا الأساس، إنها الحقيقة الغائبة أو المضادة التي تدحض الرواية السائدة.  
واعتبرت العجيلي أن السند الفلسفي الذي فجر الكتابات السردية غير التخييلية هو  عالم ما بعد الحداثة الذي اهتم بحكايات الأفراد تحديداً، ذلك أن الأفراد وجدوا منصات عدة ليرووا تاريخهم الفردي ورؤيتهم للعالم التي باتوا يطمئنون إليها أكثر من اطمئنانهم للتاريخ بوصفه سردية كبرى تم تفكيكها، وكذلك هي علاقتهم مع الدين والإيديولوجيا والثورة والتنوير.   

الغد