«الرواد الكبار» يقيم الملتقى الأدبي «المجازر الإسرائيلية في الرواية العربية»
عرار:
نضال برقان تضامنا مع الأهل في غزة، أقام منتدى الرواد الكبار، الملتقى الأدبي بعنوان «المجازر الإسرائيلية في الرواية العربية»، شارك فيها كل من الباحث نواف الزرو، والروائي أحمد أبو سليم، والدكتور محمود السلمان، الدكتورة رزان إبراهيم، الدكتورة دلال عنبتاوي، الصحفية غادة الشيخ، وأدار الجلسات القاصة سحر ملص، الدكتورة صبحة علقم. تحدث المشاركون عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي غزة، على مرأى ومسمع من العالم. وعبر شاشات التلفزيونات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين على أن ما يحصل في غزة هو «إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني». واستعرض المتحدثون روايات تناول المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، مثل مجزرة دير ياسين وصولا إلى مجزرة صبرا وشاتيلا، مبينين أن الفلسفة الصهيونية التي تقف وراء استهدافه للأطفال والنساء بالقتل الجماعي، تنفيذا ما جاء في التراث التوراتي الدموي العريق في القدم، وبين فكرهم اليوم، فما زالت هذه العلاقة قائمة. وقد افتُتح الملتقى بقراءة الفاتحة والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء ثم ألقت نائبة الرئيسة نبيلة القريوتي نيابة عن مديرة المنتدى هيفاء البشير، كلمة قالت فيها: يأتي «طوفانُ الأقصى في تشرين، بعدَ خمسة وسبعين عاماً، يُبشِّرُ بالنصّر، ويُشرِقُ من القدسِ والضفّةِ الغربية، حيثُ مريمُ العذراء تهُزُّ النّخلَ الذي حانَ قطافُه، وتبزُغُ الثورةُ الكُبرى؛ طوفانُ الأقصى في مَسرَى رسولِ الله مُحمّد عليه السلام، يُطهِّرُ الأمّةَ من الوَهنِ والفُتور»، مؤكدة على أنَّ دمَ الغَزيّين أطفالاً وشيوخاً عرفَ طريقَ الخُلودِ فَسَال. وأضافت: أيُّها العَرب، لِمَن الجُيوش؛ عَتادُها وعَدِيدُها إنْ لَم تُبادِر لِلقتال؟ هناكَ أوراقٌ عربيّةٌ مُعطّلة، يجبُ أن تتكاتَفَ الأمَّةُ لحَلِّ القضيِّةِ الفلسطينية... فقَد جَبُنَت أمريكا، واهتَزَّ الغَرب، فشُعوبُ الأمَّةِ أصبَحَت جَمراً، وأضحَى المجدُ اليومَ للصاروخِ والنَّفَق، يومَ أذهَلَ الغَزيّون الدُّنيا بِما فَعَلُوا... يا أهَلَ القطاعِ مآثِرُكُم ترتَسِمُ في الرُّوحِ وأحداقِ العيُون، كما نرفُضُ توصيفَ حرب إسرائيل بأنّها دفاعٌ عن النّفس، فهِيَ دولةٌ باغِيةٌ مُحتلَّة. نرفُضُ التهجِير... نرفُضُ الفَصلَ بينَ غَزَّة والضّفَة. وأشارت إلى أن الصهيونية العالمية تفننت في مجازر الإبادة للشعبِ الأبِيّ، مُحمّلةً بالحقدِ التاريخِيّ لثُلَّةٍ من اليهود الصهاينة الحاقدين على البشرية، والمُتعالِين على الناس، بِدَعواهُم الكاذِبة أنَّهم شعبُ الله المُختار... إذْ أنّه لا تجِفُّ دماءُ شهدائِنا في أرض فلسطين حتى يقومُ الصّهاينة بإشعالِ حربِ إبادةٍ واعتقال، وهدمِ بيوتٍ وقُرى، نافِثِينَ حِقدَهُم على شعبٍ أعزل، يُطالِبُ بأرضهِ وحقّهِ في الحياة. وأكدت أن معركة غزة هي معركةُ العقيدَة، ومعركة الوطنِ الذي