|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
أم الفحم تُكرّمُ الكاتبة عايدة نصراللّه! ...آمال عوّاد رضوان
عاشقة
الصحراء :
أقام نادي الكنعانيّات للإبداع ندوةً أدبيّةً في المركز الجماهيري في أم الفحم بتاريخ 26.6.2021، احتفاءً بالكاتبة الفحماويّة عايدة نصراللّه، وإشهار كتابيْها "أربعون وجهًا لعبداللّه" و "هواجس"، وسط نخبةٍ من حضور المُثقّفين والأقرباء والأصدقاء، وقد تولّت إدارة النّدوة آمال عوّاد رضوان، ورحّب السّيد وجدي حسن جبارين نائب رئيس بلدية أم الفحم بالحضور، وبارك للكاتبة عايدة نصراللّه إنجازاتها الأدبيّة كعَلَمٍ فحماويّ، مشيرًا إلى دوْرها الثّقافيّ وأهمّيّة ما تكتبه وتُدرّسه، وقدّم لها درعًا تكريميًّا من بلديّة أمّ الفحم.
أما د. عبد النّاصر جبارين فقد تحدّث عن أهمّيّة الكلمة برؤاها ودلالاتها ومعناها في حياتنا والوجود، فـ "هواجس" أوّلًا وأخيرًا كلماتٌ، وألفاظٌ، وعباراتٌ، وشطحاتٌ تَجيشُ بها النّفْسُ الإنسانيّةُ (طبعًا بالمعنى الصّوفيِّ وهو معنًى إيجابيٌّ). وكلُّنا فخرٌ وافتخارٌ بما تَنْتِجُهُ المرأةُ العربيّةُ، وبما تَصُوغُهُ تلك الأناملُ بصوتٍ أنثويٍّ له حيِّزُهُ ودَوْرُهُ القائمُ والرّاسخُ بذاتِهِ؛ فالمرأةُ لَيْسَتْ نصفَ المجتمعِ بهذا التّصوُّرِ؛ بل هي (كضمير شأنٍ للتّأكيدِ) المجتمعَ كلَّهُ؛ لأنّها تَرْسُمُ ذاتَها وذواتَها بريشةٍ تَثْوي وراءَها الرّجلَ والمرأةَ، الطّفلَ والطّفلةَ، الولدَ والبنتَ، الشّابَّ والشّابَةَ؛ فَهُنَّ شقائقُ الرّجالِ وقياسًا عليه- كما تذهبُ إلى هذا روحُ اللّغةِ ودلالاتُها وكُثْرٌ مِنَ المفسِّرين- فالرّجالُ شقائقُ النّساءِ.
مداخلة د. نادر مصاروة:
- اليهود ... اليهود... هو ذلك الفلسطينيٌّ الّذي ينتظر أن ترتفعَ معنويّاتُهُ بنصرٍ مُؤزّرٍ، ولو بالكلمات ولو بالشّتيمة ضدّ الظّالمين ص36: " في صلاة الجمعة وفي عزّ الهجمة على العراق، وقفَ الشّيخ يخطب: - اللّهمّ رمِّلْ نساءَهم... اللّهمّ يتِّمْ أولادهم... اللّهمّ... اللّهمّ.... والنّاس وأنا نُردّد: آمين. ارتفعت معنويّاتي... فإذا كان الشّيخُ الفاضلُ يشتم، فمعنى ذلك أنّ هذه هي الطّريق، وهذا هو العلاج الصّحيح فعلًا. خرجتُ منَ المسجدِ أشتم. صلّحتُ حالي وشعرتُ بطاقةٍ غريبةٍ، إذ كلّما شتمتُ أكثر، شعرت بارتخاء وهدوءٍ وسلامٍ، ولم أعرف أنّ الشّتيمةَ قد أدّتْ مفعولَها بالتّمام والكمال، حتّى اتّصلَ بي مُتّصل كلّمني بالإنكليزيّة: Are you Abdu Allah? أجبت بلهفةٍ: yes sir فقال المُتّصل: Thank you Abdu Allah for coursing us, continue in your way. But don’t do much