تكريم الشاعر أمجد ناصر بوسام الثقافة والعلوم والفنون الفلسطيني ودرع وزارة الثقافة الأردنية
عرار:
عمان خلال تصفيق طويل منذ دخوله قاعة فندق الميلينيوم في عمّان حتى توسّطه الأصدقاء والمحبون الذين جمعته معهم رحلة أربعين عاماً وأكثر في دروب الثقافة والصحافة والنضال، لحظة اكتمل فيها تكريم الشاعر والروائي الأردني أمجد ناصر قبل أن تبدأ مراسم الاحتفال والكلمات الترحيبية بتنظيم من «لجنة أصدقاء أمجد ناصر». تسلّم صاحب «الحياة كسرد متقطع» في الاحتفال الذي أقيم مساء أول أمس، وسام الثقافة والعلوم والفنون فئة الإبداع من الرئيس الفلسطيني، تقديراً وعرفاناً لـ»دوره في إغناء الثقافة الفلسطينية والأردنية والعربية»، كما تسلّم درع وزارة الثقافة الأردنية. كانت الالتفاتة الرسمية من عمّان ورام الله لم تنفصل عن لحظة حقيقية عبّرت عن حالة أمجد ناصر المتفرّدة التي كرّسها في نموذجه كمثقف أردني وفلسطيني معاً، لم يتخلّ عن مكانه الأول وتفاصيله، استطاع أن يشكّل التخييل الأساسي لمشروعه، وعن فلسطين التي رأى أنها «نجمتنا الأولى والأخيرة»، «نجمة العرب»، كما وصفها، ومنذ ذلك الوقت ذهب من أجلها إلى كونه الفسيح. ولفت في كلمته وزير الثقافة ووزير الشباب الدكتور محمد أبو رمان إلى معرفة الحاضرين بأمجد كاتباً ومناضلاً وقبل ذلك إنساناً، داعياً اتحاد الناشرين الأردنيين إلى الاحتفاء به شخصية معرض عمّان الدولي للكتاب في دورته المقبلة في أيلول المقبل 2019، والتي تمّ الاستجابة لها في الحفل ذاته على أن يقدّم الاتحاد تفاصيل الاحتفالية في وقت لاحق. أما وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف فتوجّه بالشكر إلى صاحب «وصول الغرباء»؛ لما بذله من أحلام وكتابات وكفاح من أجل فلسطين، إضافة إلى دعمه للكتّاب، مستذكراً تجربته الشخصية معه حين نشر له أولى قصصه القصيرة على صفحات «القدس» التي كان يديرها آنذاك في لندن. واستعاد أمجد في كلمته المقتضبة والمرتجلة علاقته بفلسطين التي لم تبدأ من السياسة كما يعتقد البعض، موضحاً أنه «ما لم تعد نجمة فلسطين إلى وضعها في صدر السماء، وإلى حياتنا كهادٍ، لن تقوم لنا قائمة». بعد ذلك، قدّم عدد من الكتاب شهاداتهم في تجربة أمجد ناصر، وهم جريس سماوي، وإلياس فركوح، ورشاد أبو شاور، ومعن البياري، وحكمت النوايسة، وغسان زقطان، وزهير أبو شايب، وفتحي البس. ليعقبه توقيع مجموعة ناصر الشعرية الجديدة التي تحمل عنوان «مملكة آدم». ويذكر أن يحيى النميري النعيمات المعروف باسم «أمجد ناصر» ولد في الطرة شمال الأردن عام 1955، بدأ كتابة الشعر والانفتاح على الحياة السياسية في الأردن والعالم العربي في المرحلة الثانوية، وبحكم إقامته في الزرقاء، ، تأثر بوضع النازحين الفلسطينيين وأعجب بالعمل الفدائي الفلسطيني الذي انضم إليه بعد تخرجه من الثانوية. وعمل في التلفزيون الأردني والصحافة في مدينة عمان نحو عامين ثم غادر إلى لبنان عام 1977 بعد أزمة سياسية تتعلق بالتنظيم الذي كان منضويا فيه، والتحق في لبنان بإحدى القواعد الفدائية الفلسطينية، محاولا في الأثناء مواصلة دراسته الجامعية في جامعة بيروت العربية، لكنه سرعان ما ترك الدراسة ليتفرغ للعمل الإعلامي والثقافي في الاعلام الفلسطيني، فعمل محررا للصفحات الثقافية في مجلة « الهدف» التي أسسها الشهيد غسان كنفاني وبقي فيها حتى الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت صيف عام 1982، حيث انضم في فترة الحصار إلى الإذاعة الفلسطينية. التحق أمجد ناصر في اطار عمله السياسي بـ «معهد الاشتراكية العلمية» في عدن، حيث درس العلوم السياسية في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في عهد عبد الفتاح إسماعيل، وكما أصدر ناصر العديد من الأعمال الشعرية والروائية وأدب الرحلات وفاز بالعديد بالجوائز على منجزه الإبداعي. أصدر مجموعته الشعرية الأولى «مديح لمقهى آخر» عام 1979 بتقديم من الشاعر العراقي سعدي يوسف، ولاقت صدى نقديا لافتا في الصحافة اللبنانية والعربية، واعتبرها النقاد بشارة على ولادة شاعر ذي صوت وعالم خاصين. رغم انضوائه السياسي والايدولوجي في صفوف اليسار، إلا أن قصيدته ظلت بمنأى عن الشعارية السياسية فعملت على الاحتفاء باليومي والتفصيلي والحسي أكثر من احتفائها بالسياسي المباشر. وقد ظلت هذه الميزة تطبع شعر أمجد ناصر إلى وقت طويل.