لا يتّسِعُ إلاّ لِنَحن، غزّة تحتضِنُ أُسُودَ النِّزالِ والتّحرير، وبُدُوراً في عتمَةِ اللَّيل، غزّة النّصر بِدءًا بسِفرِ الخَلاص، تكتُبُ بِالدّمِ والدّمعِ والثّكلِ والصّبرِ والعَزمِ والحَزم جُذُورَ الثّبات، تُوقِظُ أمَّتَها من السُّبات بلا انْحِناء، وبلا رايَةٍ بَيضاء... وبلا رايَةٍ بَيضاء. فدِماءُ أهلِها ومُواطِنيها من النّساءِ والأطفالِ والشيوخ قُرباناً للمُقاوَمة، ولكن الغُبنَ ليسَ فقط أنَّ دماً نَزَف، وأنَّ كَرامةً تُستَباح، فالدَّمُ النازِفُ يفضَحُ المُتخاذِلِينَ والمُتآمِرينَ والصّامِتين. اشتملت الندوة على جلستين الأولى تحدث فيها كل من: الباحث نواف الزرو، د. محمود سلمان، والروائي أحمد أبو سليم، وأدارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص. قال الباحث نواف الزرو: لقد أصدرت مجموعة من كبار الحاخامات في إسرائيل فتوى تبيح لجيش الاحتلال الإسرائيلي قصف التجمعات المدنية الفلسطينية، بدعوى الرد على إطلاق الفلسطينيين للصواريخ على البلدات الإسرائيلية، وكان لـ «رابطة الحاخامات أرض إسرائيل»، إرث من الفتاوى ضد المدنيين الفلسطينيين؛ ووصل الأمر إلى إصدار احد الحاخام إسحاق جينزبرج، وهو أحد مرجعيات الإفتاء، كتاباً بعنوان «باروخ البطل»، تخليداً لاسم باروخ جولدشتاين الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994 والتي قتل فيها 29 فلسطينياً أثناء أدائهم صلاة الفجر، وأفتى بعض الحاخامات بأن جولدشتاين بعد تلك المجزرة صار «قديساً». وأضاف الزرو إن هذه الفتاوي هي بعض من فيض هائل من الفكر والثقافة والأدبيات الصهيونية التي تدرس في مؤسستهم التعليمية وخاصة المدارس الدينية اليهودية والتي تدعو بعبارة واحدة إلى «إبادة العرب العماليق-وهنا يقصدون الفلسطينيين». فيما تحدث د. محمود السلمان صاحب رواية «مأساة في طيرة حيفا- شهادة وجدانية»، قائلا إن «قصة رواية (مأساة في طيرة حيفا)، التي كتبتها في العام2006، وهي قصة واقعية حدثت لعائلتي وصغتها بأسلوب أدبي، فكانت ما بين العمل الروائي والتوثيقي. كانت نموذجا لتحويل الواقعي إلى خيالي مؤسس على جذور واقعية. في هذه الندوة سنتحدث عن القصة الواقعية كما شاهدت أثرها بعيون الوالد والوالدة وكل من ولد هناك. قصة تبعت بروايتي لقاء البحر، فقد كان الحدث ملهما للخيال الصادق الذي ساد الرواية. فلسطين الفكرة والوطن والمأساة، كانت حاضرة بقوة أيضا في هذا العمل الروائي، كما كانت حاضرة في مأساة في طيرة حيفا». بينما تحدث أحمد أبو سليم عما تحمله روايته «يسن»، من تاريخ للمجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني قائلا: إن للمتتبع لتفاصيل المجازر الصهيونية سيلاحظ أنها تستند في كثير من التفاصيل إلى العهد القديم المليء بمشاهد القتل والذبح والسبي، وبقر البطون، وعقر حتى الحيوانات، وسرقة كل ما يمكن أن تقع عليه الأيادي، لذلك أردت في رواية (يس) إعادة فلسفة مفهوم المجزرة، ما الذي يريد الكيان الصهيوني أن يورثنا إياه من خلال اقتراف كل هذه المجازر. وخلص أبو سليم إلى أن أهداف