than this” . do you promise? yes sir, I promise to continue to course you شكرت الله على إلهامه: - اللّهمّ يتّمْ أولادهم... اللّهمّ رمّلْ نساءهم... اللّهمّ أجهضهنَّ... اللّهمّ دحرجْ جنودَهم مِن أعلى الجبل... اللّهمّ سلّط عليهم طيرَ أبابيل... إلخ... وأنقذتُ شعبي بهذا الدّعاء". وكان مَن يدعمُ قضيةَ الفلسطينيّين منفذا لتنفيذ غضب عبد اللّه على الظّلم والحرمان ص38: " وفي وقتٍ كانتْ البلدةُ قد عانتْ مِن حرمان الحكومة لها من الميزانيّات، وخرجتِ البلدةُ عن بكرة أبيها، تُطالبُ شارون قبلَ أنْ يتحوّلَ إلى جثّةٍ محنّطة، بالإنصاف وحقّهم بالبول، كما خلق البشر أجمعين. مشى عبد الله في المظاهرة وبدأ يصيح: - يعيش الاتّحاد السّوفييتيّ حملَهُ أحدُ الغاضبين من أحد الشّوارع، احترامًا لكبر سنّهِ قائلًا له: - قول يا شارون برّا برّا... أُمّ الفحم صارت حرّة... وصاح عبد الله: - يا شارون برّا، برّا، روسيا صارت حرّة...". وما زلنا نفتقدُ ذلك القطبَ الّذي كان يقفُ دائمًا إلى جانب الحقّ الفلسطينيّ. وتضعُ الكاتبةُ يدَها على الجرح النّازفِ كلّ يوم، حين تعكسُ مِن خلال سلوكيّات شخصيّة عبد اللّه، ذلك الواقعَ المريرَ الّذي يُعانيهِ الفلسطينيُّ في داخل الدّاخل، تلك الآفة الّتي تقضُّ مضاجعَ النّاس، ألا وهي آفة العنف، التّناقض في المعايير؛ ننبذ العنف ونمارسُه، نعظ الآخرين بألّا يمارسوا العنف، ونُربّي أبناءنا عليه، يُربّي المعلّمُ طلّابَهُ ألّا يمارسوا العنفَ، ولكن يلطم هذا الطّالبَ ويشتمُ ويهينُ ذاك، حتّى بات الأطفالُ يَملّونَ مِنَ الوعظ عن العنف ولا حلّ ص73: " صار عبد اللّه مُعلّمًا، وكان يعلِّم ضدّ العنف، وفي آخر شهرين ركّز عبد اللّه النّاعم على موضوع العنف في المدارس، وأسبابه، ونتائجه، وكلّ ما يخصّ ظاهرة العنف في النّظريّات. ملّ الطّلاب الدّروس المتتالية عن العنف. قال له أحدُ الطّلاب: - أستاذ، كلّ يومٍ نتكلم عن العنف، وكلّ يومٍ يُقتل شابٌ. - ماذا تقصد يا ولد؟ - اسمي أحمد يا أستاذ. - ماذا تقصد يا أحمد؟ - يا أستاذ، شبعنا نظريّات، ونريد حلًّا. قل لنا ماذا نفعل؟ ولنعومةِ عبد اللّه فهو لم يتعوّد أنْ يناقشه أحدٌ أو يجادله، ونسي اسم الطّالب مرةً أخرى: - يعني يا ولد، أنت تشكّك في النّظريّات؟ - أستاذ، قلت لك اسمي أحمد. - أحمد ولّا زفت... المهمّ هذه النّظريّات هي الأساس، لكي يفهم التّنابلة أمثالك. غضب أحمد وعلّق: - أستاذ عبد اللّه، أنا لست ولدًا ولا زفتًا ولا تنبلًا. انتفض عبد اللّه النّاعم، ونسي نعومته، وصرخ في وجه أحمد: - بل تنبل وابن تنبل. همّ أحمد بالخروج من الصّفّ احتجاجًا، فمسكه عبد اللّه من قَبَّة قميصه وقال له: - هل تريد أنْ تعمل من نفسك بطلًا، وشرح شهرين لم ينفع معك؟ نظر أحمد إلى يد الأستاذ الّتي أمسكت قَبَّة قميصه بشدّة وقال: - أرجوك يا أستاذ، اِرفع يدَك عن عنقي. فما كان من عبد اللّه النّاعم إلّا أنّ لطم أحمد على وجهه. قهقه الطّلاب، ليُريحوا أنفسهم من الشّرح. فخرج أحمد، وطرق الباب وراءه بعنف، وعاد عبد اللّه ليكمل الدّرس عن ظاهرة العنف، وعن تأثيرها على المجتمع". وفي موقف آخر ص75 : "وعندما اجتاح العنف البلد، اجتمع الجيران؛ مُثقّفون وغير مُثقّفين، وجّهَ أحد الجالسّين حديثه لعبد اللّه بقوله: - واللّه الوضع مخيف، يعني الواحد منّا صار يخاف على أولاده من كلمة مرحبا؛ لئلّا يُقتَل بسبب "المرحبا". هذا التّناقضُ الصّارخُ في سلوكيّاتِنا يحتاجُ منّا إلى وقفةٍ معَ النّفس، ونقفُ أمامَ المرآة ونسأل: أين الخلل؟ نجحتِ الكاتبةُ أن تعكسَ واقعًا إيجابيًّا أحيانًا، وسلبيًّا في أحيانٍ كثيرة لواقع العربيّ هنا وهناك من خلال شخصيّة عبد اللّه، فهو السّجين المعذّب، وهو المحتجّ على سياسة التّمييز، وهو مدير المدرسة، وهو المعلّم، وهو المتنكّر لماضي أبيه النّضاليّ، ويتقرّبُ إلى الأحزاب الصّهيونيّة لمصلحة معيّنة، وهو الّذي ينافقُ فتراه حسب الموقف، وتراه أيضًا مع الدّراويش، وأحيانًا مع الأحزاب الصّهيونيّة، هو الّذي يربي ابنه على مبدأ "اِسمع وطنّش"، وهو الّذي يشتمُ في ملعب كرة القدم، وهو الّذي يعكسُ صورةَ أشخاصٍ يتبادلون المصالح ص97: "وفي إحدى المرّات كنت عابرةً بالصّدفة من أمام مكتبه، وإذ به يقول لزميل آخر: بتزقّني بزقّك."
أي نفّذ لي مصلحتي الشخصيّة أنفذ لك مصلحتك الشخصيّة. وهو المحاضر، وهو السّكرتير في المدرسة. كثيرةٌ هي أوجه عبد اللّه. لكنني لمست في هذه الرّواية وجهًا مُشرقًا يسير بخطى حثيثة نحو القمّة، ألا وهي الكاتبة نفسها الّتي ما زالت تبدع من كتاب أدبيّ لآخر. أحييك د. عايدة وأشدّ على يديك قدما وإلى الأمام. منذ التّصميم البصريّ للغلاف تنتاب القارئ هواجس ملوّنة بدرجات الأحمر الممتدّ، تنبلج من عتمة سحيقة كعتمة رحم أو فضاء غير مطروق، وفوقها خُطّ عنوان "هواجس" كأيقونة تعادل دلاليًّا أركولوجيا الذات (علم الآثار) الّتي تمارسها الكاتبة عايدة نصر اللّه في قراءة الوجود من حولها، وتحفر عميقًا في انحناءات الذات في واقعها وطيشها ونضجها، ومن خلال هواجس تترجم قلق الحضور في زمن كلّ ما فيه ينبئ بالغياب والتّشظّي والمحو، وتترجم قلق الغياب في زمن الحضور الفائض عن الحاجة. منذ التّصميم البصريّ للغلاف تنتاب القارئ هواجس ملوّنة بدرجات