" صنّاعة المحتوى بين التفاهة والإفادة "🤔👇

التفاهة ليست أمراً عادياً كما يظن البعض، وإنما تتجاوز ذلك لتتحول إلى مشاكل مُعقّدة، بل إلى مجموعة من المشاكل التي لا يُحمد عقباها, ويجب التفكير في العواقب التي ستخفلّها تلك المشاكل لأن مساحة الحريّة والطرح في مواقع التواصل الإجتماعي واسعة, فبتنا نرى الآلاف من صنّاع التفاهةِ تصدّروا تلك المواقع، ويحصدون ملايين المشاهدات, ويتزاحمون بين طامحٍ بالشهرة، وراغبٌ بالمال، وآخر يريد إفادة المُجتمع، لكن الغريب هنا أنه يوجد الكثير من صنّاع التفاهة وصلت مقاطعهم إلى مئات الملايين من المشاهدات، وملايين المشتركين، وكل ما يقدمونه بإختصار "محتوى يُفسد أخلاق المجتمع", لأنه للأسف أصبح تصنيف صانع المحتوى والمؤثر يُقاس بكمية المتابعين له, وليس بما يُقدم من مادّة ترتقي بمحتوى هادف .
ولقد أصبحنا نُلاحظ في الآونة الأخيرة إنتشار العديد من المسلسلات والمسابقات التي تُعرض على شاشة التلفزيون الأردني وبعض القنوات الخاصّة التي تسيء الى عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا النبيلة, هذا التشويه المُمنهج الذي يَضخُّ كمية كبيرة من التفاهة والهبل والإستهزاء بكل ما هو جميل من إرثنا العظيم, مُعتمدين على ضِعاف النفوس من صُنّاع المحتوى التافه, الذين يتم دعمهم بكافّة الوسائل مُستغلين كميّة المُتابعين لهم لإرسال الرسائل المسيئةِ لتراثنا العظيم لتشويهه بشتى الطُرق, حيث يتم تسخير الإمكانيات الهائلة لإنتاج مُسلسلات ومسابقات لو تم توجيهها بالشكل الصحيح لقامت بخدمة التراث والمجتمع بشكل جيد, ولكن كيف تتم خِدمة الثراث وسط كل هذه الفوضى الرقمية وكل ما هو تافه فيها .
إن اٌلإعتراف بفشل (مشوّح وملوّح) من قبل(عمر الطراونة)أحد أبطال العمل مؤشر واضح على سياسة التخبّط في خوض تجارب فاشلة, ناهيك عن بعض الحُثالة الذين دنّسوا متحف العزّ والكرامة متحف الدبابات الأردني الشاهد على بطولات الجيش الباسل, وعند كمية الردود من المجتمع يتم إيقاف هذا البرنامج على إستحياء دون إجابة مُقنعة, وتبجحت صاحِبة الفكرة بكل وقاحة بأنها من طلب إلغاء العمل لوجود طلب من إدارة المتحف ببعض التعديلات, إن الخوض في أعمال تمسّ التراث يجب التعامل معها بكل أمانة وشفافية, ولو عدنا قليلاً إلى الوراء وشاهدنا مسلسل أم الكروم وبير الطي ودروب الحنا وغيرها التي تحاكي الواقع وتعالج مشاكل إجتماعية, وأعتقد لو أعطي (برد الشفا) محمد السعيديين صانع المحتوى الساخر فرصة لكان أفضل بكثير من العديد من الأعمال التي شوهت تراثنا الخالد لأننا سنضحك من قلوبنا .
إن المُجتمع المسؤول الأول عن إنتشار المحتوى التافه، فالإهتمامات اليومية هي التي تُحدد المحتوى الأكثر إنتشاراً، حيث ترتبط شبكات التواصل بأرض الواقع، وتختار نوع المحتوى الذي يُعرض عليها، فلا تكن مُروِّجا للمحتوى التافه وتساعد على نشره, لأن المنشئ يستهدفك لتكون أداة تروج له, ولأن المُجتمع هو الأساس السليم للتربية وهو الذي يحدد مدى الوعي الذي وصل إليه النّاس في تعاملهم مع بعضهم، ويُلقى على عاتق وسائل الإعلام المختلفة دورٌ كبير بجعل القيم ميداناً من ميادينها, في ظلّ الهَجمة الشرسة التي تسعى إلى تفتيت النسيج الإجتماعي, حيث يتم ضَخّ العديد من القيم السَلبيّة عبرها من خلال مُنظمات غَربية تسعى لتشويه وطمس القيم بشكلٍ ملحوظ، حيث يهدف البعض منها إلى نشر القيم المُخالفة لمُجتمعاتنا المُحافظة وذلك يجعل الأمور تخرج عن السيطرة, لذلك يجب علينا الإجتهاد في توعية الشباب للتمسك بمبادئ الإسلام والأخلاق والحفاظ على القيم النبيلة لمواجهة تلك التحدّيات .
وأخيراً سلامٌ على القلوب الطيّبة والأرواح الطاهرة التي تنبض بالحُبّ ولا ترى إلاّ الجَمال .
قصر الحلابات – الإثنين-017-04-2023