«عتبات غائبة»، «القصيدة تمسك أنفاسها»، «شقوق»، «باب القرنفل»، «لست من هذي المدينة»، «تفاصيل ناعسة»، «الأغاني واقفة».
«خرب داخلي
وفؤادي ضرير
لم اعد أتحمل عبء البكاء
لان المرايا تشوهني
إنني جسد آخر
وروحي تراب فقير»
منذ سنين وهو يعرف أن الكلام مقام البكاء، فراح يكابد الحروف حتى تستقيم في وعي الشعر، وتتناسل القصائد من بين أصابعه تارة، ونثرا تارة أخرى.
في إصداره الجديد «كتاب الخزامى» يدهش مكاوي من يقصّون اثر شعره، فيرسم لوحات من الإحساس الذي يتجاوز كل مفاتن القصيدة الومضة :» الخطيئة تتبعني.. كظلالي.. وتقضم غيم يداي.. وتمحو غلالي.».
يذهب مكاوي في فضاء رحب، يلاحق مشروعا كالحلم يزهر كلما غاب في قصائد ينسجها من غلال الغياب، وصناديق الحزن : « أيها العمر تمضي..دون أن أكمل دورة الحزن فيّ..أيها العمر تمضي مثل طعم الشتاء..على معطف السرو..وحين يمر عاشقان على مفرق الشيب ..ابكي..فرحا.. أو من الذكريات تعذبني..تطعنني.. بالغناء الحزين .. أيها العمر.».
يتعامل مكاوي ببساطة مدهشة مع النغم والموسيقى التي تبدو غير واضحة او قد انفلت من عقالها، فتعتقد انك للحظة ما انك امام شاعر لا يهتم بهذه الجماليات او الفنيات التي يلهث خلفها الشعراء كي يقنعوا قراءهم بشعرهم، ولكنه وسط هذه البساطة النادرة يكشف عن رؤية معقدة تحتوي على حس أصيل بالتناقض الجوهري في هذا العالم، فتضج تناقضات الغربة، الحب والكراهية، والنور والظلام، والعقل والجنون، والحياة والموت،  وهو يمتلك هذا الحس الإنساني المرهف الذي يوحي بتكوين أخلاقي يرتكز على أسس فلسفية، ولكنه أيضا يتمرد على المواضعات، بل يكسر صلابة الرؤية التقليدية، ليضع رؤيته الخاصة للأشياء.
يقول الناقد نضال القاسم عن مشروع مكاوي: « أن طارق لديه مشروع شعري قادر على رسم ملامحه بشكلْ مكتمل ، فهو يمتلك خصوصية في الكتابة تفرده عن كثيرين وكثيرات من أبناء جيله ، فلديه وعي جمالي شديد الحساسية والتعقيد ، كما أن استخدامه للغة في تحقيق الصورة يتميز بالتجديد والابتكار ، فحينما تقرأ نصوص طارق مكاوي فإنك تكاد ترى المشهد أمام عينيك.. كما أن طارق يمتاز بالاختلاف في رصد تفاصيل الواقع وإعادة تقديم مفرداته وفق رؤيته الخاصة ويقدم تجربة جديرة بالقراءة والاشتغال النقدي.»
ويضيف القاسم ان مكاوي في مغامرته من أجل إيقاع أكثر سعة تجاوز الأوزان الشعرية وانتقل إلى إيقاع النثر: باحثاً عن شعرية ، تتجاوز المفهوم التقليدي للشعر ولا تستمد شعريتها ، كليةً ، من الوزن والقافية وحدهما ، بل من عناصر شعرية متعددة ، يسعى الشاعر إلى تحريكها بطريقة حية وبكثافة استثنائية ، وتتسم قصائده بقوّة التكثيف وجماليات الصورة الشعرية التي يهندسها بحرفية وحنكة الشاعر المبدع.. ويسجل له زهده بالبحث عن أساليب جديدة ، فهو غير منساق وراء الهم الشكلي المحض ولا يريد ابتداع (أشكال) مغايرة ، كما أنه غير ملتزم بإيقاع الرواد الذي يعني بالضرورة احترام الأوزان والمحافظة على القوافي.
دأب مكاوي على تطوير أدواته الشعرية  حتى بلغ ذروة شعرية سامقة في ديوانه «كتاب الخزامى» الذي يبهرنا بقصائده  . ونلاحظ أنه يستعير فيها دموع الحياة بتفاصيلها المختلفة والموجعة، 
كثيمة الاغتراب والحزن والموت والحب والكره التي تشيع في هذا الديوان وغيره من دواوينه،