الأحمر الممتدّ، تنبلج من عتمة سحيقة كعتمة رحم أو فضاء غير مطروق، وفوقها خُطّ عنوان "هواجس" كأيقونة تعادل دلاليًّا أركولوجيا الذات (علم الآثار) الّتي تمارسها الكاتبة عايدة نصر اللّه في قراءة الوجود من حولها، وتحفر عميقًا في انحناءات الذات في واقعها وطيشها ونضجها، ومن خلال هواجس تترجم قلق الحضور في زمن كلّ ما فيه ينبئ بالغياب والتّشظّي والمحو، وتترجم قلق الغياب في زمن الحضور الفائض عن الحاجة. (جَاءَ في معجمِ "لسان العرب"، و"تهذيب اللّغة"، و"تاج العروس"، و"المعجم الوسيط" وغيرِها من المعاجم) أنَّ المادّةَ اللّغويّةَ "الهاء، والجيم، والسّين) [هَجَسَ] تحملُ دلالاتٍ مختلفةً. نقولُ: هَجَسَ ويَهْجُسُ ويَهْجِسُ، هَجْسًا، فهو هَاجِسٌ، واسمُ المفعولِ مَهْجُوسٌ. وهُواجِس هي جمعُ "هاجِس". هَجَسَ فلانٌ فلانًا عَنِ الأَمْرِ: رَدَّهُ عَنْهُ. هَجَسَ الأَمْرُ في نَفْسِي: أَيْ خَطَرَ، وظَهَرَ لي باطنيًّا، وخَطَرَ بَبَالِهِ. وَالْهَجْسُ: هو الصّوْتُ الخفيُّ يُسْمَعُ وَلَا يُفْهَمُ. وتأتي كلمةُ "الهَجْسُ" كذلك بمعنى: "كُلُّ ما يَدُورُ في النّفُسِ مِنَ الأَحاديثِ والأَفْكَارِ. تقولُ العربُ: اِشْتَدَّتْ بِهِ الْهَوَاجِسُ: أيْ مَا يَخْطُرُ مِنْ أَفْكَارٍ أَوْ صُوَرٍ بِبَالِ الْإِنْسَانِ نَتِيجَةَ قَلَقٍ أَوْ حَيْرَةٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ شَيْءٍ ما. ونقولُ في كلامِنا الفصيحِ: اِسْتَبَدَّ بهِ هَاجِسُ اللّيْلِ: أيْ ذلك الْخَاطِرُ الّذي يَجُولُ بِبالِ الْمَرْءِ قَبْلَ النّوْمِ وَبِالأَخَصِّ عِنْدَمَا يَكُونُ بِهِ قَلَقٌ أَوْ حَيْرَةٌ.. إِذَنْ... هَيَّا لِنَتَخَيَّل مَعًا ما مقصودُ العنوانِ ودلالاتُهُ. وحينَما نقرأُ الكتابَ نُلاحِظُ أنَّ الكاتبةَ كانَتْ مُحاطَةً بهالةٍ مِنَ الهواجسِ، تَعُجُّ مفرداتُها وحكاياتُه وذكرياتُها بتلكَ الهواجسِ؛ فنراها- على امتدادِ الكتابِ كُلِّهِ، تُعَبِّرُ عنها على نَحْوِ السّذاجةِ، والتّكاسُلِ، والْمَلَلِ، والْهُوِيَّةِ، والرّائحةِ، والصّوْتِ الممنوعِ، والغيابِ، والأشباحِ، والاختيارِ، والنّجاحِ، والّتيهِ، والسّياقةِ، والإشارةِ، والمساواةِ، والاقتحامِ، واللّغةِ، والتّفَرُّدِ، والِانْهِيَارِ، والتّذمُّرِ، والسّياسيِّ، والدّرْوَشَةِ، والصّورةِ، والْهُدِنَةِ، والْقَتْلِ، والأَثَرِ، والْخَوْفِ، والصّدْمَةِ، والْهَمَسَاتِ، والتّأْبينِ، والْمَوْتِ، والْمَنَامِ. كانَتِ الكاتبةُ مُوَفَّقَةً توفيقًا بالِغًا في اختيارِ العنوان. "هواجس"... بما فيه من دلالاتٍ ومعانٍ وإيحاءاتٍ وتكثيفٍ. يرى الباحثُ فوزي