اليهود هو «أن يستولوا على أرض فلسطين، ويريدونها أرضا بلا شعبها، فذهبوا إلى المجازر، وعمموها، بل إنهم في دير ياسين استعرضوا الأسرى في الأحياء اليهودية على الطريقة الرومانية... واستعرضوا الأَسرى: نساء، ورجالاً، وأَطفالاً في موكب رومانيٍّ تاريخيٍّ، أَمروهم بالصُّعود إلى الشَّاحنات، داروا بهم في الأَحياء اليهوديَّة في القدس، وفي المستعمرات، ثمَّ عادوا بهم إلى دير ياسين، قتلوهم، وأَلقوا بجثثهم إلى البئر». في الجلسة الثانية التي أدارتها الناقدة الدكتورة صبحة علقم تحدث كل من الدكتورة رزان إبراهيم، الدكتورة دلال عنبتاوي، الزميلة غادة الشيخ، حيث استعرضت علقم في البداية قصة حياة الروائية هبة أبو ندى التي استشهدت في العدوان على غزة 20/10/2023، حيث كانت تنقل أبو ندى تفاصيل ما يحصل من مجازر في غزة حتى كانت هي نفسها إحدى ضحايا هذه المجزرة. من جهتها تحدثت رزان إبراهيم عن «صورة غزة في منجز عاطف أبو سيف السردي»، قائلة عندما نحكي عن غزة، فنحن نحكي عن مدينة شهدت أكبر وصول لقوافل اللاجئين بعد حرب عام 1948، عن مدينة وجدت نفسها مركزا للصراعات، وكانت لها مساراتها الفارقة بعد الانتفاضة الأولى والثانية. وأضافت إبراهيم: تظهر غزة بأطفالها وشبابها الذين جوبهوا بحملات قصف إسرائيلية وحشية حرقت الأخضر واليابس فيها، وخطفت أحلامهم قبل أن تستوي الشمس في السماء، وهي غزة التي وجدت نفسها على مدى سنوات مهملة مع حصار لم يجد لنفسه سبيلا سوى أنفاق لها حكاياتها الخاصة. فيما تحدثت الدكتورة دلال عنبتاوي عن رواية «غزة 87 للكاتب يسري الغول»، قائلة تحمل رواية «غزة 87»، الملامح الثلاثية التي غيرت مجريات القضية الوطنية والمجتمعية في ذلك الوقت إلى حالة أكثر التهابا ومقاومة والذهاب لمرحلة «غزة تخفي وجهها بالكوفية»، مبينة أن الكاتب استطاع بذكاء الحبكة والسرد الروائي من عرض الحالة الفلسطينية، ومن وصف الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمخيم وللعمال الفلسطينيين العاملون آنذاك في الداخل الفلسطيني المحتل. وأشارت عنبتاوي إلى أن «رواية غزة 87»، وهي واحدة من الروايات التي كتبها الروائيون الفلسطينيون محاولين من خلالها فضح هذا المحتل والكشف عن وجهه البغيض وممارساته الحقيرة البعيدة كل البعد عن الإنسانية من أجل السيطرة على غزة وأرض فلسطين كل فلسطين، حيث يحكي الروائي في روايته هذه عن ممارسات اليهود الصهاينة ضد أهل غزة. فيما قدمت الزميلة الصحفية غادة الشيخ شهادة عن والدها «ابن غزة»، الذي عرفها على غزة التي لم ترها ولم تعرفها إذ أنها قالت لم يسبق لي أن كنت في غزة، لكنني حفظتها عن ظهر قلب، من والدي رحمه الله... الذي ما زال يدهشني رغم غيابه، هذه الشخصية الأسطورية مثل الصفة الملتصقة بالشعب الفلسطيني في غزة، الشعب الأسطوري... ومع أنني لم يسبق لي يوماً أن كنت في غزة، لكنني حافظة لشطها ولحركات أمواجها وزرقة البحر وزوارقها.. أنا التي في كل معركة تخوضها المقاومة أفتخر أنني ابنتها، لكنني رأيتها في السابع من أكتوبر الذكرى التاسعة لوفاة أبي!