الهنداوي أنّ العنوانَ يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ العَتَبَاتِ النّصّيّةِ الموازيةِ المحيطةِ بالنّصِ الرّئيسِ والمركزيِّ، حَيْثُ يُسْهِمُ في توضيحِ دلالاتِ النّصِّ، واسْتِكْشَافِ معانيهِ الظّاهرةِ والْخَفِيَّةِ فهمًا وتفسيرًا وتفكيكًا وتركيبًا. فالعنوانُ هُوَ المفتاحُ الضّروريُّ لِسَبْرِ أغوارِ النّصِّ، والتّعَمُّقِ في شِعَابِهِ التّائِهَةِ، والسّفَرِ في دَهَاليزِهِ الْمُمْتَدَّةِ. كما أنَّ العنوانَ- كتوصيفٍ دي سيسوريِّ وسيميائيٍّ (Semiology Semiotics) هو الأداةُ الّتي يتحقّقُ بها اتِّسَاقُ النّصَّ وانْسِجَامِهِ، وبها تَبْرُزُ مَقْرُوئِيَّةِ النّصِّ، وتَنْكَشِفُ مَقَاصِدُهُ المباشَرَةُ وَغْيِرُ المباشَرَةِ. في ضوءِ ذلكَ يَرَى بعضُ الباحثينَ أَنَّ النّصَّ (Text) هو العنوانُ (Title)، والعنوانُ هُوَ النّصُّ، وبَيْنَهُمَا علاقاتٌ جَدَلِيَّةٌ وانْعِكاسِيَّةٌ، أوْ علاقاتٌ تَعْيينِيَّةٌ أو إيحائيّةٌ، أَوْ علاقاتٌ كُلِيَّةٌ أو جُزْئِيَّةٌ. ثانيًا: اللّغة: وعلى صعيدٍ آخَرَ؛ أَجِدُني أَلْمَحُ في هذا العملِ الإبداعيِّ لغةً (بَيْنَ مُزْدَوَجَيْنِ) لغةً "إدريسيّةً" تُزاوِجُ بَيْنَ الفصيحِ والمحكيِّ، وبَيْنَ الحالِ والمقالِ، ويتماهى فيه هذه المشاهدِ الرّائي والْمَرْئِيُّ، ولا أدري إنْ كانَتِ الكاتبةُ متأثِّرةً بهذا النّمَطِ مباشَرَةً مِنَ القاصِ الفذِّ يوسف إدريس، ولَيْسَ هذا محلُّ للسّؤالِ بِقَدْرِ ما أَوَدُّ أنْ أَلْفِتَ الأنظارَ إليهِ، على الأقلِّ- كمعيدٍ للقراءةٍ. عِنْدَما كانَ يُسْأَلُ يوسف إدريس: لِمَاذا تَكْتُبُ بهذه اللّغةِ (الفصيحة والمحكيّة الْمِصريّةِ) فكانَ يُجيبُ ويؤكِّدُ أنَّه يكتبُ بـ"اللّغةِ الثّالثّةِ" (هكذا أسماها [اللّغة الثّالثّة]) وهي في عُرْفِهِ "لغةُ الحقيقةِ" أيْ تلكَ اللّغةُ الّتي تَعْكِسُ الواقعَ الْمَعِيشَ؛ وبالتّالي تتطابقُ اللّغةُ الفصيحةُ مَعَ لغةِ المثقَّفِ والمتعلِّمِ، وتتطابقُ اللّغةُ المحكيّةُ (ولا أقولُ اللّغةُ العاميّةً) مَعَ لغةِ المواطنِ البسيطِ، مَعَ الفلّاحِ والمزارعِ والعامِلِ والبائعِ. كما أنّها- كما يؤكِّدُ كثيرٌ مِنَ الباحثينَ- لغةٌ تَرْسُمُ تفاصيلَ المجتمعِ بكلِّ ملامحِهِ وتجلّياتِهِ وبكلِّ أطيافِهِ وشرائِحِه. وكذلك- أَجِدُني أَتَحَسَّسَ فيما وَظَّفَتْهُ الكاتبةُ في هذا العملِ الأدبيّ. ليس ها هنا المجالُ للحديثِ تلكَ السّجالاتِ والخلافاتِ بَيْنَ أنصارِ الفصيحِ والمحكيّ، ولكنّي- كقارئٍ وكباحثٍ- أَنْظُرُ إلى النّصِّ كما هو محاوِلًا وَصْفَهُ بشكلٍ موضوعيٍّ وذا صلةٍ وارتباطٍ.
وكذلك- أَجِدُني أَتَحَسَّسَ فيما وَظَّفَتْهُ الكاتبةُ في هذا العملِ الأدبيّ. ليس ها هنا المجالُ للحديثِ تلكَ السّجالاتِ والخلافاتِ بَيْنَ أنصارِ الفصيحِ والمحكيّ، ولكنّي- كقارئٍ وكباحثٍ- أَنْظُرُ إلى النّصِّ كما هو محاوِلًا وَصْفَهُ بشكلٍ موضوعيٍّ وذا صلةٍ وارتباطٍ. إنّها كلَّها قُبَّعاتٌ يَعْتَمِرُها المرءُ مِنَّا في المجتمعِ، كلٌّ مِنَّ، وتُصِرُّ الكاتبةُ (بالصّاد) وتُسِرُّ (بالسّين) على هذا الموقفِ؛ إذْ لَمْ تَعُدِ اللّغةِ بألوانِ ذواتِها وشخوصِها حياديّةً. إنّها قُبَّعاتٌ مِنَّا مَنْ تكونُ سَجِيَّةً لَهُ، مِنَّا مَنْ تكونُ بإرادتِهِ، مِنَّا مَنْ تكونُ رَغْمًا عَنْهُ، ومِنَّا مَنْ تكونَ تَكَلُّفًا منه؛ لِيَتَماشَى مَعَ هذا التّيّار أو ذاكِ؛ فيَرْقُصَ على كُلِّ دُفٍّ، ويَعْزِفُ على كُلِّ قيثارةٍ. أتساءَلُ- كباحثٍ- أهيَ مُسْتَقاةٌ مِنْ نظريّةِ "قُبَعَّاتِ التّفكيرِ السّتّ" (Six Thinking Hats) لإدوارد دي بونو (Edward de Bono) أمْ هي (في منظورِ الفكرِ الصّوفيِّ) حالةٌ مِنْ حالاتِ التّجلّي؛ الّتي تطمحُ إلى التّخَلِّي على أَمَلِ التّحَلِّي؟! أمْ هي (مِنَ منظورِ الفكرِ الاجتماعيّ والإنثروبولوجيِّ الخلدونيّ [ابن خلدون]) حالاتٌ لا استقرارَ فيها، كَشَأْنِ الذِّكرياتِ الْمُتَأَرْجِحَةِ والْمُتَأَجِّجَةِ؛ شَأْنِ كلِّ قلبٍ خافقٍ، وكلِّ إنسانٍ حالِمٍ. إنّها حالةُ ارتقاءٍ يُقابُلُها تَرَدٍّ، حالةُ صُعُودٍ يُقابلُها انْكِسارٌ وانْحِدارٌ، حالةٌ تمَدُّنٍ وتَحَضُّرِ وَرِقَّةٍ وتُقابلُها قَبَلِيَّةُ وَوُعُورةٌ وَخُشُونَةُ؟ أسئلةٌ وأخرى- لا يتّسعُ المجالُ لذكرِها إِذْ لا نَبْتَغي مِنْها الإجابةَ بِقَدْرِ ما تتدافَعُ فينا المشاهدُ تِلْوَ المشاهدِ في هذا العملِ الأدبيّ.
الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الخميس 01-07-2021 10:46 مساء الزوار: 428
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
الكاتبة هديل المغربي توقع كتابها الجديد ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 18-08-2023 |
منتدى البيت العربي الثقافي يكرم ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 18-06-2023 |
تكريم الكاتبة السهيل في احتفالية مكتبة ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 29-03-2023 |
الكاتبة اللبنانية الخليلي تناقش روايتها ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 25-03-2022 |
الكاتبة هدى الأحمد توقع كتابها «مسنا ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 12-02-2022 |
اتيليه الاسكندرية يحتضن تجربة الكاتبة ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 21-02-2020 |
الكاتبة سارة أبو مرجوب توقع باكورة ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 25-04-2019 |
اتحاد الكتاب يستضيف الكاتبة السورية مريم ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 18-04-2019 |
أمسيةٌ أدبيّةٌ قرمانيّة في الناصرة! بقلم ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 12-02-2019 |
بقلم الكاتبة حنان شبيب مقالة بعنوان ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 27-12-2018 |
الكاتبة سارة السهيل تشارك في ندوة ... | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 04-10-2018 |
تكريم الكاتبة منال الحسبان في القاهرة | المهرجانات والامسيات والمؤتمرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الإثنين 25-09-2017 |